* 400 مسابقة للقرآن احتفالا بسيدى رمضان * اعلان الخطوبة ليلة السابع والعشرين.. والنساء يقتنين الجبة والقفطان
بحفاوة شديدة ومحبه خالصة تستقبل تونس الخضراء شهر رمضان المبارك، وتغمر التونسيين مشاعر الفرح والسرور والتعظيم والقدسية لهذا الشهر الفضيل، حتى إن جيل الأجداد كانوا إلى زمن قريب يضيفون لقب السيادة للشهر الكريم لا يقولون شهر رمضان، إنما (سيدي رمضان )، فهو شهر العناية بالعبادات وحسن المعاملات وشهر موائد الافطار المنتشرة في كل البلاد.
وكما تقول ثريا شعبان الدسولي خبيرة التراث بدولة تونس فإن استعدادات الشهر الكريم تبدأ قبل أيام من قدومه، فتفوح في تونس رائحة البخور والعطر العربي والأصالة ..وتتزين الشوارع والمساجد وتنشط الحركة التجارية في الأسواق، فشهر رمضان يحتل مكانة روحية عظيمة في كل الولايات والقرى والنجوع التونسية، كما تتلألأ الجوامع في كل المدن بالمصابيح والأنوار، وتصدح المآذن بتلاوات خاشعة للقرآن الكريم يؤمها أئمة من خريجي جامعه الزيتونة وتنظم فيها ما يزيد علي 400 مسابقة لحفظ القرآن الكريم في مساجد البلاد لعل أشهرها المسابقة الدولية لحفظ القرآن الكريم ، وتتزين واجهات المقاهي ،وتزيد الحركة والحياة في أجواء من المشاعر الدينية العميقة والاحتفالات الخاصة بهذا الشهر الكريم. ويتميز شهر رمضان المبارك بمظاهر كثيرة ومتنوعة، فهو موعد لنثر الخير والتآزر وصلة ذوي القربى وإعالة المحتاجين والتبسط بالكرم والسخاء، وقبل مقدمه تطلى القباب والمساجد ويتجدد سجادها وحصيرها وتكثر بها المصاحف لتلبي حاجة المصلين التي تمتلئ بهم المساجد الكبرى والصغرى والزوايا، خاصة المسجد الكبير، مسجد الزيتونة، ومسجد عقبة ابن نافع في مدينه القيروان، ويقام بها الليل ويحرص كل فرد على ختم القرآن الكريم لمرة على الأقل، وتزدحم المساجد في صلاة التراويح وتكثر الأدعية ولطيف الأمنيات فكل يأمل «شهية طيبة» لغيره قبل الإفطار و«صحة شريبتك» بعد الإفطار، وتجمع السهرات الرمضانية بين العبادة والروحانيات والمتعة والترفيه، ولكل ما يريد، حيث يحظى شهر الصيام لدى مختلف فئات المجتمع بقداسة. وتستعد الاسر التونسية لاستقبال رمضان بشكل احتفالي حيث تحرص السيدات على تجديد مستلزمات المطبخ وتهيئة المنزل كل عام وشراء الملابس التراثية، كما يحرص الرجال على ارتداء الجبة بأنواعها «السواكي» او «السكروده» أو «الخمري» أو الصوف أو الحرير أو غيرها وتتفاوت حسب مقامات اهلها وطبقاتهم وتظهر «الشاشيه التونسية» على رءوس الرجال بكثرة في هذا الشهر الكريم مع مشموم الياسمين أو الفل، خاصة إذا كان الشهر المبارك حل في فصل الصيف، وتحرص النساء على اقتناء الجبة والقفطان والجلباب، ومنذ اليوم الأول لهذا الشهر الكريم تأخذ مائدة الإفطار صبغة خاصة وتعد في هذه الايام اطباقا من اشهى المأكولات التونسية، أبرزها شربة الفريك والبريك مع المحافظة على العديد من العادات والتقاليد التي اقترنت بشهر رمضان المبارك وتحضير الحلويات الخاصة به فتاتي الرفيسه والمسفوف والزلابية والمخارق والمقروض في صدارة الحلويات لرمضان ويتفنن الخبازون في صناعة الخبز فيضيفون عليه حب السمسم وحبة البركة وتتنوع أشكاله مع خبز الطابونة والملاوي، كما تحرص المرأة التونسية على تبادل إطباق المأكولات والحلويات مع جيرانها طوال الشهر إلي حلويات العيد .. وتشدو ليالي رمضان بالموسيقى والمالوف التونسي والإنشاد الديني والطرق الصوفية المنتشرة منذ القدم باعتبارها أحد الروافد البارزة للتراث الموسيقي التونسي، حيث تتميز العديد من السهرات الرمضانية بإقامة الحفلات والمهرجانات وإحياء ليالي مدينة تونس بحلقات الإنشاد والمدائح والأذكار في المساجد والزوايا ومقامات الاولياء والصالحين المنتشرة في كل التراب التونسي، والتي تلقى إقبالا شديدا في الشهر الكريم . وتتبرك الأسر التونسية بشهر رمضان فيتم تنظيم حفلات الخطوبة للراغبين في الزواج وتخصص ليله السابع والعشرين من رمضان لتقديم ما يعرف ب «الموسم» وهي عبارة عن هدايا يقدمها الخطيب الى خطيبته كعربون محبه وتوثيقا للصلة والقرابة بين الأصهار ،كما تنظم سهرات دينية تحييها فرق الاناشيد الدينية المسماة «سلامية» وهي فرق متخصصة في الانشاد الديني والصوفي وتمجيد الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام.