عندما تعيش حالة عميقة من حالات السكينة يختفى فيها الكلام، وتشعر برؤية داخلية مُبهجة وإحساس بالتصالُح مع النفس والحياة فتضحك وتَبكى وتَحزن وتَفرح وتُحب وتُغنى وتتمايل على أنغام تأخُذك من أحساس لآخر كأمواج البحر عندئذ ترى أمام عينيك حياتك وما بها من أحزان وأفراح فى لحظة واحدة، تلك هى الحالة التى تعيشها وأنت هائم فى أحضان موسيقى عمر خيرت بالأوبرا. هذا العملاق تعيش معه كل الأحاسيس من جديد بين الأنغام؛ تنفس عشقا فأنت فى حضرة صاحب الخلطة الموسيقية السحرية التى تعرف كيف تأخذك لتذوب داخلها وتجد نفسك تارة بمفردك وسط هذا الكم الكبير من محبيه؛ وتارة أخرى «سولو» أنت والفرقة فقط تغمض عينيك عندما يلمس الإبداع الناعم وتر الذكريات والأحزان لتتناثر تلك الدموع الحائرة التى كانت تتوارى خلف هاتين المُقلتين اللامعتين، فعندما تقوم «العاصفة» تهدأ على أنين الكمان فى «الداعية» لتحتضنها باقى نغمات الأوركسترا ليُصبحا «جيران الهنا» فيكتشف الحضور بين حالة العشق الحاضرة بقوة أن «هى دى الحياة» وفجأة يتحول كل شيء عندما تمتزج الكلمات بالموسيقى وترتفع أصوات غناء الجميع كصوت واحد داخل المسرح الكبير «فيها حاجة حلوة.. حاجة حلوة بينا.. حاجة كل مادا تزيد زيادة فيها إن.. فيها نية صافية.. فيها حاجة دافية.. حاجة بتخليك تتبت فيها سِنّة سنة». وبعدها يتمايل الحضور مع واحدة من روائع أغانى الرومانسية «عارفة» قبل أن تخطف الأنفاس روعة كلمات وموسيقى «الخواجة عبد القادر». بعد كل هذا تستيقظ وكأنك كنت فى حلم جميل على صوت أحد الحضور: «بنحبك ياااااا عمر».. ويخرج الكل هائمين فى حضن تلك الحالة التى أبدعها الموسيقار الكبير متسائلين عن سبب تلك الحالة الجميلة، لتأتى الإجابة مسرعة بأن الحالة أخذت عظمتها وشُهرتها وخُلودها من كونها مزيجا من إبداع موسيقى وإحساس مُرهف وفريق عمل مُتناغم أحب عمر مثل ما أحب عمر موسيقاه.