الشائع خطأ أن معجزة الإسراء والمعراج حدثت ليلة 27 رجب، بينما اختلف العلماء متى كانت، فقيل إنَّها ليلة 12 ربيع الأول ولم تعين السنة، وقيل قبل الهجرة بسنة في ربيع الأول ولم تعين الليلة، وقيل قبل الهجرة ب16 شهرًا في ذي القعدة، وقيل قبل الهجرة بثلاث سنين، وقيل بخمس، ولم يثبت شيء في تعيين السنة والشهر، والأرجح أنها وقعت في عام الحزن إثر وفاة السيدة خديجة, رضي الله عنها, وأبي طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم. ومثلما اختلف العلماء حول التاريخ، اختلفوا حول إذا ما كانت بالرُّوح والجسد، أم بالروح فقط، وقدم كل فريق حججه وبراهينه، والأرجح أنها تمت بالروح والجسد معًا، فالحاجة إلى البراق كانت لتنتفي لو كانت بالروح فقط، كما اختلفوا حول موضع البدء بالإسراء، فقيل إنه تم من البيت الحرام وقيل من بيت أم هانىء رضي الله عنها. وتشاغل العلماء والعامة بهذه الخلافات، ألهاهم عن تلمس نواحي الإعجاز والعبر فيها، إذ كانت أشبه باختبار إيمان نجح فيه المؤمنون وفشل الذين لم يتغلغل الإيمان في قلوبهم: «أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ. وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ». ومن الإعجاز اختزال المسافات في لحظات وانمحاء الزمن، إذ محى المكان بإسراء الرسول صلى الله عليه وسلم من مكةالمكرمة إلى المسجد الأقصى في لحظة، وأيضًا معراجه إلى السماء العلى، كما محى الزمان بلقاء الرسول عليه الصلاة والسلام بالرسل الذين سبقوه رغم اختلاف أزمنتهم. وتتوالى المعجزات لتكشف صدق كلمات كتاب الله، إذ قال تعالى في سورة النبأ: «وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا»، فهذه الآية الكريمة تبين أن السماء ليست فضاء مفتوحًا كما يظنها العامة، ولكنها مزودة بأبواب يستحيل العروج للسماء إلا من خلالها، فإذا حاول أحد اختراق السماء من غير أبوابها، يفاجأ بحرس شديد وشهب تحول بينه وبين غرضه، مثلما حدث للجن «وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا». ولهذا لا يمكن اختراق السماء إلا من خلال أبوابها، وهو ما يفسر كون المعراج من المسجد الأقصى وليس من المسجد الحرام، إذ يوجد باب للسماء فوق الأقصى بينما لا يوجد باب فوق مكةالمكرمة. وقد تناول العالم الفيزيائي السوري د. علي منصور كيالي هذه النقطة باستفاضة، مؤكدًا أن هناك ما يسمى المطر الشهبي حيث يضرب الأرض نحو 10 آلاف نيزك في الساعة، لكن بعض المساحات ليس فيها مطر شهبي وهذه تسمى أبوابا، ولهذا صعد المكوك الفضائى الروسى من كازاخستان وليس من روسيا، لأن روسيا لا توجد فوقها أبواب للسماء، وتتخذ أمريكا للسبب نفسه مركز إطلاق السفن الفضائية بجزيرة ميريت بالمحيط الاطلسي، وتضطر أوروبا إلى الذهاب للأرجنتين و«جويانا الفرنسية لكي تصعد أقمارها إلى الفضاء! وصدق الله تعالى إذ يقول: «سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ». لمزيد من مقالات أسامة الألفى