لماذا دخل إبليس اللعين مع الملائكة في أمر الله عز وجل لهم بالسجود لآدم عليه السلام مع أنه ليس من الملائكة. (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ )" البقرة :34". فالله حدد نوع ابليس أنه من الجن: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا) "الكهف :50". دخل إبليس لأنه اجتهد في العبادة وطاعة الله عز وجل حتى أنه بزَّ بعض الملائكة فى طاعته لربه وهو ما جعلهم يُطلقون عليه لقب "طاووس الملائكة". ومع ذلك زلَّ وانتكس عندما أُختبر في أمر واحد وهو السجود لآدم عليه السلام، فقاس الأمر الرباني بعقله فخرج من نعيم الجنة ونعيم القرب من المولي عز وجل إلى عذاب البعد وأصبح رجيما ملعونا إلى يوم الدين. حدث هذا من إبليس مع علمه ومعرفته بالله عز وجل، لكن لم ينفعه العلم لما تكبر ورفض الحق وحسد آدم عليه السلام ورأى نفسه خيرا منه: (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ) "الأعراف :12" حدث ذلك من بلعام بن باعوراء وهو عالم من بني إسرائيل غرته الدنيا ونعيمها الزائل فانتكس وضرب الله به المثل لأهل العلم تخويفا وتحذيرا (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ۚ ذَّٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۚ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) "الأعراف :176" وحدث ذلك من اليهود لمَّا لم ينتفعوا بعلمهم وجعلوه قراطيس يُظهرون الحق إذا ناسب أهواءهم ومصالحهم ومكاسبهم المادية الدنيوية ويُخفونه إذا تعارض مع أهوائهم المريضة: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) "الجُمُعة 5" ففي توضيح وبيان الله عز وجل في كتابه لحال هؤلاء المُنتكسين بعد استقامة والضالين بعد هدى، البائعين لدينهم مقابل المال أوالشهرة أوالمنصب ما يشفى الصدور عندما نراهم ونتابع أحوالهم في أيامنا هذه، ونضرب كفا على كف عندما نسمع فتاويهم التى يعلمون علم اليقين أنهم ما ينطقون بها ويدافعون عنها إلا من أجل الشهرة ولفت الأنظار. ولذا نراهم على شاشات الفضائيات يأتون بالعجائب والمناكير بلا حياء من خالق أومخلوق. فانتكاسة هؤلاء ليست هي الصدمة، ولكن الصدمة الحقيقية فيمن يتعجب وينتكس هو كذلك بانتكاسة هؤلاء"، فالنبي صلى الله عليه وسلم احتاج للتثبيت من ربه وهو من هو أكمل الخلق عقلا وروحا وأبعدهم عن اتباع الهوى الفاسد والوقوع في شهوات الدنيا والاستسلام لوسواسات ابليس. يقول الله لنبيه صلي الله عليه وسلم: (وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا )"الإسراء :74)" [email protected] لمزيد من مقالات عبد الفتاح أنور البطة