* د. طارق شوقى: الأكاذيب والشائعات لن تؤثر على خطط مصر لتطوير التعليم * د. حسين أمين: العلاقة بين الدراية الإعلامية والتنمية من أهم وأخطر القضايا شهدت أروقة وقاعات الجامعة الأمريكية بالقاهرة على مدى ثلاثة أيام، أعمال منتدى الإسكندرية للإعلام فى دورته لعام 2019 حول قضية «التربية الإعلامية والتنمية المستدامة»، نظمها المنتدى بالمشاركة مع مركز «كمال أدهم للصحافة التليفزيونية والرقمية بكلية الشئون الدولية والسياسات العامة» بالجامعة الأمريكية، بمشاركة 52 مدربا ومحاضرا ومتحدثا من مصر ودول أخرى مثل الأردن واليمن والسويد وفرنسا. وتناول منتدى هذا العام موضوعا فى غاية الأهمية، وهو العلاقة البينية بين التربية الإعلامية والتنمية المستدامة، إذ تحث التربية الإعلامية على بناء الذهنية النقدية والتحليلية لدى الجمهور المتلقي، كما تعمل الدراية الإعلامية على رفع كفاءة صناع الإعلام، وكلاهما يعنى امتلاك المهارات والفهم والوعى الكامل للتعامل مع وسائل الإعلام المختلفة بذكاء ومسئولية. واهتمت مناقشات الدورة بمناقشة قضية: كيف يتعامل أفراد المجتمع بالطريقة المناسبة مع الأخبار والمعلومات، وكيف يستفيدون منها، وكيف يسخرونها لتنمية وتطوير معارفهم وثقافتهم، لكى يتحولوا إلى مواطنين مسئولين ملتزمين ومبتكرين يعملون على تكريس البناء والتطوير والتنمية المستدامة والحكم الرشيد. ناقشت جلسات وورش عمل الدورة بشكل تفصيلى التطور التكنولوجى الذى طرأ على عمل وسائل الإعلام بأكملها، فى الوقت الذى أصبحت فيه هذه الوسائل جزءا أصيلا من حياة الإنسان، ويتعرض فيه المجتمع يوميا إلى كم هائل من الأخبار والصور والإعلان، وفى أغلب الأحيان تؤثر هذه الوسائل بشكل كبير على أسلوب وطريقة تعامل الفرد مع نفسه ومع المجتمع من حوله. وكانت المحاور الرئيسية للمنتدى وهي: التربية الإعلامية والمحتوي، التربية الإعلامية والتكنولوجيا، التربية الإعلامية والبيانات، والتنمية المستدامة. وأكد الدكتور حسين أمين أستاذ الإعلام بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ومدير مركز كمال أدهم أهمية الشراكة بين الجامعة ومنتدى الإسكندرية للإعلام لافتا الى أن الدورة الجديدة للمنتدى تناقش أحد أهم وأخطر الموضوعات الإعلامية المتعلقة بالتنمية والدراية الإعلامية. بدوره، قال أحمد عصمت المدير التنفيذى للمنتدى إن الدورة السابعة تتناول موضوعا مهما، مشيرا إلى أنه على الرغم من أن الإعلام ليس من ضمن الأهداف الإنمائية ال17 للأمم المتحدة، فإنه يتقاطع معها جميعًا، وأوضح أن التربية الإعلامية تحث على بناء الذهنية النقدية والتحليلية لدى الجمهور المتلقي، وكذلك الوعى الإعلامى ورفع كفاءة صناع الإعلام عبر امتلاك المهارات والفهم والوعى الكامل للتعامل مع وسائل الإعلام المختلفة بذكاء ومسئولية. وخلال اليوم الأول من المنتدي، كان أبرز المتحدثين فى الافتتاح الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، والذى أكد أن الحكومة تحرص بشدة، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، على تطوير منظومة التعليم فى مصر، إيمانا منها بأن العلم والتعليم هما أساس النهوض بالمجتمع والعمل على تنميته. وخلال كلمته، أكد شوقى أن وزارته نالت عددا لا بأس به من الشائعات طبقا للإحصائيات الرسمية، كما وقع هو أيضا فريسة لبعض وسائل التواصل الاجتماعى التى نشرت الأكاذيب على لسانه، غير أنه تعهد بألا يؤثر ذلك على المنظومة التعليمية التى تسعى الحكومة والوزارة لتطويرها. وانتقد شوقى السرعة المريبة التي تنتشر بها الأخبار دون التأكد من صحتها أو الرجوع إلى مصدرها، وهو ما يكون له بالطبع على حد تعبيره تأثير سلبى على أخلاقيات وطبيعة المهنة التى من المفترض أنها مبنية على الأخلاق والصدق. وقال شوقي: «الإعلام يلقى اللوم دائما على الوزير أو الوزارة دون محاسبة الأهل أو المدرسة، رغم أننا نسير جميعنا فى منظومة واحدة، فيجب على الأسرة مثلا مراعاة طريقة حديثها وانتقائها للألفاظ التى تستخدم». وأضاف أن الإعلام مادة مهمة لا تقل فى أهميتها عن مادة التربية الوطنية أو الفنية أو غيرها من المواد، وبجب على الإعلام والإعلاميين تحليل ما تقدمه وسائل الاتصال التكنولوجية الحديثة، لأن