الرئيس السيسي يصل مقر احتفالية عيد العمال بمدينة العاشر من رمضان    «العلوم الصحية» تطالب «السيسي» بإصدار قانون مزاولة المهنة.. وتطوير المنظومة الطبية    «التنظيم والإدارة»: إتاحة الاستعلام عن نتيجة امتحان مسابقة معلم مساعد    تشغيل 27 بئرا برفح والشيخ زويد.. تقرير حول مشاركة القوات المسلحة بتنمية سيناء    فاتن عبد المعبود: مؤتمر اتحاد القبائل العربية خطوة مهمة في تنمية سيناء    علاوة 3% الأبرز.. منح وتسهيلات كفلها القانون ل عمال مصر    «هونداي روتم» الكورية تخطط لإنشاء مصنع جديد لعربات المترو في مصر    «الحركة الوطنية»: دعم الرئيس السيسي لقطاع الصناعة يقلل الفجوة الاستيرادية    هئية الاستثمار والخارجية البريطاني توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية    البنك المركزي يوافق على إطلاق أول بنك رقمي في مصر onebank    «شغالة مرة واحدة في الأسبوع».. شكاوى من تأخر ضخ مياه الشرب بمناطق في الغردقة    خبير اقتصادي: زيادة المعروض من السلع يؤدي لاستقرار الأسعار    وزيرا الزراعة في مصر ولبنان يبحثان تعزيز التعاون المشترك    طولكرم.. استشهاد فلسطيني في تبادل لإطلاق النار مع أمن السلطة    صحة غزة: ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 34 ألفا و596 شهيدا    البيت الأبيض: موسكو استخدمت أسلحة كيماوية ضد القوات الأوكرانية    موعد مباريات الجولة الأخيرة بدوري المحترفين.. غزل المحلة ضد بروكسي الأبرز    تشكيل توتنهام المتوقع أمام تشيلسي بالدوري الإنجليزي    رسميًا غياب نجم الأهلي عن مباراة الجونة للإيقاف    محافظ أسوان يتابع جهود السيطرة على حريق اندلع بأشجار النخيل بإدفو    «الأرصاد»: استقرار الأحوال الجوية.. والعظمى على القاهرة تسجل 31 درجة    تحرير 30 محضرًا تموينيًا في كفر الشيخ    القبض على 34 ديلر مخدرات في حي العصافرة بالإسكندرية    «رقم صادم».. ضبط 12 ألف قضية تسول خلال شهر    انخفضت ل2.4 %.. نتائج تحليل مشاهد التدخين والمخدرات في دراما رمضان 2024    العثور على جثتى أب ونجله فى صحراء قرية حمرادوم بقنا    إيرادات فيلم شقو تتراجع إلى المركز الثاني لأول مرة.. تعرف على السبب؟    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج.. الخميس 2 مايو 2024    "مئة مبدعة ومبدعة" يُوثق المنجز النسوي الأدبي بمعرض أبو ظبي الدولي للكتاب    دعاء النبي بعد التشهد وقبل التسليم من الصلاة .. واظب عليه    إصدار 202 قرار بالعلاج على نفقة الدولة وتوفير الأدوية ل90 استغاثة خلال أبريل 2024 (تفاصيل)    الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني وتدمير 12 طائرة مسيرة كانت تستهدف مناطق في العمق الروسي    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    رئيس الوزراء يُهنئ البابا تواضروس الثاني بعيد القيامة المجيد    غضب الله.. البحر الميت يبتلع عشرات المستوطنين أثناء احتفالهم على الشاطئ (فيديو)    الفنان ياسر ماهر ينعى المخرج عصام الشماع: كان أستاذي وابني الموهوب    هل توجد لعنة الفراعنة داخل مقابر المصريين القدماء؟.. عالم أثري يفجر مفاجأة    تامر حسني يدعم بسمة بوسيل قبل طرح أغنيتها الأولى: كل النجاح ليكِ يا رب    تفاصيل