* المواطنون: مغالاة فى الأسعار.. ونظام التقسيط بلا ضوابط * أبوشادى: ترك السوق للعرض والطلب يؤدى إلى الفوضى * الوكيل: غير القانونى منها يبيع سلعا مهربة أو من إنتاج «بير السلم» * رئيس حماية المستهلك: يجب الشراء بفاتورة معتمدة ومن مصادر موثوقة ضمانا لحق الجميع
من الطبيعى أن يبحث كل مواطن عن السعر المناسب والجودة المقبولة فى أى مكان سواء لتلبية احتياجات أسرته أو لتجهيز البنات، وبالأخص إذا كانت مصحوبة بتسهيلات فى السداد وتتبع نظام التقسيط، ولذلك ظهرت فكرة المعارض السلعية التى تغطى تلك الاحتياجات بأقل الأسعار.. وهذه المعارض تنتشر فى طول مصر وعرضها تقريبا طوال العام وإن كانت تزداد كثافتها فى مواسم معينة مثل شهر رمضان ودخول المدارس والأعياد.. صحيح أنها تجذب الجماهير بزعم أنها تبيع السلع والمنتجات بأقل من أسعار السوق وبتيسيرات كبيرة، لكن الواقع يكشف تناقض ذلك فى عدد غير قليل منها فمن يقوم بجولة فيها يجد تفاوتا كبيرا ولافتا فى الأسعار ولا أحد يعلم على أى أساس يتم تقدير الأسعار وفوائد التقسيط وهذا هو بيت القصيد. وهناك معارض أخرى تقام داخل بعض المؤسسات والشركات والنوادى الاجتماعية خارج أى مظلة رقابية وتبيع ذات السلعة المعروضة فى المعرض «القانونى» لكن بسعر أعلى ونظم تقسيط مغال فيها جدا. «تحقيقات الأهرام» رصدت الواقع فى عدد من المعارض لتكشف حجم المبالغات والمخالفات وناقشت مع الخبراء والمسئولين كيفية تحقيق التوازن السعرى وكيفية إنهاء هذه الفوضى. المواطن يشكو طفنا ببعض المعارض وكانت هذه حصيلة الجولة إحدى كبرى المؤسسات بوسط البلد يقام بها معرض شبه موسمى أسعاره مرتفعة بشكل واضح عن غيره، كما يقول أحمد ابراهيم ورجب محمد ومجدى حسن، وجميعهم موظفون فى تلك المؤسسة حيث يقول الأول إنه سأل عن جهاز محمول لابنته، مضيفاً: «من ستر الله بى أننى سألت عن سعره لدى الوكيل فكان 5000 جنيه، وهناك موزعون يبيعونه بأقل من ذلك ب 200 جنيه وبالسؤال عن سعره فى المعرض وجده يزيد على سعر الوكيل المعروف عنه أنه أعلى سعر فى السوق بكثير ليجده عند تقسيطه على سنة واحدة سيبلغ إجمالى ما يدفعه نحو 7500 جنيه بزيادة 50% على السعر نقدا»، وعندما استفزته الأسعار واجه منظم المعرض فكان رده: إن هناك خطأ سيتم تداركه! وهو ما كان محل شك لأن هذا الأمر تكرر مع نوعين آخرين من الأجهزة وتساءل: هل الخطأ يتكرر فى 3 أنواع مرة واحدة؟ أما رجب فقال: سألت عن بطانية ظنا منى أنها ستكون رخيصة لانتهاء موسم الشتاء، لكن سعرها كان مرتفعا عن سعر السوق بأكثر من 25%، وتكرر السيناريو ذاته مع مجدى الذى كان يريد شراء إحدى أدوات المطبخ لبيته لكنه وجد سعرا لم يره فى أى مكان آخر فآثر السلامة وعدم الشراء من هذا المعرض بعدما رأى ما جرى له ولزميليه وقرروا جميعا عدم الشراء من هذا المعرض. دون مبالغة وعلى النقيض من ذلك وجدنا بعض الجادين الذين يقدمون خدمة حقيقية بلا مبالغة فى السعر أو «تدن فى الجودة» ومثال ذلك أحد المعارض المقام فى أحد الشوارع الرئيسية بالجيزة وتحديدا فى شارع فيصل, والذى تراوحت آراء المواطنين فيه بين الجيدة من حيث