تمخض الجمل فولد فأرا هذا المثل الشهير يتردد حاليا علي لسان كثيرمن عشاق المطربة الكبيرة أصالة بعد سماعهم ألبومها الجديد شخصية عنيدة,والذي جاء بعد غياب دام لأربع سنوات من ألبومها السابق نص حالة, وكأن لسان حال هؤلاء العشاق لصوتها الطربي الأصيل يقول إنه مخيب للآمال, بايقاعه السريع في غالبية الألبوم الذي لم يرضي طموح شريحة كبيرة من جمهور المطربة السورية التي تعتبرها رمزا واضحا للأصالة والمعاصرة معا. أصالة تخلت في ألبومها الجديد عن أصالتها المعهودة واكتفت بالمعاصرة فقط, حيث غلب علي الأغنيات الريتم السريع الذي يتناسب مع المراهقين ورقصات الديسكو والملاهي الليلية, ولا يتناسب أبدا مع جمهور كان ينتظر منها بعد غياب تلك السنوات العجاف عمل يليق برونقها الغنائي المعروف, حتي يروي ظماأهم بعد طول جفاف, لكنه جاء بأسلوب الأغاني الشبابية علي غرار أغاني الحمار والعنب والحنطور وصباع الزنوبة, ويبدو أن نجاح حفلها الشهير في الأوبرا علي المسرح المكشوف مع فرقة وسط البلد أصابها بدوار الشعبية الزائفة وظنت أنه يمكنها أن تتخلي عن أصالتها الغنائية ووقارها وترتدي الجينز وتغني بايقاعات صاخبة كي تقترب من صغار السن مثلها مثل اللاتي لا يملكن أي مؤهلات صوتية بقدر مايملكن إيماءات وحركات مثيرة تخاطب الغرائز, ونسيت أصالة أنها قدمت من قبل أغنيات إيقاعية وسريعة لكنها لمست شغاف قلوب وآذان الكثيرين بما كانت تحمله من مضمون قوي وجمل لحنية ما تزال عالقة في ذاكرة عشاق الفن الطربي الأصيل, تضمن ألبوم' شخصية عنيدة'10 أغنيات تكررت فيها كثير من المفردات بشكل ملحوظ منها علي سبيل المثال كلمة' قلبي' التي تكررت وحدها فقط12 مرة, وكلمة' هنسي أوهنساك' استخدمتها8 مرات, ولم يثمر تعاونها مع الشاعر الجميل أيمن بهجت قمر في أغنية' أساسي' التي لحنها أحمد صلاح حسني موضة الألبومات هذا الموسم وتوزيع طارق مدكور عن أي نجاح يذكر, بل جاءت الأغنية أقل من العادية وتشبه لون سميرة سعيد الغنائي- إلي حد قريب- والذي قدمته من حوالي7 سنوات والذي سجلت من خلاله نجاحا ملحوظا يضاف إلي رصيدها الغنائي من اللون الشبابي, وربما يبدو ملحوظا أن أصالة هنا وعبر هذا اللون الشبابي قامت بتقليد طريقة' الديفا' سميرة في الغناء في مقطع' إيه يا سيدي إيه.. في إيه.. رأيي وأنا حرة فيه', أما أغنية' كبرتك علي سيدك' والتي تتباهي بها المطربة الكبيرة وكأنها فتحت عكا فهي بعيدة تماما عن نهجها الغنائي, وكلماتها لا تتناسب مع مطربة معروفة بالرصانة, فبدت وكأنها في وصلة' ردح' تصلح أن تقال علي لسان رجل شعبي إسكندراني- وليس حتي امرأة- أو ينتمي للحي الشهير في قلب القاهرة والمعروف بجمهورية شبرا من فرط شعبيته وهو حيث الرجل في هذا النوع من الردح بالمعروف الذي أسداه لواحد من أصحابه لكنه قابله بالانكار أو الندالة. أما أغنية' أنا حبك' التي تتكلم علي لسان رجل ففكرتها ليست جديدة وسبق وقدمتها أنغام في أغنية' احبك وحشتيني' منذ حوالي6 سنوات وكانت فكرة جديدة وغريبة في حينه في أن تكون لغة الخطاب علي لسان رجل, ورغم أن أصالة ظهرت في صورة غلاف الألبوم ب' لوك' مختلف حيث ارتدت فستانا أزرق حمل توقيع المصمم اللبناني' نيكولا جبران', مطوق بحزام معدني عند الخصر, وأضافت علي كامل يدها اليمني وكتفها أساورمن ذات المعدن في إشارة- علي مايبدو- إلي أنها امرأة ذات قبضة حديدية إلي أنها شخصية عنيدة- عنوان الألبوم- إلا أن كل أغنياته العشر جاءت بعيدة تماما ولاتعبر بالضرورة عن هذا اللوك, فكلمات الألبوم تبدو أصالة في أدائها متصنعة لرومانسية حالمة, أو' دايبة' من الشوق واللهفة في حالات الحب والهجر, لكنها بدت مشاعر زائفة, ناهيك عن أغنية' الردح' التي حملت إسم' كبرت علي سيدك', لكن من كل الأغنيات تأتي أغنية' شخصية عنيدة' حيث يمكن القول باطمئنان أنها: أقوي وأجمل ما في هذا الألبوم,يليها أغنيتي' معقولة سابني',و'بناء علي رغباتك'. عموما وعلي مستوي الشكل وليس المضمون' شخصية عنيدة' بفستانه الأزرق الجميل الذي ظهر علي غلاف الألبوم, يحسب لأصالة فيه أسلوبها التي التزمته في الغناء وابتعدت فيه لأول مرة عن الصراخ والجنوح صعودا نحو منطقة الجواب في صوتها, حيث التزمت الطبقة الوسطي من صوتها في بساطة وسهولة بشكل جعلنا نتجاوز ركاكة معظم الكلمات, واستنساخ غالبية الألحان, وهناك نقطة أخري مضيئة في الألبوم يجدر الإشارة إليها وهي التوزيع الجيد الذي قام به مجموعة الموزعين الذين أضافوا الكثيرعلي الألحان وكانوا عناصر القوة والإبهار منهم اللبناني هادي شراره الذي تتعاون معه لأول مرة, نادر حمدي,أحمد إبراهيم, حسن الشافعي, طارق مدكور, أسامة عبدالهادي.لكن يبقي الألبوم في مجمله يليق بمطربة شابة لاتملك لمعان الموهبة بقدر ماتملك قدرة علي الحركة والإثارة علي المسرح بايقاعات صاخبة تغازل المراهقين, وليس مطربة في حجم اصالة صاحبة الأداء والإحساس الراقي الذي امتع الذائقة العربية بعذب الأغاني. أصالة مطربة وبلاشك تمتع بصوت قوي يمتاز بالعذوبة لكنها تفتقد للملحن الذي يفهم طبقات صوتها كي يظهر أجمل ما فيه, لهذا نهمس في أذن مطربتنا الكبيرة بقدر من العتاب المحبب ونأمل منها العودة فورا للموسيقار الكبير محمد ضياء الدين صاحب أهم بصمة في مشوارها والذي بني مجدها الفني وقدم لها أهم الأغنيات في مشوارها الفني مازالت علامات بارزة تعيش عليها أصالة حتي الآن في حفلاتها الحية, فمن منا ينسي لهذا الثنائي' كتبتك,صوت الساعات,شئ يرجع لك,يا مجنون,يمين الله,مابقاش أنا,لتاني مرة,لما جت عينك في عيني وغيرها من الروائع التي نفتقدها من أصالة هذه الأيام. ناقد