مفاوضات الأهلي مع خادم دياو بديل معلول    صباحك أوروبي.. حقيقة عودة كلوب لدورتموند.. بقاء تين هاج.. ودور إبراهيموفيتش    بعد أزمة أسترازينيكا.. مجدي بدران ل«أهل مصر»: اللقاحات أنقذت العالم.. وكل دواء له مضاعفات    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    ملخص عمليات حزب الله ضد الجيش الإسرائيلي يوم الأربعاء    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    مشروع انتاج خبز أبيض صحي بتمويل حكومي بريطاني    تعرف على أحداث الحلقتين الرابعة والخامسة من «البيت بيتي 2»    الصحة: مصر أول دولة في العالم تقضي على فيروس سي.. ونفذنا 1024 مشروعا منذ 2014    تأهل الهلال والنصر يصنع حدثًا فريدًا في السوبر السعودي    «البنتاجون»: أوستن أكد لنظيره الإسرائيلي ضرورة ضمان تدفق المساعدات إلى غزة    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    لاعب الزمالك السابق: إمام عاشور يشبه حازم إمام ويستطيع أن يصبح الأفضل في إفريقيا    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    بعد أيام قليلة.. موعد إجازة شم النسيم لعام 2024 وأصل الاحتفال به    أكاديمية الأزهر وكلية الدعوة بالقاهرة تخرجان دفعة جديدة من دورة "إعداد الداعية المعاصر"    النيابة تستعجل تحريات واقعة إشعال شخص النيران بنفسه بسبب الميراث في الإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلسفة ثورة 19
نشر في الأهرام اليومي يوم 09 - 04 - 2019

ثورة 19 ثورة كبرى، بل هى الثورة الأهم فى حياة مصر المعاصرة. فما هى الفلسفة التى قامت عليها هذه الثورة؟. والواقع أن هذه الفكرة ترسخت فى الذهن بسبب كتاب الرئيس جمال عبد الناصر فلسفة الثورة ولكن كلمة فلسفة هنا تعنى رؤية عامة لطبيعة السياسة التى سوف يسلكها النظام فى المستقبل وليس الأفكار التى مهدت لها فى الماضي.
وفى التاريخ الحديث ارتبطت فكرة الفلسفة بفكرة الثورة من خلال نموذجين: الأول هو الثورة البلشفية فى روسيا والتى تبنت الفكر الماركسى واعتبرت أن ثورتها هى تحقيق لمبادئ الفيلسوف وعالم الاقتصاد كارل ماركس.
وفى هذه الحالة تتحول الفلسفة من نظرية لفيلسوف إلى ايديولوجيا رسمية للدولة.
أما النموذج الثانى هو الثورة الفرنسية. وفى الواقع لم تنسب الثورة الفرنسية نفسها إلى فلسفة بعينها، ولكن بالنظر إلى الإجراءات التى اتخذتها والطريقة التى تبنتها فى إدارة شئون الحكم والمبادئ التى سعت إلى ترسيخها مثل إعلان حقوق الانسان والمواطن، استنتج المؤرخون أن هناك صلة بين هذه الثورة وأفكار فلاسفة عصر التنوير مثل فولتير ومونتسكيو وديدرو وجان جاك روسو.
ولأن الثورة المصرية فى عام 1919 لم تنسب نفسها إلى فلسفة بعينها لكنها كانت بالغة الأثر فى فى حياتنا المعاصرة على المستوى السياسى والفكرى والاجتماعى فإنه يجدر بنا أن نسلك معها بنفس مسلك المؤرخين فى تعاملهم مع الثورة الفرنسية، أى نستنتج فلسفتها من خلال ما سعت إلى ترسيخه من مبادئ ومن خلال الطريقة التى استحدثتها فى الحكم.
أول هذه المبادئ وأبرزها هو أن مصر ينبغى لها أن تكون دولة مستقلة. هذا الاستقلال يتضمن بالضرورة التخلص من نوعين من الاستعمار فى ضربة واحدة: الاستعمار البريطانى والاستعمار العثمانى.