وسائل الإعلام لها مكانة مميزة من حيث مدى تأثيرها على الفرد والمجتمع. وقال إنه من المفترض أن تكون الوسيلة الإعلامية حريصة على خدمة المجتمع وتنميته وتثقيفه بصورة صحيحة واضحة، مستخدمة مبدأ الشفافية فى الحديث حتى لا تفقد هويتها، منوها إلى ظهور مصطلحات جديدة مثل التنمر الإلكترونى والحملات الممنهجة لنشر السب والقذف دون مراقبة أو محاسبة. ومن جانبه، قال الدكتور حسين أمين: «إن الرئيس عبد الفتاح السيسى يعمل على تدعيم التعليم والعملية التعليمية، يقينا منه أن التعليم هو من أهم الأسباب لتحقيق التنمية، والنهضة بالعملية التعليمية، لكى تنتقل مصر إلى مصاف الدول المتقدمة، وهذا التقدم بالتالى سيكون له دور أساسى ومحورى فى رفع شأن الوطن»، موضحا أن عملية تطوير منظومة التعليم فى مصر، والتى يديرها طارق شوقي، تهدف إلى التعمق فى مسائل التعليم، ومشاركة المجتمعات المدرسية فى المجتمعات المحيطة، معربا عن سعادته بتطوير العملية التعليمية التى تشهدها مصر حاليا، وذلك مر خلال الخبرات الدولية التى تعمل على جعل إنشاء وطننا فى مستوى أفضل وأرقي. وكانت من أبرز أعمال اليوم الأول الجلسة الأولى التى حملت عنوان «التربية الإعلامية فى المدارس والجامعات، وتحدث فيها أحمد عصمت ود. سامى طايع ود. سلمى الغيطاني، وكانت الجلسة الثانية بعنوان «الدراية الإعلامية للصحفيين والإعلاميين، وتحدث فيها شريف عامر وجمال عنايت وعمرو الليثي. ودار أغلب أعمال اليوم الثانى حول موضوع «صناعة المحتوى الإعلامى فى العالم العربى وكيف يؤثر فى التربية الإعلامية»، وشهدت هذا اليوم جلسات موازية وورش عمل متنوعة دارت حول موضوعات مثل «إنتاج المحتوى لمختلف المنصات». وكان من أبرز جلسات اليوم الثالث والأخير عن «كيف تحمى محتواك على الإنترنت»، و»اكتب صح للديجيتال»، وغير ذلك من الموضوعات. أما الدكتور حسين أباظة مستشار وزارة التخطيط لاستراتيجية 2030 فى محاضرته فركز على أهمية البعد الاقتصادى والاجتماعى والبيئى لتحقيق التنمية المستدامة بحلول عام 2030، وارتباط هذه المحاور ببعضها البعض ارتباطا وثيقا، معربا عن قلقه البالغ من المؤشرات العالمية التى تدل على أن ما تحقق حتى الآن من الأهداف المرجوة للتنمية المستدامة عالميا لم تتعد نسبته 30% فقط، برغم ملايين الدولارات التى تم إنفاقها على أبحاث ومؤتمرات وجلسات عصف ذهنى بين خبراء وعلماء وأساتذة على مستوى العالم. وقال أباظة إن المحور البيئى يعد التحدى الأبرز لعدم بلوغ معدلات التنمية المستدامة حتى الآن أهدافها، مرجعا السبب فى ذلك لسوء تسويق مفاهيم التلوث البيئى وتقصير أجهزة الإعلام فى الربط بين التلوث البيئى وتأثيره الضار على الصحة وإنفاق المليارات من الدولارات على البرامج العلاجية التى تتبناها الدول. وأضاف أنه لابد من تغيير المفاهيم حول أهمية الحفاظ على البيئة والتى يعتبرها الكثير نوعا من الرفاهية، وهذا لن يحدث إلا بربط رأس المال بالاستثمار البشرى والاستثمار فى الموارد الطبيعية ونظام الماء والهواء والأرض، وإبراز أهمية المحافظة على البيئة وعلاقتها بالتجارة والتنمية والاستثمار بشكل مباشر. وحث أيضا على أهمية دور الإعلام فى التوعية بمفاهيم الاقتصاد الأخضر وأهميته فى تحقيق تنمية مستدامة على مدار السنوات القادمة، واعتبار الاقتصاد هو المدخل للحفاظ على البيئة، والبحث عن وسائل بديلة لطاقة. ومن جانبها، أكدت الدكتورة حنان الجندى أستاذة الإعلام بجامعة الأهرام الكندية دور محرر شكاوى القراء المتواجد فى عالم الإعلام الخارجي، وهو ما يعرف ب»الأمبودسمان» أو ممثل الشعب، ووظيفته مراقبة أداء العمل داخل الصحيفة وتوطيد العلاقة بين القاريء والصحيفة. وقد فسرت د. حنان الجندى منشأ كلمة «أمبودسمان»، وهى إسكندنافية الأصل، وتعنى الشخص الذى يتعامل مع الشكاوى لإيجاد حلول مرضية للطرفين، لافتة إلى أنه فى كثير من الدول يمكن العثور على أمناء مظالم فى الحكومة والشركات والمستشفيات والجامعات. وتطرقت لمواصفات هذه الوظيفة ومهامها، وهي: الدفاع عن حقوق القراء، وضمان العدالة والتوازن فى التغطية الإعلامية، وإذابة الجليد بين الصحيفة والقراء، وهو أيضا حارس لمصالح المواطنين، كما لابد أن يكون بمثابة ممثل للقراء أنفسهم أو محرر القراء.