السعر والنوع خاصة منتجات الشركات المعروفة، وهو ما أكده أحمد حسن من سكان فيصل، قائلا إن السعر جيد الى حد كبير، وطبقا لما يؤكده سعيد أحمد من أن الأسعار ليس فيها تخفيض يذكر وإذا وجد فهو قليل لا يستدعى القدوم الى مكان المعرض إلا إذا كان فى طريقي، مضيفا أنه جاء اليه «من باب حب الاستطلاع» وما يوفره فى الشراء منه سينفقه فى المواصلات والانتقال إليه. تصريح الجهات الست! يقول اللواء دكتور محمد أبوشادى رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية الشرطة وزير التموين والتجارة الداخلية الأسبق: المفروض قبل إقامة أى من هذه المعارض أن يتم الحصول على تصريح من الجهات الست المسئولة وهى التموين والصناعة لمراجعة المواصفات القياسية وباعتبارها المسئولة عن الهيئة العامة للمعارض والغرفة التجارية لمسئوليتها عن التجار، والزراعة فى المنتجات الخاصة بالانتاج الحيوانى من لحوم ودواجن وأسماك، والمحليات المقام على أرضها المعرض، وأخيرا الداخلية من خلال مباحث التموين، وهذا التعدد «صحى» لأنه يضمن تنافس كل منها ومراقبتها لبعضها ولكن الخطر أن كلا من الجهات السابقة تملك حق إصدار تصريح بإقامة معرض وهو ثغرة يستطيع كل مخالف النفاذ منها دون محاسبة والتذرع بذلك أمام الجهات الرقابية، لذا فلابد من تعديل تشريعى يحدد جهة موحدة أومسئوليات كل جهة. رأسمالية متوحشة وأضاف أبوشادى إن التجربة أثبتت أن الاحتكام لآليات العرض والطلب وحدها يعنى الفوضى ولن يخدم المستهلك أو الدولة، والتجارب كلها تؤكد ضرورة عودة الرقابة على الأسعار بشرط تعديل التشريعات وتوحيدها والاستعانة بعناصر الخبرة داخل الأجهزة الرقابية المعنية ودعمها بالإمكانات المادية والبشرية وتدريبها وتأهيلها بشكل مستمر والاستفادة من وسائل التكنولوجيا من معامل تحليل متقدمة ورصد الأسواق، مع عدم السماح بإقامة المعارض فى أى مكان غير مصرح به. منافذ بيع ويصف أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية هذه المعارض بأنها «ليست معارض وإنما منافذ بيع جماعية للسلع» والمفترض فيمن يقيمها الحصول على موافقة من الغرفة التجارية التابع لها لأنها - طبقا للقانون 189 لسنة 1951- هى التى ترعى المصالح التجارية والصناعية والخدمية لأعضائها وتمثلهم أمام الجهات التنفيذية، كما يشترط تحديد السلع وأسعارها ومدة البيع، وهناك معارض غير قانونية لم تحصل على تصاريح وبعضها يبيع سلعا مهربة أو مصنعة فى بئر السلم، والمسئولية تقع بالدرجة الأولى على الجهات المؤجرة لأماكن هذه المنافذ أو التى سمحت بإقامتها فيها دون التأكد من الحصول على التصاريح اللازمة، كما أن المستهلك مسئول لأنه لم يتحر الدقة فى مصدر ما يشتريه وجودته وبفاتورة موثقة حفاظا على حقه فى الضمان والصيانة وقطع الغيار وصلاحيتها سواء كانت سلعا غذائية أو صناعية، تتلوها مسئولية الجهات الرقابية المطالبة بمنع إقامتها ومساءلة أى جهة تسمح بذلك دون تصريح. مظلة الغرفة المحاسب عادل ناصف سكرتير الاتحاد العام للغرف التجارية ورئيس مجلس إدارة غرفة الجيزة قال إن الغرفة التجارية بالجيزة تقيم سنويا ما بين 20 