اعتمد مجلس الأمن الدولى الخميس 28 مارس 2019 بالإجماع القرار رقم 2462 الخاص بمكافحة تمويل الإرهاب , تم التأكيد خلاله على التزام الدول الأعضاء بالقضاء على تمويل العمليات الإرهابية وأن المسئولية الرئيسية فى مكافحة الأرهاب تقع على عاتق الدول الأعضاء وان الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره يمثل أحد أشد الأخطار التى تهدد السلم والأمن الدوليين , وأن أى عمل إرهابي هو عمل إجرامى لايمكن تبريره ايا كانت دوافعه او توقيته آو مكانة او هوية مرتكبيه. كما طالب القرار بالتزام جميع الدول بتقديم أى شخص يشارك فى تمويل أعمال إرهابية او التخطيط أو الاعداد لها او ارتكابها او دعمها الى العدالة ,و اعتبار أن تلك الأعمال الإرهابية جرائم جنائية خطيرة فى القوانين واللوائح المحلية, كما أشار القرار إلى أن وسائل التدفقات المالية التى تصل الى الجماعات الارهابية تصل من خلال الوسائل القانونية وغير القانونية على حد السواء. لم يعد هذا القرار هو الأول من نوعه الذى يتناول مكافحة تمويل الإرهاب فحسب ولكن هناك العديد من القرارات الخاصة بهذا الشأن اتخذت من قبل ,ولكن يرى بعض المختصين والمهتمين بقضايا مكافحة الإرهاب أن هذا القرار سوف يُعزز من توحيد الجهود المختلفة فى مشروع واحد خاصة التركيز على أنماط التمويل الارهابى المبتكرة والتى تتم عن طريق استغلال التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصالات عبر الانترنت ,فضلا عن استخدام وسائل اخرى مثل إساءة استخدام المؤسسات التجارية المشروعة, واستغلال الموارد الطبيعية, إساءة استخدام المُنظمات غير الربحية, التبرعات, العائدات المتأتية من الأنشطة الإجرامية, الاستفادة من أنشطة الجريمة المُنظمة باعتبارها مصدراً من مصادر التمويل والدعم اللوجستى للعمليات الارهابية . نجد ثمة تشابها بين الطرق المختلفة التى تستخدم فى غسيل الأموال والطرق المُستخدمة لإخفاء مصادر تمويل الإرهاب واستخداماته, حيث نجد أن الاموال التى تستخدم فى مساندة الإرهاب يمكن ان تنشأ عن مصادر مشروعة أو أنشطة إجرامية او الاثنين معا, الا أن عمليات إخفاء وتمويه مصادر تمويل الإرهاب يجب أن تتسم بالأهمية بغض النظر عما إذا كان مصدره من منشأ مشروع أو غير مشروع, وقد أوصت فرق العمل المعنية بالتدابير المالية بشأن مُكافحة غسل الأموال بأهمية أن تُجرم كل دولة تُمول الإرهاب والأعمال الإرهابية والمُنظمات الإرهابية, وأن تكون تسمية هذه الجرائم كجرائم غسيل الأموال أصلية , ولذلك أكد فريق العمل المذكور أن التوصيات التسع الخاصة بتمويل الإرهاب مع التوصيات الأربعين الخاصة بغسيل الأموال تُشكل الإطار الأساسى لمنع واكتشاف وقمع غسيل الأموال وتمويل الإرهاب . قد يُرى أن هذا القرار سوف يكون قيد الأدراج والملفات مالم تتفق جميع الدول على وضع تعريف محدد وشامل للارهاب, تعريف يتناول الدول الداعمة للإرهاب سياسيا وعسكريا وماليا ومعنوياً ,دول تُشجع على الكراهية واستخدام العنف وتوفر للجماعات الارهابية أماكن ملاذا لها بعيدا عن الملاحقات الامنية ,دول ترعى التطرف والفكر التكفيرى وتسخر له منصات إعلامية تُروج لافكاره الشاذة المتطرفة التى ترفضها جميع الأديان السماوية وترفضها كل القيم الإنسانية, إن الإرهاب الدولى العابر للقوميات أضحى بديلا للحُروب التقليدية وذلك نظرا لانخفاض تكلفته مقارنة بالعمليات العسكرية الأخرى ,فضلا عن انه يحقق أهداف الدول التى تحتضنه وترعاه بسرعة وسهولة ,كما ان الدول وأجهزة الاستخبارات التى تستخدمه وتسانده غير مرئية وغير واضحة وصعب التعرف على جميع الأطراف القائمين عليها فى ظل استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة بعد أن تحول الفضاء الإلكترونى الى ساحة للتفاعُلات الدولية وإلى ميدان رابع للحروب بعد ميادين (البر والجو والبحر), كما برز العديد من الأنماط التوظيفية له حتى أضحى هذا الفضاء مجالا للصراعات المُختلفة سواء للفاعلين من الدول والفاعلين من غير الدول لتنفيذ أكبر قدر من النفوذ والتأثير, فاستخدمت شبكات التواصل الاجتماعى لفرز وتجنيد عناصر إرهابية شديدة الخطور, بل وتدريبهم على جميع أشكال العمليات الارهابية وتحقيق اتصالات سرية مشفرة عبر وسائل الانترنت . إننا بحاجة الى عقد مؤتمر دولى نتناول خلاله ممارسات الدول الراعية للإرهاب وننعتها بصفتها ,بحاجة إلى تعريف واضح لإرهاب الدولة, بحاجة الى تشجيع النظام السياسى الدولى للرد بحزم وبقوة على المُخالفات والانتهاكات التى تتعرض لها المواثيق الدولية والقانون الدولى ,من خلال فرض عقوبات دولية رادعة وشاملة ضد الجماعات الإرهابية بكل أشكالها, والتى تُريد فرض الإرادة باسم الدين, والتى كشفت عن توجهاتها السياسية صراحة وان لها قضايا سياسية وليست دينية وأهدافا سياسية لا علاقة لها باى دين أو ملة, فضلا عن فرض عقوبات رادعة على الدول التى تقدم الدعم لتلك الجماعات, بما فيها جماعات اليمين المتطرف التى انتشرت أخيرا فى المجتمعات الغربية التى تدعو الى استخدام العنف وبث لغة الكراهية ضد الإنسانية. ولكن التساؤل يبقى كما هو: هل النظام السياسى الدولى قادر على ردع وإيقاف الإرهاب الدولى والدول الراعية له! لاسيما وان هناك دولا عظمى على رأس المجتمع الدولى متورطة ومنغمسة فى الإرهاب والتخطيط له والتحريض عليه وذلك من خلال دول صغيرة إقليمية تسعى للبحث عن دور لها فى المنطقة حتى ولو كان على حساب جيرانها. لمزيد من مقالات اللواء محمد عبد الواحد