* خاض أولى تجاربه السينمائية كمخرج أول بفيلم «ملائكة فى جهنم» فى 1946.. وترك أعمالا خالدة تتجاوز المائة * ربى أبناءه على «الجدعنة».. وكان يحب زوجته حبا شديدا لدرجة أنه أطلق اسمها «نعمت» على معظم بطلات أفلامه لا يمكن الحديث عن السينما المصرية دون أن نذكر دور هذا المبدع الكبير فى تحريك مشاعر الجماهير، وخبرته الممتدة مع صناعه الفيلم المصرى، وأسلوبه فى اختيار الموضوعات والنجوم. إنه المخرج حسن الإمام الذى نحتفل هذه الأيام بمائة عام على ميلاده (حيث كان ميلاده بالمنصورة فى 6 مارس1919 ووافاه الأجل فى 29 يناير 1988 ). إنه بحق «مخرج الروائع» الذى قضى رحله فنية حافلة لأربعين سنة قدم خلالها حوالى مائة فيلم، من أشهرها جماهيريا ثلاثية نجيب محفوظ الخالدة؛ «بين القصرين»، و«قصر الشوق»، والسكرية»، بالإضافة إلى روائع أخرى مثل «زقاق المدق»، و«خلى بالك من زوزو» (الذى استمر عاما كاملا فى دور العرض)، و«حكايتى مع الزمان»، و«أميرة حبى أنا».. وغيرها. وهكذا كان حسن الإمام ملك الميلودراما الأول بلا منازع. وعلى الرغم من نجاحه الساحق فى هذه النوعية، إلا أنه لم يكتف بها بل قدم أفلامًا استعراضية وغنائية واجتماعية حققت أعلى الإيرادات فى تاريخ السينما المصرية، مما جعل المنتجين وأصحاب دور العرض يطلقون عليه هذا اللقب «مخرج الروائع». وعلى الرغم من النجاح الجماهيرى الذى حظيت به أفلام حسن الإمام إلا أنه تعرض فى حياته لظلم كبير من النقاد، ولهذا وجب ونحن نحتفل بمئويته أن نسترجع مشوار حياته المليء بالنجاح والإبداع من خلال الحوار مع ابنه الموسيقار مودى الإمام: صورة زفاف حسن الإمام بما أننا نعيش هذه الأيام ذكرى ثورة 1919 أريد أن أبدأ معك بسؤال عن تجسيد هذا المخرج الكبير لأحداث تلك الثورة فى فيلمه «بين القصرين»؟ نعم.. الجميع يتذكرون ذلك.. ولسوف يحتفل مهرجان الإسكندرية السينمائى، الذى ستقام دورته ال 35 فى أكتوبر المقبل، بمئوية ثورة 1919، وسيتم خلالها تناول أفلام حسن الإمام التى جسدت ثورة شعب مصر ضد المحتل الإنجليزى بما قدمه فى فيلمى «بين القصرين» و»قصر الشوق» بمشاهدهما الراسخة فى الوجدان والأذهان عن الثورة، ومساندة أبناء الشعب للزعيم سعد زغلول، وتفاعلهم مع أغنيات سيد درويش. حدثنا عن نشأة الوالد وعن بداياته؟ هو ابن مدينه المنصورة, ولد بها فى 6 مارس 1919 وتلقى تعليمه بمدرسة «الفرير» بالخرنفش بالقاهرة، وأجاد الفرنسية والإنجليزية، ولذا كان يميل فيما بعد إلى ترجمه أعمال أساطين الأدب الفرنسى وتقديم بعض الأعمال المقتبسة. وكان مغرما بالقراءة بشكل كبير وبعالم المسرح، فحضر العديد من العروض المسرحية التى كانت تعرض أسبوعيا على مسرح عدن بمدينه المنصورة. ثم انقلبت الأمور بوفاة والده فكان عليه حينها أن يلتفت إلى مساعدة أسرته وقرر أن يكون ذلك بترجمة النصوص الفرنسية والإنجليزية وبيعها لفرق المسرح بالقاهرة. بعد ذلك استطاع أن ينضم لفرقة رمسيس مع الفنان الكبير يوسف بك وهبى كمترجم ثم كمساعد له، ثم انتقل إلى عالم السينما وبدأ مراحل العمل الفنى كعامل «كلاكيت»، ثم عمل «راكور» فيما يخص ملابس أبطال أى عمل فنى، ثم عمل فى كل شئ خاص بالتصوير حتى أصبح مساعد مخرج ثانيا ثم مساعدا أول. وتتلمذ حسن الإمام على يد أستاذه المخرج الكبير نيازى مصطفى، وعمل معه كمساعد مخرج، وتعلم منه تحريك الكاميرا وحركه المجاميع والمونتاج. وتتلمذ أيضا على يد المخرج أحمد جلال وتعلم منه كيفية عمل الفيلم على الورق قبل البدء فى تصويره. ولقد كانت أولى تجاربه كمخرج فيلم « ملائكة فى جهنم» عام 1946، وأخرج أول ثلاثة أفلام بطابع ميلودرامى، ثم اتجه إلى الأفلام ذات الطابع الكوميدى. حسين ومودى الإمام إخراجه روايات نجيب محفوظ كان نقله كليه بالنسبة للمخرج حسن الأمام.. احكِ لنا عنها؟ بالفعل.. حتى ان الكاتب الكبير نجيب محفوظ وصف ما قدمه حسن الامام قائلا: «لقد استطاع الإمام أن يقرأ كل جزئية كانت بداخلى، ونجح فى قراءة مابين السطور بصدق، ثم قدم ذلك على الشاشة بلغه سينمائية رائعة». وقال أيضا «حسن الإمام مخرج ناجح بدرجه تثير النقمة لذا حاربه عدد من النقاد.. ولقد قدما سويا بين القصرين عام 1962، ثم زقاق المدق عام 1963، ثم قصر الشوق فى 1966 و«السكرية» عام 1973. وأنا أرى أنه نجح مع نجيب محفوظ لأنه كان «كوزموبوليتان» ولديه إلمام بكل شىء.. ومثال على ذلك أنه فى يوم قمت أنا وشقيقى حسين بدعوة المخرج الأمريكى الكبير «هارلن كلايمن» وشاهد معنا فيلم السكرية وفوجيء بأن والدى قام بعمل مشهد فى الفيلم مأخوذ من فكرة لوحه «العشاء الأخير» لليوناردو دافنشى. حسن الإمام كان ذلك المثقف الملم باللغة الفرنسية ويستطيع التحدث مع البهوات والباشوات وهو أيضا ابن البلد لذا حقق شعبية لم يحققها مخرج آخر من أبناء جيله، وكان المخرج الوحيد الذى كان يرسم إمضاءه على أفيشات الأفلام. لقد كتب حسن الامام القصة والسيناريو والزجل فكان مرهف الحس فى كل إبداعاته.. وحين التقى نجيب محفوظ عزف لنا أجمل السيمفونيات. كان عشقه الحقيقى «اللوكيشن»، وكان يتحكم فى أدق التفاصيل والجزئيات نظرا لشدة خوفه على عمله. ولا يمكن أن ننكر أن أفلام الإمام كانت سببا مباشرا فى تعريف نجيب محفوظ للجماهير لأن كل الشعب لا يقرأ القصص وإنما الكل يشاهد الأفلام. وكان آخر أفلامه من تأليف نجيب محفوظ «دنيا لله» لنور الشريف ليكون قد قدم 80% من روائع نجيب محفوظ السينمائية. كانت لدى حسن الإمام قدرة فائقة على اكتشاف الوجوه الجديدة وتقديم النجوم بشكل جديد تماما...اشرح لنا ذلك. خلال 40 عاما قدم والدى أكثر من مائة فيلم.. واستطاع فى أغلب أفلامه أن يقدم النجوم والنجمات بشكل جديد تماما ومختلف عما قدموه. ولقد رأينا ذلك مع النجمة الكبيرة نادية لطفى فى فيلم «قصر الشوق» التى خرجت من أدوار الفتاة الرقيقة الأرستقراطية وأدت دور الراقصة فى هذا الفيلم وساعدها ذلك فيما بعد فى تقديم أفلام مختلفة تماما، نذكر منها «النظارة السوداء»، و«السمان والخريف». واستطاع أيضا أن يقدم النجم الكبير يحيى شاهين فى دور أحمد عبد الجواد فى الثلاثية، وهو دور مختلف تماما عن جملة أدواره. وقدم كذلك دلوعة الشاشة شادية فى فيلم قامت فيه بتغيير جلدها هو فيلم «زقاق المدق». وكان له الفضل فى تقديم عدد كبير من النجوم، ومنهم حسين فهمى الذى قدمه فى «خلى بالك من زوزو», ونور الشريف فى «السكرية», وصلاح قابيل هو وزيزى البدراوى فى «بين القصرين», وسمير صبرى فى «حكايتى مع الزمان», ويوسف شعبان فى «زقاق المدق». وبالطبع لا يمكن أن ننسى النجمة الكبيرة هند رستم التى تبناها فنيا وكانت بداية التعاون بينهما عام 1955 فى فيلم «بنات الليل»، وتجدد التعاون مرة ثانية فى فيلم «شفيقة القبطية» فى الستينيات، والذى استمر فى السينمات لمدة 60 أسبوعا, ثم «الراهبة»، ثم قدما «عجايب يا زمن» وهو آخر عمل فنى جمع بينهما وذلك قبل اعتزالها الفن فى السبعينيات. وما هى أهم الأفلام التى أخرجها حسن الإمام وتركت أثرا كبيرا؟ لقد تناول واقع المجتمع المصرى فى الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات وانتقل بعدها بالفيلم المصرى من الأسلوب الغنائى إلى الأسلوب الدرامى، وأبدع كما ذكرنا من قبل فى مجموعه أفلام نجيب محفوظ، وفى كل من «الخرساء» و «عصر الحب» و«الخطايا» و«حب وكبرياء»، وبالطبع فى «خلى بالك من زوزو» و«أميرة حبى أنا» بالإضافة إلى «دلال المصرية» و«الراهبة» و«شفيقة القبطية» و«سلطانه الطرب» و«بمبه كشر»، ولن ننسى بالطبع «بالوالدين إحسانا» و«حكايتى مع الزمان». لماذا كانت علاقته سيئة ببعض النقاد؟ لقد أوجع النقاد أبى نقدا واتهموه بذبح قصص نجيب محفوظ.. وكان يرى أن هناك نقادا وهناك محررون..الناقد يحلل ويوجه أما المحررون فهم كثر ودائما ما كانوا يذبحونه على الورق بينما هو يتلقى القبلات من الجماهير.. وفى أحد حواراته طلب من الذين يكتبون عنه ويهاجمونه أن يعرفوه على حقيقته, وأن يحسوا بعذابه وبمشوار السنين. لقد كان حسن الإمام مدينا للضرائب، وكان يتظاهر بعكس ذلك ويطلب الستر, وقد ربى أبناءه على «الجدعنة». حصل حسن الإمام على العديد من الجوائز؛ منها الجائزة التقديرية الذهبية من الجمعية المصرية للنقاد وكتاب السينما. وكرمته الدولة عام 1976 كأحد رواد الفن السادس بشهادة تقدير، كما كرمه مهرجان «نانت» الفرنسى بعرض مجموعة من أفلامه، وجائزة «الريادة» من جمعية الشاشة الصغيرة عام 1986. حدثنا عن قصة حبه للوالدة السيدة نعمت الحديدى؟ حسن الإمام كان يحب أمى، السيدة نعمت الحديدى، حبا شديدا لدرجة أنه أطلق اسمها «نعمت» على معظم بطلات أفلامه وعلى أول حفيدة له، وأنجب أبى من أمى 3 أبناء، هم الفنان الراحل حسين الإمام، والسيدة زينب الإمام الصحفية بجريدة «الأهرام» سابقا¡ وأنا. ولقد وصفته أمى فى لقاء تليفزيونى معها بأنه كان «شريك حياة بالمعنى المظبوط» حيث كان يهتم بها فى كل صغيرة وكبيرة، ويتشارك معها فى كل شيء يخصه.. كان رجلا يقدس بيته وزوجته وحياته الأسرية. ولكن هناك شائعات تناولت علاقته بالنجمة هند رستم؟ علاقته بجميع بطلات أفلامه كانت تقوم على الاحترام، ولم تربط الشائعات سوى بينه وبين الفنانة هند رستم، فبعد النجاح المدوى الذى حققته معه تحدثت بعض الصحف عن ارتباطهما، بل ذكرت بعض الصحف أنه طلب الزواج منها وأنها رفضت، ولكن الفنانة هند رستم فى العديد من حواراتها أنكرت هذه الشائعات تماما، وقالت «المخرج الرائع حسن الإمام رجل يحترم بيته ويقدس حياته الأسرية، وزوجته نعمت الحديدى صديقتى واحتضنتنى فى بداياتى». وما هى قصة الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية للمخرج حسن الإمام؟ هناك قضية اعتداء على حقوق الملكية الفكرية و قضية استغلال غير مسموح بها لاسم والدى (خارج نطاق أفلامه وفنه) فى أحد المهرجانات الجديدة، وهو «مهرجان شرم الشيخ للسينما الآسيوية» الذى أقيم تحت رعاية وزارتين. وقد قمت بجمع أسماء رؤساء الكيانات الراعية للمهرجان وأنذرتهم بكل احترام حرصاً على مصالحهم و على حقوق عائلتى.. وأرى أنه لن يستطيع أحد أن يقدم عملا على قدر كبير من الرقى عن والدى إلا صاحبة السعادة النجمة إسعاد يونس لأنها ستحسن إنتاجه وستحترم أبناءه ومحبيه¡ وستستعين بنا لتتعرف على التفاصيل الدقيقة حبا واحتراما لمسيرة هذا المخرج العظيم.