و25 معرضا، والأولوية للمناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة وحسب مدى احتياج المواطن لها مع التركيز على السلع الأساسية مثل الشاى والزيت والسكر وغيرها قبل شهر رمضان، والأدوات المكتبية قبل دخول المدارس، بالتنسيق مع المحافظة لاختيار قطع الأراضى المتاحة وتتولى أجهزة المحافظة توصيل المرافق لها، وينحصر دورنا فى اختيار التجار ذوى السمعة الطيبة، ونشترط تقديمهم بيانا لنا بالسلع المقدمة من كل منهم فى فترة المعرض وقيمة التخفيض، مع العلم بأن جميع هذه المعارض تقام على نفقة الغرفة التجارية بالجيزة ولا يتحمل التاجر أوالعارض منها أى مبالغ حتى نمكنه من تقديم سعر حقيقى مخفض، وهذه المعارض تبلغ قيمة مبيعاتها أكثر من 25 مليون جنيه سنويًا وتنال ثقة الجميع، بما يؤكد جديتنا وحرصنا على وصول السلع للمواطن بأسعار مناسبة دون المساس بالجودة، فدور الغرفة ليس الرقابة على السلع، وإنما تقديم تقارير للجهات الرقابية عن مدى توافرها ولا علاقة لها بارتفاع أوانخفاض الأسعار أو نقص المعروض منها. وقال: أهيب بكل من يقيم معرضا خارج مظلة الغرفة سواء جهات عمل أو نقابات أو نواد ضرورة إخطارنا والحصول على موافقتنا حماية للمواطن والدولة والعارض، وإلا فلسنا مسئولين عما يقدمه أو ما يبيعه للمواطن لأنه قد يغالى فى السعر أو يقدم سلعا منخفضة الجودة، ونحن نرفض طلبات كثيرة جدا من جهات عديدة لإقامة معارض لأنها لم تحدد السلع المراد بيعها وأسعارها. حماية المستهلك سألنا الدكتور راضى عبد العاطى رئيس جهاز حماية المستهلك عن الطريقة التى يحمى بها المواطن نفسه ويضمن بها حقه عند شراء أى سلعة فقال: إن الجهاز يهيب بأى مواطن يتعرض لشبهة استغلال فى مثل هذه المعارض أو غيرها التقدم على الفور الى الجهاز عبر الآليات المتاحة من خلال الواتس آب أو الخط الساخن 19588 أو الموقع الإلكترونى للجهاز على شبكة الإنترنت، مؤيدا شكواه بفاتورة الشراء التى تعتبر «شهادة ضمان» ولا يمكن الوصول اليه إلا بها وألا يخضع لأى مناورات من البائعين للالتفاف حول هذه النقطة بالذات حتى نتمكن من إعادة حقه له ومساءلة المخالف، وشدد على أنه لا بد أن يشترى المواطن من «مصادر موثوقة» وفى «أماكن محددة وشبه دائمة» أو على الأقل تحت وصاية جهات معروفة، وليس من أى مكان. زيادة المخصصات أما النائب عمرو غلاب عضو اللجنة الاقتصادية بالبرلمان ورئيسها السابق، فيقول: إن قانون حماية المستهلك الذى عملت اللجنة تحت رئاسته طوال العامين الماضيين على خروجه الى النور لابد من تفعيله، لكن ذلك يقتضى مساعدة الجهات الرقابية مثل جهاز حماية المستهلك وأجهزة الرقابة الأخرى ومدها بالإمكانات اللازمة ماديا وبشريا حتى تستطيع القيام بواجبها المنوط بها، ومن خلالكم أطالب وزارة المالية بزيادة مخصصات تلك الجهات لتفعيل القانون وتمكينها من مد مظلة الحماية لجميع المستهلكين وإلى أن يتم ذلك سيظل هناك قصور كبير فى المهام سببه قلة الإمكانات، بالإضافة الى ضرورة تفعيل دور جمعيات حماية المستهلك وينبغى ألا تظل لافتات بلا مضمون وغيابها عن الساحة مؤثر للغاية على ضبط الأسواق.