فى المعرض السنوى للإلكترونيات فى لاس فيجاس، استطاع تاكسى أوبر الطائر أن يكون القطعة الأكثر إثارة للاهتمام هذا العام، لاسيما وقد أعلنت الشركة أن حافلتها الطائرة ستهبط فى الأسواق بحلول عام 2023. فكرة العربة التى تسير على الأرض ثم تنطلق لتطير فى السماء ليست بالجديدة، بل إن السيارة كما نعرفها اليوم، قطعت أيضا فى تطورها مشوارا طويلا منذ أن اخترع أهل بلاد الرافدين العجلة عام 3500 قبل الميلاد وصولا إلى السيارة التى تسوق نفسها بنفسها. ويقود التطور فى هذا الإتجاه ثلاث شركات لم يكن لها وجود فى القرن العشرين، هى جوجل وتسلا وأوبر. وتتميز تسلا على وجه الخصوص بجرأتها الشديدة فى تجاربها التطبيقية على الابتكارات الإليكترونية لتطوير خصائص السيارات ذاتية القيادة اعتمادا على نظام ال «أوتو بايلوت» أو القيادة الآلية. وفى مطلع العام الحالى طورت الشركة برنامجها بحيث يصبح فى مقدور السيارة الآلية أن تتعرف على صوت صاحبها وتستجيب لأوامره عن بُعد. كما تم تطوير التطبيقات التى تمد قائدى السيارات حاليا بمعلومات عن أحوال المرور بحيث يصير فى إمكان السيارات الآلية أن تتواصل إليكترونيا وتتبادل فيما بينها البيانات والتحذيرات بما يجعلها أكثر أمانا من السيارات التى يقودها بشر. وبما أن المركبات ستقود نفسها آليا، فقد تخيل المبتكرون شكلا آخر للسيارة من الداخل يجعلها كمكتب أو كغرفة معيشة يقوم فيها الإنسان بأنشطته المعتادة، حيث لن يكون منشغلا بالقيادة. فى هذا السياق تبدو السيارة الطائرة التطور الطبيعى للعربة التى تسير على الأرض. وفى 1926 سبق رائد صناعة السيارات الأمريكى هنرى فورد أفلام الخيال العلمى، عندما أراد إنتاج موديل طائر من سيارته تي-فورد، لكنه تخلى عن الفكرة عندما انتهت التجربة الميدانية لسيارته الطائرة نهاية مأساوية حيث سقطت وقُتل سائقها. وفى الخمسينيات عمل خبراء من الجيش الأمريكى ومن إحدى شركات السيارات المعروفة فى مشروع مشترك لانتاج سيارة جيب يمكنها الطيران، لكن المشروع انتهى بلا نتيجة. ومنذ ذلك الحين والفكرة تدور فى المختبرات وتظهر فى معارض الابتكارات الإليكترونية. وكانت شركة اسمها تيرافوجيا قد أعلنت فى 2013 أن سيارتها التى تطير ذاتيا والتى تقلع وتهبط رأسيا باستخدام مراوح كالطائرة الهليكوبتر ستغزو الأسواق فى غضون سنوات قليلة. كل هذه الأنباء جعلت الكثيرين يتساءلون، متى تصل السيارة الطائرة إلى الأسواق العالمية؟! ويستبعد الخبير الاقتصادى ديريك تومسون مؤلف كتاب «الصناع المهرة» احتمال انتشار السيارة الطائرة فى المستقبل القريب لأنها تبدو غير قابلة للتكيف مع الطبيعة العمرانية للمدن. يقول إنها ستضيف عبئا هائلا على مدن العالم التى تعانى بالفعل كثيرا من الأزمات. من ذلك مشاكل تأمين سلامة وسائل النقل، وحيث احتمالات وقوع كوارث رهيبة فى المبانى وعلى الطرقات فى حالة حدوث مصادمات بين السيارات الطائرة فى السماء. ومنها أيضا مشكلة الإزعاج، فالمراوح التى تُشغل هذه السيارات عند الإقلاع تحدث ضجة رهيبة تزيد من التلوث السمعى المتفشى عالميا. يُضاف لذلك أن تلك السيارات تحتاج بنية أساسية ومواقف خاصة رأسية للإقلاع والهبوط، وهو ما يعجز عن تصوره الآن مخططو المدن. وهكذا، فإن الاحتمال الأرجح أن السيارة الطائرة قد تصل قريبا إلى الأسواق، وسوف يتسابق أغنى الأثرياء لاقتنائها، لكنها ستظل قاصرة على الاستخدام فى المناطق الريفية والضواحى البعيدة. من غير المتوقع أن تحلق فى سماء نيويورك ولندن أو طوكيو والقاهرة، فمشاكل هذه المدن لن تسمح للسيارة الطائرة بالهبوط غدا إلى أرض الواقع.