كان يعتقد أنه لن يعيش طويلا.. فمنذ ولادته وهو يعانى مشكلات صحية خطيرة.. ضعف فى القلب والبصر.. آلام فى البطن.. تشنجات فى الظهر .. بعد تخرجه فى جامعة هارفارد قرر باعتباره رجلا عليلا أن يجلس فى هدوء فى بيته يراقب مايحدث له حتى تنتهى حياته.. لكن حدث مالم يكن فى الحسبان.. فقد غير كتاب قرأه للفيلسوف »تشارلز بيرس« عن حرية الإرادة مجرى حياته.. فعاد يحاضر فى الجامعة.. ولأنه كان يتحدث مع تلاميذه حديث الند للند .. لذلك أحبوه.. وكانوا يتبعونه إثر خروجه من قاعة المحاضرات حتى يصل إلى بيته وهم يرشقونه بالأسئلة.. ويكتمون ضحكاتهم عندما يلقى إليهم بإجاباته الحكيمة الممزوجة بالمرح والفكاهة.. إنه »ويليام جيمس« أحد أهم العلماء الأمريكيين فى مجال علم النفس والفلسفة .. لم يهتم بتأسيس مدرسة فى الفلسفة أو كسب أتباع له.. لأنه كان يمتلك قلبا إنسانيا يتوهج بمساعدة البشر فى فهم مايحيرهم.. وفى حل مشكلاتهم.. ضميره اليقظ دفعه وعمره 64 عاما لأن يستقل القطار المتجه إلى مدينة سان فرانسيسكو بعد لحظات من تعرضها لزلزال مدمر .. وظل لمدة أثنتى عشرة ساعة يكافح بجسمه النحيل وقامته القصيرة ألسنة اللهب المتأججة والجدران المتداعية ويقدم العون للمصابين.. هكذا لم يكن »ويليام جيمس« ينتمى إلى تلك الفئة التى لايتطابق كلامها مع أفعالها. كان يقول إن العالم مليء بالشرور.. لكن فى وسعنا لو أردنا أن نصلح من هذه الشرور... وأن نصنع عالما أفضل وأعظم.. حذرنا من المبالغة فى تأكيد أهمية تلك المعبودة المسعورة التى تسمى بالنجاح.. قائلا لا تجعل هدفك مقصورا على النجاح فقط.. فسواء كنت عاملا أو صاحب عمل فأنك ستربح أكثر فى حالة التعاون الودى لا المنافسة الشرسة.. كما حذرنا من شهوة جمع المال على حساب الآخرين.. فمهما تكن حرفتك فأنت لا تعمل لنفسك فقط.. بل تعمل للمجتمع كله.. نبهنا أيضا الى ضرورة أن تضاء بيوتنا بصفاء المحبة.. عندئذ لن يكون هناك مانخشاه.. مادام الحب يجمعنا ... قصة حياة هذا الفيلسوف تستحق التأمل.. دعك من انه وضع أسس علم النفس الموضوعى .. وأنه سعى إلى أن تصبح الفلسفة مرشدا يهدينا لحل مشكلاتنا.. دعك من هذا كله.. وانظر كيف يستطيع كتاب أن يغير مجرى حياة إنسان.. وكيف تكون العلاقة بين الاستاذ وتلاميذه.. وكيف يتصرف الإنسان عندما يتعرض اشقاؤه فى الإنسانية لكوارث طبيعية! لمزيد من مقالات عايدة رزق