مرفوعة الهامة تمشى ملكة" هكذا استقبل اللبنانيون والعرب أول صورة لوزيرة الداخلية اللبنانية، بعد صدمة المفاجأة الأولى قبلها بأيام، حين تم تكليفها بالوزارة. ريا الحفار الحسن، ستحجز صفحة باسمها في التاريخ كأول وزيرة داخلية في العالم العربي، وصفحة أخري كأول وزيرة مالية في التاريخ في حكومة سعد الحريري الأولى 2009. كانت الحسن بعد تكليفها بالوزارة قد وعدت الأهرام، بإجراء حوار معها، لكنها طلبت مزيدا من الوقت لترتيب ملفات الوزارة، وها هي تفي بوعدها، وتجري أول حوار مع صحيفة مصرية .. وإلى التفاصيل.. بالتأكيد كان اختيارك وزيرة للداخلية مفاجأة لنا، فهل شكل هذا الاختيار مفاجأة لكِ، وما الكواليس التي دارت، وكيف استقبلتِ الخبر؟ بالطبع كانت مفاجأة لى وللكل، أتخيل أن هناك عملية بحث تمت لتولى حقيبة الداخلية، وحسبما عرفت فيما بعد، كانت هناك أسماء عديدة طرحت، لكن بالأساس كان البحث يدور حول الكفاءة أولا، و التوجه السياسي ثانيا، وذلك حتى تكون ثقة رئيس الحكومة فيه أكبر، فهو لديه مهمات عديدة، تأتى الأمنية في المقدمة، والشئون الإدارية المتعلقة بالوزارة، كونها تدير ملف البلدية، وشخص لديه خلفية إصلاحية، واعتقد أن الجندر، العنصر النسائي، كان له دور، فعوامل كثيرة حسمت الاختيار، شخص إصلاحى، يثق به رئيس الحكومة، شخص معروف بشفافيته بالعمل، يستطيع تولى وزارة مهمة في وضع حساس جدا، تجمع بين الأمن والشئون الإدارية، أتصور أنها مجموعة من العوامل صبت في تضييق الحلقة على الأسماء المطروحة، ولم أكن أعلم باختياري إلا يوم التكليف، نعم ، كان يُطرح اسمي كوزيرة، ولكن لم أكن ولا غيري يعلم أن تكون هذه الوزارة هي الداخلية. أثناء دخولك الوزارة لأول مرة، وعلى يمينك حرس شرف الوزارة، تسلل شعور لديّ وربما لدي غيري، بالفخر والرهبة، فهل اجتمع هذان الشعوران معا؟ بالتأكيد كان لديّ شعور بالفخر، ذلك أن هذا المنصب حساس لدرجة كبيرة، وفخر أيضا لوضع رئيس الحكومة ثقته بيّ، وفخر ثالثا كونى أول امرأة عربية في التاريخ تتولى هذا المنصب، أما الرهبة فهى كانت حاضرة كذلك، في أن تتولى امرأة وزارة أمنية، بها العديد من الملفات الحساسة، ورهبة كذلك من أن تولىّ هذا المنصب رفع بطموح المرأة إلى أبعد حد، وأصبحن ينظرن إلىّ كقدوة لهن، وأن أنجح في مسئوليتى تلك، وعلى قدرها أيضا، فأنا هنا لأبرهن للبنانيين خاصة والوطن العربي عامة، أن المرأة قادرة على تحمل هكذا مسئوليات. كيف استقبلك وزراء الداخلية العرب في الاجتماع الأخير بتونس، وهل تناولتِ معهم أهم الملفات، والاستعانة بخبراتهم؟ أظن أن وزراء الداخلية كانوا ينتظرون هذه اللحظة، ليلتقوا بأول وزيرة داخلية عربية، وقد وجدت ترحيبا كبيرا منهم، وجلست مع أربعة وزراء داخلية، كلهم أثنوا على هذه الخطوة، وعلى ما قمت من خطوات في الوزارة برغم قصر المدة، وأعربوا عن فخرهم لتبوأ امرأة هذا المنصب، وقدموا كل الدعم. وزيرة الداخلية اللبنانية ريا الحسن أثناء حديثها للأهرام تقولين إن الوضع الأمني مستقر بنسبة 90 في المائة أكثر مما كان عليه قبل ثلاث أو أربع سنوات، ما ملامح هذا الاستقرار؟ تضحك، قائلة: ما كان لي أن استخدم النسبة، وأقول 90 أو 85% ، لكن هو تعبير يعكس بالفعل الوضع الأمني في لبنان، وها نحن نلمسه بالفعل على الأرض، فكنا بالفعل نعيش وضعا أمنيا صعبا منذ أربع سنوات، واليوم لم نعد نشاهد أي أحداث إجرامية كبيرة، أو تفجيرات تستهدف أماكن بعينها، أو حوادث شغب، وذلك كله بفضل التنسيق بين كافة الأجهزة الأمنية، سواء من ناحية الجيش مع الأمن الداخلي، أو مع الأمن العام، فالتنسيق والتعاون على أعلى مستوى، وهناك عمليات استباقية تقوم بها هذه الأجهزة بنجاح، وضبط لأي أعمال إرهابية والخلايا النائمة، وتسلل الإرهابيين على الحدود، وكل هذه الإجراءات أدت إلى وضع أمنى مستتب في لبنان، خاصة في ظل وضع الإقليم، ودليل ذلك هو الارتفاع المتوقع للسياحة هذا الصيف. أنتِ أستاذة اقتصاد، وأشرفتِ على العديد من البرامج في المجال الاجتماعي والاقتصادي، والأمن سلعة مكلفة جدا، بصفتك اقتصادية كيف تحققين المعادلة، في ظل ظروف اقتصادية حادة جدا؟ نعم صحيح، ولكننا في تحقيق هذه السلعة، نحن لا نعتمد على الاقتصاد اللبناني كلية، نحن نتلقي الكثير من المساعدات التقنية وتجهيزات من عدة مانحين من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وخلال السنوات الأخيرة، وضح التعاون الوثيق بين لبنان وهذه الدول الأوروبية، وهو ما تمت ترجمته إلى مساعدات، لأنهم مهتمون باستتاب الأمن هنا، فالنقص في التدريب والعتاد يأتي من المانحين سواء من خلال اتفاقات ثنائية، أو مؤتمر روما العام الماضي. من القضايا التي تؤرق اللبنانيين كثيرا هى الجنسية لأولاد المرأة اللبنانية وهي تواجه عقبات عدة، ومطلب لكل النساء والمجتمع المدني، متى يتم ذلك؟ برأيي أننا كسرنا حاجزا كبيرا، وقطعنا أكثر من نصف الطريق، في السابق كان كثير من الأفرقاء السياسيين رافضين هذا التوجه، الآن صار الوضع أفضل، وأصبح قابلا للنقاش، نعم، لا تزال هناك هواجس عند بعض السياسيين، لكن باستطاعتنا الآن أن نزيل هذه الهواجس، ونحن ككتلة مستقبل ( تضم خمس وزراء إلى جانب رئيس الحكومة) قمنا بتحضير مشروع قانون لتقديمه لمجلس النواب من أجل حق المرأة اللبنانية في إعطاء الجنسية لأولادها، وبالتأكيد هو قرار سياسي يترجم لمشروع قانون يقدم لمجلس النواب، ومن المفترض أن يعالج رئيس الحكومة هذه القضية مع الأفرقاء السياسيين ويبدد مخاوفهم، واعتقد أن العام القادم سوف يشهد ولادة هذا القانون. يشكل عودة النازحين السوريين أزمة لدى كل المسئولين اللبنانيين، برأيك متى تُحَل هذه الأزمة، ولماذا صرحتِ بأن النظام السوري لا يريد عودة النازحين؟ البيان الوزاري للحكومة الجديدة، كان واضحا في هذه القضية، وهو عودة النازحين بأسرع وقت، واللبنانيون على اختلاف طوائفهم أجمعوا على هذه العودة، لكن المهم هو أننا نريد أن نتأكد من الناحية الإنسانية ألأ تشكل عودتهم خطرا عليهم، فنحن نصر على العودة، بشرط أن تكون آمنة، في الوقت نفسه، نحن نعلم جيدا أن هذا الملف يُستغل سياسيا، ونحن ضد استخدام عودة السوريين كورقة سياسية، للضغط على بعض السياسيين بلبنان للتطبيع مع النظام السوري، ويوجد سوريون في بلاد عدة، ومسئولو هذه البلاد على علاقات مع النظام السوري، ولا نسمع عن عودتهم، أو مطالبة النظام السوري هذه البلاد بإعادتهم، فلماذا المطالبة بفتح قنوات اتصال مع النظام كشرط لعودة السوريين، ولا ننسى أيضا أن النظام السوري يعانى من أزمة مادية، فعودة ملايين السوريين في هذا الوقت سوف يشكل ضغطا إضافيا، ولابد أن نفصل بين مسارين، الأول: العودة السريعة للنازحين، والثاني: عدم إجبارهم على العودة، وألا يستخدمنا أحد كورقة للتطبيع مع النظام، وما نقوم به الآن، هو ضغط على المجتمع الدولي من أجل العمل على حل الأزمة السورية سياسيا، كأساس للرجوع، ومن ناحية أخري يؤمن المساعدات اللازمة حتى يخفف العبء على المجتمعات المضيفة. هل سنشهد تعديلا في قانون الانتخابات، خاصة أن هناك شكوى من النسبية، وهل من الممكن أن تكون بالقانون نظام الحصص (الكوتا)؟ لا تراجع عن قانون النسبية، لقد أخذ سنوات طويلة من النقاش حتى يتم إقراره، أما عن الكوتا، كنا نتمنى، لكن القانون الحالي يراعى بعضا من ذلك، فالنسبية بمفهومها الواسع تحقق تمثيلا أكبر، وإذا وضعت كوتا، سوف تكون العملية معقدة جدا، لأننا بالأساس نظام طائفي، وقد يكون ذلك واردا في انتخابات البلدية. إذا كان من رسالة بعد تعيينك أول امرأة وزيرة للمالية ثم وزيرة للداخلية فما هي؟ لا شك، أن تولى المرأة مناصب سياسية في العالم العربي يشهد تقدما كبيرا، برغم أن ذلك من فترة، لكننا الآن تتقدم المرأة بشكل أسرع، ووجود امرأة على رأس ملف أمنى هو الداخلية بالعالم العربي نكون قد كسرنا الحاجز، ولم يعد المنصب السياسي بعيدا عن المرأة. أخيرا، هل تخشين الفشل؟ بالتأكيد أخشى الفشل، حتى يكون دافعا للنجاح، والعمل هو سبيلي للنجاح.