«أنا أحب حجازى، الشاعر الكبير الذى التقيته مرات قليلة، فعانيت من فتنة المرور بجواره طويلًا، وانتشيت بصحبته المبهجة، واستمتعت بإنشاده الشعرى، ونشر لى أيضًا دون أن يعرفنى، وأحب عزمى عبد الوهاب الذى عشت بمعيته أجمل سنوات عمرى، وتصادقنا سنين عديدة، فأحببت قصائده، ومداومته على كتابة الشعر، فى زمن كزماننا، لكننى أحب الحقيقة أكثر، وأحب تدقيق ما لدىّ من معلومات، والتوثق منها، لا أحب الظلم، أو التحامل على كل عمل لمجرد أن به شيئًا لا يرضينى، أو لا يُرضى ذائقتى، وتصوراتى عن الحياة.. ولكننى أعرف جيدًا أنه لم يحدث أى تجاهل لدعوة الشاعر الكبير أحمد عبد المعطى حجازى للمشاركة «المميزة» فى الدورة الخمسين لمعرض القاهرة الدولى للكتاب». ............................................................................................. هذه الفقرة المطولة من مقال الصديق الشاعر والروائى «عبد الوهاب داود» المنشور فى جريدة «الدستور» بتاريخ 2 فبراير وتحت عنوان «الطاووس.. هل تجاهل معرض الكتاب عبد المعطى حجازى؟» أظن أن تلك الفقرة تصلح نقطة انطلاق نحو بدايات أو نهايات، لا أعرف أين تذهب بى; لأننى أتحسس مسدسى، حين أسمع كلمة «لكننى أحب الحقيقة أكثر» تلك المقولة التى أودت بحياة يوليوس قيصر، على يدى «بروتوس» أقرب أصدقائه إليه، هنا عبد الوهاب يحب الحقيقة، بينما صديق قيصر كان يحب روما، فهل قضيتَ مع «الحقيقة» يا صديقى نصف عمرك، الذى قضيته فى صحبتى، حتى تحبها أكثر منى؟. ضربنى عبد الوهاب فى مقتل، حين اتهمنى فى الشيء الوحيد، الذى أمتلكه من حطام الدنيا، وهو «الدقة» فمبكرا قرأت وعرفت وعشت مقولة: «يا ناثانيل أوصيك بالدقة لا بالوضوح» وبات أى كلام لدى يبدأ هكذا: هل ما تقوله معلومة أم تخمين وقراءة للحدث؟ ومن باب أولى للبحث عن الدقة، التى يطلبها صديقى الشاعر عبد الوهاب داود، كان عليه أن يعرف أن ابنة «عفيفى مطر» التى تزوجها صديقنا الدكتور شوكت المصرى – المشرف على احتفالية اليوبيل الذهبى للمعرض – اسمها «رحمة» لا «حبيبة» كما ذكر فى مقاله، وقد أهداها الشاعر الراحل الكبير أحد دواوينه. أيضا مقال الصديق التاريخى عبد الوهاب داود، يبحث فى النيات، أكثر من بحثه فى الوقائع، لذا تراه يتحدث على هذا النحو: «لكن هناك أسبابا تخص الشاعر الكبير لم يعلنها، منعته من الحضور» مع العلم أن حجازى شارك فى أمسيات عديدة مع آخرين، بمعنى أنه لم يكن يريد أن يكون واحدا فردا صمدا فى أمسيته، كما أن صديقى يتحدث أيضا بهذه الطريقة: «معقولة هيثم وشوكت يتجاهلوا حجازى اللى عارفين قيمته كشاعر كويس». الوقائع تقول يا صديقى إن الهيئة المصرية العامة للكتاب، الجهة المنظمة للمعرض، دأبت فى سنواتها الأخيرة على أن تضع برنامجها الثقافى، وتعتمد على أن كل شاعر سيبحث عن يومه فى البرنامج، وسيذهب إلى القاعة أو الندوة أو الأمسية، وهذا حدث معى