أخيرا ظهرت نتائج فرز صناديق التصويت فى انتخابات مجلس نقابة الصحفيين لدورة 2019/2021، واعلن عن فوز النقيب وستة أعضاء. وانتظرنا نحن الصحفيات اللاتى يشكلن أكثر من ثلث عدد المقيدين فى الجداول، أى أكثر من ثلث القوى المهنية العاملة فى المؤسسات القومية والخاصة والحزبية. انتظرنا وعندما حصلنا على النتيجة البائسة لم تنجح واحدة، نعم لم تنجح واحدة، بالرغم من ان تسع صحفيات تقدمن للمنافسة على المقاعد الستة الشاغرة. وبالرغم مما قيل عن مرشحة اواثنتين كانتا على قوائم انتخابية مهمة ومؤثرة. ولكن ما العمل مع صحفيين يقفون امام صندوق التصويت وينسون تلك القيم الجميلة، الديمقراطية والمساواة وتكافؤ الفرص وانعدام التمييز وقبول التنوع. تلك القيم التى يكتبونها فى مقالاتهم وتحقيقاتهم ولكن يعودون فى لحظة الى حقيقتهم التى هى الحقيقة القديمة السائدة التى تلفظ النساء وتستبعدهم من الحياة العامة حتى لو كانت هذه النساء شريكات حقيقيات وجادات وفاعلات فى الحياة اليومية فى مؤسساتهم. والمدهش فى الموضوع ان اللجنة المشرفة على الانتخابات، وربما المجلس، اعدت فيديو جميلا كتحية للمرأة المصرية فى شهر أعيادها 8 عيد المرأة العالمي، و16 عيد المرأة المصرية، ثم 21 عيد الأم، وجاءت بصور لهدى شعراوى ودرية شفيق وراوية عطية ثم ألحقت سلسلة الصور السياسية بفيديو ثان لعضوات مجلس النقابة على مدى تاريخها منذ عام1942 أمينة السعيد ونوال مدكور وأمينة شفيق وفاطمة سعيد وبهيرة مختار وسناء البيسى وحنان فكرى. كما ان المدهش ان تظهر فى الرايحة والجاية على مبنى النقابة جدارية لشهداء النقابة فى ثورتى 25يناير و30 يونيه، وهى الجدارية التى تحتل فى مقدمتها الراحلة الشهيدة الابنة العزيزة علينا جميعا ميادة أشرف التى كانت يوم استشهادها حديثة التخرج وحديثة الالتحاق بالعمل المهني. كما ان المدهش أن يركن الصحفيون الى هذا التوجه الانعزالى فى زمان تنشر مطبوعاتهم صورا وأخبارا لنشاط لثمانى وزيرات فى الوزارة المصرية ويستمرون يشيدون ويزيدون مديحا فى نشاط الدكتورة المحافظة ولعاملات يشكلن نسبة ثلاثين فى المائة من العاملين فى حياتنا الدبلوماسية، ولنفس النسبة من العاملين فى نشاطنا المصرفى وفى البرلمان.. وفى العديد من مجالاتنا المهنية الأخرى مثل العمدة والمأذونة بجانب اننا فى وقت تستمر فيه الشابات المؤهلات الجدد يقتحمن المواقع كمساعدات فى مواقع تنفيذية عديدة.. لم يحدث هذا الاستبعاد فى نقابة الصحفيين فى دورة واحدة وإنما يستمر لدورات حتى بات اختيار حنان فكرى فى الدورة قبل السابقة استثناء فريدا تصورنا أنها مرة كسرت الحاجز الزجاجى الرهيب. ولكن عادت النقابة الى ما كانت عليه قبل هذه المرة وعادت النتيجة تؤكد لم تنجح صحفية.. فى الواقع، لا تقف نقابة الصحفيين متفردة بهذا الموقف فى صفوف النقابات بما فى ذلك الاتحاد العام لنقابات عمال مصر عين الاتحاد سيدة عاملة فى مكتب ملحق بمجلس الاتحاد لتقوم بالنشاط النسائى دون ان تكون منتخبة، وهو ذات المنصب الذى كانت تحتله النقابية