يبدو أن الحاجة باتت ملحة لدى العديد من دول العالم لإيجاد خطط جديدة و مبتكرة لإنعاش اقتصادها فى الآونة الأخيرة، فنجد بعض الدول عدلت فى قوانينها وتشريعاتها الخاصة بالقطاع العقاري، لكى تجعلها أكثر مرونة ومنافسة وقدرة على جذب مزيد من المستثمرين الأجانب المالكين حول العالم، بينما اتجهت دول أخرى إلى الربط بين نشاطات السوق العقارى والتملك بمنح الجنسية أو الإقامة الدائمة فيها. و ذكرت صحيفة «الجارديان» البريطانية فى تقرير نشر أخيرا أن مدينة سامبوكا الجبلية ذات التراث العربى الإسلامي، بجزيرة صقلية الإيطالية كانت من ضمن المدن التى أثارت ضجة خلال الأيام القليلة الماضية، بعد أن أعلن المسئولون فيها حزمة قرارات حيوية لإعادة بناء المدينة، ودبت الروح فيها بعد 50 سنة من هجرة سكانها، ومن أبرز هذه القرارات عرض منازل وشقق بالمدينة للبيع بحد أدنى يصل إلى واحد يورو فقط.
وأضافت «الجارديان» أن من شروط العقد الأساسية، أن على المالك الجديد أن يجدد شقته أو منزله فى غضون 3 سنوات بسعر يبدأ من 15 ألف يورو، كما سيحتاج إلى إيداع 5 آلاف يورو كوديعة ، يمكن استعادتها عند اكتمال أعمال التجديد.
ونقلت «الجارديان» عن جوزيبى كاشيوبو نائب رئيس المدينة ومستشارها السياحي، أنه فور الإعلان عن بيع البيوت بهذه الأسعار الزهيدة كان هناك طوفان من الاتصالات و الرسائل من كل أنحاء العالم، و أضاف أن مجلس المدينة تلقى نحو 300 مكالمة تليفونية و 94 ألف رسالة الكترونية من المشترين الذين يجدون فى هذا العرض فرصة لا تعوض.
وأضاف كاشيوبو أن هناك 17 منزلا مملوكا لمجلس المدينة معروضين للبيع فى سامبوكا، وأشار إلى أنه سوف يتم إضافة 15 آخرى فى خلال فترة قصيرة ، بينما يوجد 400 منزل آخر مملوك للقطاع الخاص قد يعرض للبيع، خلال الأيام القليلة المقبلة فى المزادات.
وتعتبر مدينة سامبوكا من أجمل المدن الإيطالية لوجود العديد من المناظر الخلابة بها فهى تقع داخل محمية طبيعية، حيث تحيط بها الغابات والجبال من كل اتجاه بينما تبعد نحو الساعة بالسيارة عن مدينة صقلية، كما أنها تحتوى على العديد من الآثار الإغريقية و الإسلامية.
وكانت هذه المدينة الجميلة مزدحمة بالسكان فى يوم من الأيام حيث كان يبلغ عدد سكانها 9 آلاف نسمة، بينما أصبحوا الآن نحو 5 آلاف فقط، بعدما تخلى عنها عدد كبير من سكانها. وذكرت صحيفة «الجارديان» أن السبب الرئيسى وراء ذلك كان الزلزال القوى الذى ضرب غرب صقلية فى يناير 1968، و بلغت قوته 6،1 درجة على مقياس ريختر، مما أسفر عن مقتل 231 شخصًا وإصابة أكثر من ألف شخص، بينما تشرد الآلاف واضطروا للفرار إلى أماكن أخرى للعيش فيها بأمان، ليحل محلهم عدد كبير من أفراد عصابات المافيا.
ومدينة سامبوكا ليست أول مدينة فى صقلية تحاول استقطاب الأجانب بعروض مغرية تصل إلى ثمن فنجان قهوة، فقد سبقتها قرية جانجي ، و التى تقع جنوب صقلية .
ومن ضمن الدول الأوروبية الأخرى التى اتجهت خلال السنوات الماضية إلى استقطاب الاستثمارات إليها مستخدمة خططا ترويجية لتنشيط السوق العقارية بها، كانت قبرص وإسبانيا والبرتغال واليونان والمجر ، حيث عدلت السلطات بها قوانين التملك و الإيجار لتنشيط السوق العقارية، بعدما تدنت أسعار العقارات .
كما حاولت السلطات فى تركيا استقطاب الاستثمارات الأجنبية إليها قبل سنوات، حيث تم تعديل بعض قوانين التملك فى السوق العقارية، حتى يتمتع الأجانب بحق التملك فيها مقابل حق الإقامة. أما مونت نجرو فإنها تمنح الجنسية مقابل مبلغ 500 ألف دولار، وفى جزيرة جيرسى التى تقع فى القناة الإنجليزية فى شمال غرب أوروبا، وتبعد نحو 160 كم جنوبإنجلترا فإن الحد الأدنى للاستثمار من أجل التقدم بطلب إقامة يبلغ 125 ألف يورو فى السنة، وتمنح لاتفيا حق إقامة مؤقتة بعد شراء عقارات بقيمة 250 ألف يورو ودفع رسم حكومى بنسبة 5%، وتمنح جزيرة مالطا الإقامة مقابل شراء ممتلكات بقيمة 275 ألف يورو.
فهل سينجح هذا الأسلوب الجديد الذى تتبعه مختلف دول العالم لإدارة أزماتها الاقتصادية بشكل فوري، أم أن هذا الحل مجرد مسكن مؤقت، وسيعقبه ندم الكثير من الدول بعد دخول أجانب إليها و تملكهم أجزاءمن أراضيها التى هى من حق أبنائها؟.