بين الجماهير والكرة علاقة تتجاوز حدود الملعب، وإنما تشبه علاقة المحبين.. ففيها تكمن كل تفاصيل الغرام من الشوق والهوس واللوعة وفرحة القلوب وانكسارها. خبراء الكرة أطلقوا على الجمهور اللاعب رقم 12 لكنه فى أحيان كثيرة يصبح رقم 1 حينما يحولون بحناجرهم الملتهبة حماسا الهزيمة إلى فوز.. ويحولون استسلام اللاعبين إلى روح قتالية لا ترى غير الانتصارات، وكم من مباريات تحول مجراها بفضل هتاف الجماهير . هم فى معاجم كرة القدم وقواميسها مختلفة اللغات (نعمة) لأى فريق.. يهتفون..يدعمون..يدفعون الغالى والنفيس حتى يروا فريقهم يتقدم ويرتقى. لكن مثل كل النعم تتحول الجماهير إلى (نقمة) عندما تتجاوز الحدود المرسومة وتصبح هى اللاعب والمدرب والحكم، ويعطى البعض الحق لأنفسهم فى تعديل ما يرون انه بحاجة لذلك وكأن كوكب الكرة ليس فيه سواهم. فى مصر تسكن المتعة فى الجمهور، الذى هو أقرب لعائلات تتشكل فى ملاعب الكرة.. يتشاركون الفرح والحزن وتولد فى المسافات الصغيرة مشاعر إنسانية أكثر صلابة من أحجار المدرجات. ومع اقتراب موعد كأس الأمم الإفريقية 2019 التى تعود مصر لاستضافتها مجددا يتطلع الجمع فى محاولة استقراء ما هو آت بين عيون آملة فى عودة لوحات 2006 المخملية، وعيون أخرى تخشى آن تصل حالة الاستقطاب «الافتراضية» إلى مدرجات البطولة. ونحن بين هؤلاء وأولئك نتطلع للموعد الإفريقى الكبير بثقة العارف بما ينتظر الأشقاء من مشاعر ود تكفى لاحتضان القارة السمراء بمن فيها، وترسل للعالم رسائلها المعتادة عن مصر بلد السلام والحب.