التخلص من الاستعمار الأول كان يعنى الاطاحة بفكرة عدم وصول الشعوب إلى سن الرشد التى كانت تستخدم لاضفاء الشرعية الدولية على استمرار الانتداب والحماية على الشعوب.
والتخلص من الاستعمار الثانى كان يعنى إدارة الظهر لفكرة الجامعة الإسلامية التى كانت تشكل أفقاً للتحرر من الغرب فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر، فلم يعد الدين هو أساس الرابطة السياسية بين المواطنين وإنما وحدة الأرض والمصلحة. والتخلص من فكرة الجامعة الاسلامية كان نتيجة ضرورية لتبنى نظام حكم حديث يعتمد على الديمقراطية وعلى المساواة الكاملة بين المواطنين.
المبدأ الثانى لثورة 19 هو تعميم التعليم المدنى الحديث الذى يتسم بأنه تعليم علمانى لأنه موجه إلى فصل دراسى يضم أبناء الأمة من مسلمين ومسيحيين ويهود، كما يتوجه إلى الذكور والإناث وإلى مختلف الأعراق التى تكون الأمة.
طريقة إدارة الحكم من خلال الدستور والديمقراطية مع التوسع فى التعليم العلمانى يعنى الانحياز الى الحداثة والتى تتضمن تحرير المرأة. ولقد شغلت هذه القضية عددا كبيرا من قادة الرأى قبيل ثورة 19 انطلاقا من الرائد قاسم أمين إلى أحمد لطفى السيد زعيم حزب الأمة وصاحب الشعار الموجز الذى يلخص ببراعة فكرة الاستقلال مصر للمصريين.
المبدأ الثانى المهم هو ضرورة الخروج من الاستبداد التاريخى المتواصل عبر قرون طويلة، وكانت أدوات الثورة فى ذلك تتمثل فى نشر التعليم ومنح الحقوق للمواطنين من خلال الدستور.
وأخيراً انحازت الثورة إلى العلمانية، فقد اختارت نظام حكم جديدا غير مسبوق وبنت شرعية الحكومة على الانتخابات وليس على الدفاع عن الدين، كما تبنت فى تنظيم العلاقات بين المواطنين القانون الوضعى الحديث ومنعت كل تمييز طائفى أو عرقى أو جنسى. صحيح شاب تطبيق هذه المبادئ الحديثة بعض جوانب النقص وبعض طرق الالتفاف، وكذلك محاولات التعطيل، ولكن كان واضحا أن مثل هذه الأمور مخالفة تماماً لروح ثورة 19.
فى النهاية نستطيع أن نقول إن رفاعة الطهطاوى وعبد الله النديم ومحمد عبده وشبلى شميل وقاسم أمين وأحمد لطفى السيد كانوا المفكرين الذين ألهموا بكتاباتهم زعماء ثورة 19.
طرحوا جميعهم أهمية أفكار عن أهمية وجود دستور ينظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم وأهمية أن يدير أبناء البلد مجتمعهم بأنفسهم، وضرورة أن يتجاوب الدين مع مقتضيات الحداثة، وأن تتحرر المرأة وتحصل على نفس الحقوق التى حصلت عليها قرينتها الغربية، وضرورة أن ينتقل المجتمع بأسره إلى فكر جديد قوامه العلم والتكنولوجيا بدلا من التعليق على الكلام القديم، وأهمية أن يخرج المواطن من الاستكانة الصامتة التى رسخها فيه الاستبداد القديم إلى المشاركة المستنيرة التى ستحدث بفضل التعليم والحقوق الدستورية التى سيحصل عليها.
كان يمكن أن تكون هذه مجرد أفكار لنخبة حداثية معزولة، ولكن خروج المصريين وشعاراتهم التى رفعوها يبين أن هذه الأفكار لم تذهب أدراج الرياح بل شكلت الوعى الجديد للمواطنين.
لمزيد من مقالات د. أنور مغيث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.