أبواب العمارات القديمة تخفى وراءها دوماً أسرارا وحكايات عن سكان هذه العمارات الأنيقة ذات التفاصيل الدقيقة. وفى الإسكندرية منازل كثيرة يونانية وإيطالية أُغلقت أبوابها القديمة بالجنازير والأقفال الضخمة. فقد رحل سكانها ومُنع الدخول إليها والصعود على سلالمها الرخامية التى طالما تحملت دقات كعوب أحذية نساء أنيقات ورجال وجهاء فى رحلات صعودهم ونزولهم اليومية لمتابعة أعمالهم فى المدينة التى كانت يوماً «كوزموبوليتانية» أى متعددة الجنسيات. ذهب البشر ولم يبق إلا البوابات الحديدية المشغولة بأناقة تشبه قطع الدانتيلا من الحديد وقد يوجد نقش على البوابة بالأحرف الأولى لأسماء أصحاب العمارة الأجانب أو مصمميها. بقى الباب المشغول بمهارة من الحديد أو الخشب ليحكى عمن عاشوا فى المكان ورحلوا ولكن لم يعد يُسمع صريره وهو يُفتح فرحاً لقدوم صاحب الدار أو لوجود زوار. وكما ذهب البشر، ذهب أيضاً الوقار والهدوء الذى كان يحيط بمبانى وفيلات وعمارات المدينة وأغلقت البوابات الأنيقة واستوطن الباعة الجائلون مداخل هذه العمارات و افترشوا أقدم شوارع المدينة وأرقاها ليبيعوا بضاعتهم البسيطة. ذهب الجمال ولكن بقيت الأبواب تروى حكايات من عاشوا وبنوا وسكنوا هذه العمارات القديمة وبالتحديد عمارات وسط البلد من الطلاينة واليونانيين..حكايات من زمن الرقى و الجمال والأناقة.