لماذا يفتح حزب الله النار الآن ضد رئيس وزراء لبنان الأسبق فؤاد السنيورة، الذراع اليمنى خلال عهد الراحل رفيق الحريري، وأحد أبرز ممثلى الحريرية السياسية، وأحد صقور تيار المستقبل فى لبنان؟ ولماذا صمت حزب الله سنوات عدة على فساد السنيورة، إذا كان فاسدا ومبددا للمال العام عندما كان وزيرا للمالية ثم رئيسا للوزراء بعد اغتيال رفيق الحريرى ومتهما إياه تلميحا لاتصريحا بتبديد 11 مليار دولار، بعد حرب يوليو2006 بين إسرائيل وحزب الله؟ ولماذا يبدأ حزب الله الآن معركته الداخلية ضد الفساد، مصوبا رصاصه لأحد رموز السنة والسياسة فى لبنان؟ وينسى أو يتناسى سلاحه وفساده فى الحياة السياسية اللبنانية، ومشاركته فى الحرب داخل سوريا ضد السنة، حسب توصيف الشارع السنى فى لبنان. ولماذا يقف الآن الشارع السنى سياسيا وشعبيا خلف السنيورة، مؤكدا أن السنيورة خط أحمر حسب وصف مفتى الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان؟.. أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابة لتوضيح أبعاد معركة حزب الله ضد الفساد كما يسميها، أو ضد السنيورة كما يطلق عليها فى الشارع اللبنانى منذ أيام. حرب حزب الله ضد السنيورة جاءت من خلال مطالبة حسن فضل الله النائب اللبنانى عن كتلة الوفاء للمقاومة، الموكل من حزب الله بفتح ملفات الفساد فى الفترة التى تولى فيها السنيورة وزارة المالية ثم رئاسة الوزراء بعد اغتيال الحريرى فى 2005، مطالبا بكشف حساب إنفاق 11مليار دولار لم تدخل خزينة الدولة من الدعم الدولى بعد حرب يوليو بين حزب الله وإسرائيل فى 2006، وبمجرد إعلان فضل الله قامت الدنيا ولم تقعد فى لبنان، وبالرغم من عدم تسمية فضل الله - حزب الله- للسنيورة كمتهم رئيسى فى فساد ال11مليار دولار، فإن الأخير استبق الأحداث وعقد مؤتمرا صحفيا فى نقابة الصحفيين اللبنانيين، أكد فيه أن حزب الله هو من أدخل نفسه فى مأزقه السياسى وفى نزاعات المنطقة وأخذ الدولة رهينة لصراعاته ومنع دوران العجلة الاقتصادية، وحجب أموال الجمارك عن الدولة عبر عدد من المعابر الخاصة، وخاض حروبا منهكة للخزينة حالت دون تحقيق النمو المستدام منذ العام 2011، كما حصل عجز فى ميزان المدفوعات، وهو لم يصرح عن المساعدات الإيرانية المباشرة دون علم الدولة، وهو الذى اعتدى على حياة المواطن والوطن، ومن فعل ويفعل ذلك لا يحق له توزيع الاتهامات. ورد فضل الله ببيان على المؤتمر الصحفى للسنيورة قال فيه : لقد حرصنا منذ البداية على وضع ملف الحسابات المالية للدولة اللبنانية فى إطاره القانوني، وقمنا بمسئولياتنا فى الرقابة البرلمانية على عمل السلطة التنفيذية، ولم نعمد إلى توجيه الاتهام لأحد، ومن جهة أخرى فإن هذا الأمر من اختصاص القضاء، . ومما يثير الشكوك فى نية حزب الله فتح ملف الفساد، هو التركيز على مرحلة تولى السنّيورة لرئاسة الوزراء، فى فترة غياب وزراء الثنائى الشيعى - حزب الله وحركة أمل-، حين كان حزب الله يصف حكومة السنيورة بالحكومة المبتورة، وغير الشرعية، بالتزامن مع تعطيل الرئيس نبيه برى للمجلس النيابي، استكمالاً لتطويق حكومة السنيورة،وكان عمل المجلس النيابى معطلاً، ولذلك لجأ السنيورة إلى صرف موازنات الوزارات والإدارات، فى ظل عدم وجود موازنة عامة، وهذا الإجراء لم يكن يجرى بموجب قانون صادر عن مجلس النواب. والسؤال.. لماذا السنيورة؟ السنيورة هو السياسى الأكثر خصومة مع الحزب، وثباتاً فى مواجهته، وهو من استطاع الصمود متحدياً أعتى الحملات لإسقاطه، والتى لم تنجح فى زعزعة الرجل الذى حوصر فى السراى الحكومي، ثم كان الفيتو واضحاً من حزب الله ضد السنيورة، لأنه وقف ضد الحزب وسلاحه وفساده، ومشاركته فى الحرب بسوريا، وهو-السنيورة- صاحب اليد الطولى فى تشكيل المحكمة الدولية التى تحقق فى اغتيال الحريري، المتهم فيه عناصر من حزب الله، كما انه كان ضد مجئ عون رئيسا فى صفقة أرادها حزب الله وتحققت، كما انه رفض قانون الانتخاب الأخير الذى على أساسه أصبح لحزب الله الثلث المعطل فى السياسة اللبنانية. تيارالمستقبل بزعامة رئيس الوزراء سعد الحريري، اعتبر أن السنيورة هو الخط الأحمر الذى لا يمكن تجاوزه بالسهولة التى يتخيلها حزب الله، فهو اليد اليمنى التى كانت للرئيس الراحل رفيق الحريري، ولن يجرؤ أحد على أن يقطعها. ومع تأكيد حزب الله على فساد السنيورة، ورد السنيورة على اتهامات الحزب، فإن الشارع اللبنانى منقسم بين مؤيد لمحاربة الفساد أيا كان مرتكبه، وبين من يدافع عن السنيورة معتبرا ما يفعله حزب الله هو تجييش للشارع ضد رموز السنة، لكسب أرضية جديدة بعد الحصار العربى والدولى لحزب الله وتصنيفه منظمة إرهابية، مما يخشى معه انتقال السجال الإعلامى والسياسى إلى الشارع بين السنة والشيعة ،وهو الأمر الذى لن تحمد عقباه، فهل يظل الخلاف بيد القضاء للفصل فيه، أم أن المزايدات من الطرفين ستصب الزيت على النار ليشتعل وتخرج الأمور عن السيطرة؟.