حملت زيارة حفتر للقاهرة يوم الإثنين 15 أبريل وتفتيش الحرب الذي شهده الرئيس السيسي القائد الأعلي للقوات المسلحة بقاعدة محمد نجيب بالمنطقة الشمالية العسكرية يوم الثلاثاء 16 أبريل مجموعة من الرسائل لأطراف مختلفة. فوصول حفتر إلي القاهرة ومعركة تحرير العاصمة الليبية طرابلس مازالت رحاها تدور بين المتقاتلين ما يؤكد أن المعركة تمضي وفق الخطة، وأن غيابه لساعات لن يؤثر علي مسيرتها أو انطلاقها نحو أهدافها. أي أن الرسالة تؤكد ثقة القائد حفتر في النصر وقدرته علي تطهير كل غرب ليبيا من الإرهابيين والمتعاونين معهم وعلي رأسهم السراج. وقد أراد نقل هذه الثقة للمراقبين هنا وهناك. أما ثانية الرسائل، فكانت في اختياره لمصر وتحديدا في هذا التوقيت. ولا شك أن كل الأطراف تعلم أن القوي الإرهابية أيا كانت الأسماء التي تحملها كثيرا ما استهدفت العمل من حدود مصر الغربية وانتهاك سيادتها وتهديد أمنها وزعزعة استقرارها بما يعني أن الأخطار جعلت من تأمين هذه الحدود ضمن أولويات الأمن القومي، ويعني ذلك من بين ما يعني الاهتمام القوي بما يدور في ليبيا من صراعات، ومتابعة الأنشطة المختلفة للمنظمات الإرهابية وللقوي التي تقف وراءها. ولأنه كان يعلم أن مصر حاضرة بقدر قوة الاهتمام بأمنها القومي، وبقدر أكبر بكثير من اهتمام الآخرين بالصراعات الليبية، ويعلم أيضا أنها حريصة أشد الحرص علي وحدة ليبيا واستقرارها، جاء هذا الاختيار، وكانت طمأنة مصر واحاطتها علما بالمعركة واهدافها وما تحقق من نتائج وبموقف الأطراف المختلفة وبحقائق حركة الأحداث، في مقدمة أهداف هذه الزيارة المهمة. ولم يكن الهدف أبدا الحصول علي السلاح، فالسلاح يمكن الحصول عليه دون عقبات. وقد صرح غسان سلامة مبعوث الأممالمتحدة قائلا ، إن السلاح يتدفق علي ليبيا بغزارة وكثافة غير مسبوقة، وهو يعني أن الأطراف المتصارعة والمتقاتلة لا تجد أي عقبات في الحصول علي السلاح ومن أماكن كثيرة بالرغم من كل قرارات الحظر. وما أيسر الاستنتاج ، أن هناك أكثر من طرف عربي وأوروبي سيسعي دائما لمعرفة حقائق المعركة الدائرة بالعاصمة طرابلس ، وربما أراد حفتر لا مجرد ارسال رسائل معلوماتية، بل بالضرورة تطلع إلي مواقف مساندة له ولقواته في معركته ضد الإرهاب والفوضي. وكان لافتا للنظر جدا ما جري من تفتيش حرب، بأكبر قاعدة عسكرية بالشرق الأوسط وأعني قاعدة محمد نجيب في اليوم التالي للزيارة واختيار مصر للموقع له أكثر من دلالة، كما أن للتوقيت دلالة أكبر، فالتفتيش رسالة قوية لكل الأطراف الاقليمية والعالمية والمحلية. وكثيرا ما قال الرئيس السيسي عندما يتحدث عن الأمن القومي العربي «مسافة السكة» وإذا كانت دول منطقة الخليج كانت الدول المعنية بمسافة السكة فإن الأمر بالنسبة لليبيا القريبة جدا والملاصقة لحدود مصر الغربية ليس أكثر من مجرد خطوة. والأمر يتطلب منا أن نتوقف طويلا أمام ما قاله قائد قوة الاصطفاف للرئيس السيسي وهو يتابع المشهد وبصحبته مجموعة من طلبة الجامعات والكليات العسكرية وكلية الشرطة وقادة القوات المسلحة « تمام يا فندم، قوات قاعدة محمد نجيب العسكرية جاهزة لتنفيذ أي مهام». مثل هذه الجملة ربما تلخص أهمية تفتيش الحرب. وتعبر عن درجة استعداد القوات المسلحة ككل. وكان القائد قد أوضح تطور الكفاءة القتالية للقوات، والروح المعنوية العالية التي تتمتع بها وحالتها الفنية الممتازة وكل ما جري من برامج تدريب وتأهيل بما يتناسب مع ما يتطلبه مسرح العمليات الذي يمتد شمالا وغربا. لقد كان تفتيش الحرب بكل دلالاته تعبيرا قويا عن مصر وقواتها المسلحة ورئيسها. وهنا يتطلب الأمر استعادة القسم الذي أقسمه الرئيس السيسي، بقوله « اقسم بالله إن اللي يقرب منها لأشيله من فوق وش الأرض». لمزيد من مقالات عبده مباشر