السابقة عائشة عبد الهادى قبل تولى منصب الوزارة، وعلى اى حال يشكر مجلس الاتحاد على هذا الموقف. وإنما تحول هذا الموقف الاقصائى لأن يصبح موقفا عاما. ولكننا عندما نركز فى نقدنا على نقابة الصحفيين فإننا نتحدث الى مهنيين يدعون حمل القيم المتقدمة التى تعبر اول ما تعبر عن الديمقراطية والمساواة. وهم يفعلون ذلك بالفعل ولكن يبدو كأنهم يحتضنونها ترديدا لما تعلنه القيادة السياسية لا أكثر ولا أقل. ومن هنا يمكن فهم هذا الموقف الذى يردد فيه الصحفيون الشعارات التى تتبناها القيادة ولكن مع التمسك بكل القناعات الشخصية القديمة امام صندوق الانتخاب حتى لو تناقض ذلك مع ما يكتبون ويرددون من تلك الشعارات. هذا هو الفكر البطريقى الذكورى الذى لا يزال المجتمع المصرى يغوص فيه لأذنيه. المجتمع الذى يخطو خطوة للأمام ليتراجع خطوتين للخلف فى قضايا عديدة ومنها قضية المرأة ووجودها كمواطنة كاملة البنيان فى الحق وفى الواجب فى الالتزامات الوطنية والاجتماعية العامة. وبات هذه الموقف عاما حتى أصبح وصول النساء المصريات إلى مقعد الوزارة وعضوية البرلمان اسهل ألف مرة من الوصول الى مقعد واحد فى مجلس نقابة الصحفيين. لذا بات واجبا علينا، نحن المهتمات بقضايا المرأة المصرية، أن نطرح سؤالا اجده مهما وهو إن لم يكن لدينا قيادة سياسية تهتم بقضايا المرأة كما هى واضحة المعالم والتى باتت انعكاسا للأدبيات الدولية التى بدأت فى التبلور منذ عام 1975، ماذا لو لم تتواجد لدى القيادة السياسة بقناعاتها بهذه القضايا كيف ستكون توجهات المجتمع ونقاباته تجاه تلك الحقوق التى نطالب بها للنساء المصريات. والى اى مدى ستستمر هذه التوجهات إقصائية رافضة وغير معترفة بنصف المجتمع. بجانب هذا السؤال المهم اطرح سؤالا آخر هو الخاص بالمدى الزمنى الذى سنستمر فيه ننتظر أن تحل قضايا المرأة المصرية فى المشاركة العامة وغيرها من القضايا بقرارات العلوية تأتينا من اعلي. هذا مع افتراضنا ان هذا القائد الذى سيصدر القرار قيادة تتصف بالديمقراطية وبالوعى بقضايا عصرها المتعلقة بالمرأة المصرية. ماذا لو لم يأت إلى سدة الحكم كل من جمال عبد الناصر وانور السادات وحسنى مبارك ثم عبد الفتاح السيسي. واعترافا بالواقع كان ولايزال لكل منهم بصمة فى تطور حقوق النساء المصريات. وماذا لو جاء الى سدة الحكم أناس كهذا القيادى الذى وقف فى البرلمان يطالب بخفض سن زواج الفتاة، غير مدرك لمخاطر هذا المطلب على الفتاة كإنسانة وعلى الوطن ككيان كبير يسعى للتقدم والحداثة؟ وماذا لو استمر فى سدة الحكم قيادة كالرئيس السابق محمد مرسى الذى منع نساءه السياسيات من المشاركة فى عضوية او انشطة المجلس القومى للمرأة؟ ماذا نتوقع من قياداتنا الذكور المتربعين على الحياة العامة يطالبون بالديمقراطية, على ان تكون الديمقراطية لهم هم وليس لكل الشعب المصرى نسائه ورجاله. ماذا نتوقع من أناس يقولون عكس ما يعتقدون ويكتبون غير ما يؤمنون. من كل هؤلاء نتوقع نتيجة واحدة لم تنجح نقابية واحدة. لمزيد من مقالات أمينة شفيق