فى الوقت الذى يسعى فيه الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون وحكومته لاستعادة شعبيتهما بعدما فقدا الكثير منها بسبب احتجاجات «أصحاب السترات الصفراء»، ورغم أنهما نجحا فى تهدئه الأوضاع وإعادة الاستقرار للشارع الفرنسى فإن القرار الذى اتخذه ماكرون أخيرا بتعيين مستشارته الإعلامية، السنغالية سيبيت ندياى، 39 عاما، فى منصب المتحدث الرسمى باسم الحكومة الفرنسية خلفا لبنجامين جريفو، الذى تقدم باستقالته استعدادا للترشح لمنصب عمدة باريس، أثار موجة من الانتقادات الحادة والشرسة عليها وعلى الرئيس. وفور إعلان خبر تعيينها فى المنصب الجديد، انهال عدد من السياسيين والمعارضين والصحفيين عليها بالانتقادات، لأسلوبها الفظ فى التعامل إلى الحد الذى وصفه بعضهم ب «الوقح» و«العدوانى»، إلى جانب عدم تمكنها بشكل كامل من اللغة الفرنسية وخلطها بين الفرنسية والانجليزية، وهو ما بدا فى بعض تصريحاتها الرسمية. وقد عرف عنها الدفاع عن ماكرون بضراوة واتباعها الأسلوب الهجومى فى تأييدها له والدفاع عنه، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعى حتى وإن استدعى الأمر منها الكذب، حيث اعترفت علنا بالكذب خلال إدارة حملة ماكرون الانتخابية، كما أقرت أنها راضية تماما عن كذبها وستكذب إذا لزم الأمر لحماية ماكرون، وهو ماذكرته صحيفة «لو اكسبريس» الفرنسية فى تقرير نشر بها فى يوليو عام 2017. وفى الصيف الماضى، تسببت ندياى فى أزمة للرئيس الفرنسى بعدما خرجت بتصريح مسرب من اجتماع ماكرون فى الاليزيه انتقد فيه الانفاق الحكومى على العاطلين والفقراء، ليأتى تصريحها ليعزز فكرة أن ماكرون رئيس الأثرياء، وذلك مع بداية احتقان الشارع الفرنسى قبل أشهر قليلة من اندلاع حركة السترات الصفراء. وهو ما جعل بعض معارضيها ومنتقديها يتهمونها بعدم امتلاك الحنكة والخبرة السياسية التى تؤهلها للمنصب الحالى، مما يجعل اختيارها مجازفة غير محسوبة خاصة فى تلك الفترة التى تتدنى فيها شعبية الرئيس والحكومة الفرنسية. وقد قامت ندياى بمحاولات لكسب ود الجمهور واستعادة ثقتهم، وذلك من خلال الخطاب الذى القته أثناء حفل تسلمها مهامها رسميا، حيث قالت «أتخذ هذه الخطوة بكل فخر لخدمة فرنسا.. البلد الذى أخترته لنفسى». وأضافت: «فرنسا منحتنى الكثير .. وقد حان الوقت لأقدم لها شيئا فى المقابل». ولم تنس ندياى توجيه الشكر لوالديها اللذين غرسا فى قلبها وعقلها حب السياسة والانخراط بها مهما حملت من صعاب. وقد علقت ندياى على اتهامها بالكذب بأن ما تم نشره هو اقتباس تم اقتطاعه من السياق، وقالت للصحفيين: «كانت مهمتى آنذاك هى الدفاع عن رئيس الجمهورية وحمايته .. واليوم لدى مسئوليات جديدة». ولكن يبدو أن محاولاتها لنيل شعبية لاتزال تبوء بالفشل، حيث علق إيان بروسات، المتحدث باسم الحزب الشيوعى الفرنسى، على خطابها قائلا بسخرية :»بممارسات الحكومة الحالية يبدو أن ندياى هى الشخصية المناسبة حقا لمنصب المتحدث الرسمي»، فى حين علق جوليان سانشيز، المتحدث باسم حزب الجبهة الوطنية اليمينى المتطرف، قائلا: «ما أجمل أن يصبح الكاذب .. المتحدث الرسمى باسم الحكومة!». ولدت سيبيت ندياى، فى العاصمة السنغالية، داكار، التى استعمرها الفرنسيون سابقا، لأبوين سلكا الطريق السياسى منذ صغرهما، فالأب كان أبرز أعضاء الحزب الديمقرطى السنغالى والرجل الثانى فى الحزب بعد زعيمه عبد الله واد، وذلك قبل مغادرته الحزب للانضمام إلى فريق الرئيس السنغالى الأسبق عبده ضيوف عام 1986، وذلك وفق ما ذكرته صحيفة «لوموند» الفرنسية، والتى ذكرت أيضا ان عائلة ندياى كانت على علاقة وثيقة مع واد بعد فوزه بالرئاسة عام 2000، بينما عينت أمها التوجولية الألمانية كثانى قاضية إمرأة فى السنغال وتولت رئاسة المجلس الدستورى للبلاد. وقد درست ندياى فى موطنها حتى انهت المرحلة الإعدادية ثم غادرت لاستكمال دراستها فى باريس، واشتهرت فى اثناء دراستها الجامعية بنشاطها الطلابى اليسارى وانضمت للحزب الاشتراكى عام 2002. وحصلت ندياى على درجة الماجستير فى اقتصاديات الرعاية الصحية قبل أن تشغل منصب السكرتيرة الوطنية للحزب الاشتراكى لقضايا الطفولة عام 2009. ويعود أول لقاء لندياى وماكرون لعام 2014، وذلك عندما أصبح ماكرون وزيرا للاقتصاد فى عهد الرئيس الفرنسى السابق فرنسوا أولاند، ثم ازداد تعاونهما مع إعلان ماكرون اعتزامه الترشح للرئاسة، حيث أنضمت إلى فريق حملته الانتخابية وأصبحت مستشارته الإعلامية وإحدى مسئولى إدارة الحملة وذلك عام 2016، وهو العام الذى حصلت فيه ندياى على الجنسية الفرنسية. وقد لفتت ندياى انتباه الجمهور للمرة الأولى خلال ظهورها فى فيلم وثائقى تليفزيونى وهى فى كواليس حملة ماكرون، والذى تم بثه بعد فترة قصيرة من فوزه.