كثيرا، ومع آخرين بالطبع، أعرفهم وتعرفهم يا صديقى، لكن الحال تغيرت قليلا مع تولى الدكتور «هيثم الحاج على» – رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب - فكانت هناك اتصالات بالمشاركين، قبل موعد المشاركة، وبالمناسبة نحن لا نهيل التراب على أى نجاح، ونحيى الهيئة المصرية العامة للكتاب على إنجاز هذه الدورة الناجحة جماهيريا وإن كانت فاشلة تنظيميا. أما ما جرى فى واقعة حجازى مع معرض الكتاب، فقد وضع اسم الشاعر الكبير فى اليوم المحدد، الذى ذكره الصديق الشاعر عبد الوهاب داود بالفعل، وتم الاتصال به فى اليوم نفسه; لإبلاغه بموعد الأمسية، هل يعقل هذا يا صديقى؟ وهل ما حدث يمكن أن يقبله شاعر صغير؟ هل يدعى الرجل فى اليوم نفسه، وكأن الدعوة نوع من إبراء الذمة؟ أليست لديه ارتباطات قد تتعارض مع ذلك الموعد الذى حددوه؟ هل المطلوب منه أن «يبوس إيده وش وضهر; لأنه هيقول شعر فى معرض الكتاب» كان طبيعيا ألا يذهب حجازى إلى المعرض يا صديقى; لأن ما حدث ليس إلا استخفافا بقدره، ولا أعرف لماذا أشرت إلى واقعة أن صديقنا شوكت المصرى لا يزال يتألم من فوز حجازى بجائزة ملتقى الشعر؟ اسمح لى أن أصنفها تحت باب: «يكاد المريب يقول خذونى». إمعانا فى الدقة، وهذا ما أطالب به صديقى عبد الوهاب داود، فإن الزميل محسن عبد العزيز المشرف على ملحق الجمعة، قد اتصل بالدكتور هيثم الحاج على; لتوثيق المعلومة الخاصة بمشاركة حجازى فى أمسيات المعرض، فقال له كلاما غير مفهوم، حول لجنة الشعر، التى لابد أنها اتصلت به، تخبره بموعد الأمسية، ألم يكن لائقا بالدكتور هيثم الحاج على أن يتصل بمحسن عبد العزيز; لتصحيح المعلومة الدقيقة التى وصلته؟ لم يحدث هذا يا صديقى، وبذلك تكون «الأهرام» قد تحققت من مهنيتها، وتم إغلاق قنوات المعرفة والدقة والتوثيق; لأن مسئولا تصور أن دوره انتهى عند هذا الحد، وهو أن يقول كلاما غير مفهوم. أنا شخصيا وقع على الاختيار لممارسة عمل ما فى هذه الدورة، ومع ذلك لم تكلف السيدة مديرة مكتب هيثم الحاج على خاطرها للاتصال بى، وجرى الاجتماع الأول فى غيابى، وحين صححت لهم رقم الهاتف الخاص بى، لم تكلف تلك السيدة خاطرها أيضا للاتصال بى; لدعوتى لحضور الفعالية الختامية، التى كان من المفروض أن أكون أحد شهودها، الأمر لا يعنينى هنا بقدر ما أود الإشارة إلى أن هذا المنهج، هو المتبع فى الهيئة غالبا، أى أن الارتجال هو سيد الموقف، فى كثير من الأحيان، حتى لا أكون ظالما. من باب التوثيق أيضا لا أدرى من أين استقى عبد الوهاب داود معلوماته حول أن الشعراء العرب كانوا يرون أن عفيفى مطر هو الأجدر بالجائزة التى منحها حجازى لنفسه؟ وأسأل: إذا كان عفيفى مطر – كما تقول – عضوا فى لجنة الشعر المنظمة للملتقى، فهل يحق له الفوز بالجائزة، أليس من المفترض أن يكون هو من يمنح الجوائز، لا أن يفوز بها، وهل الجائزة حلال على عفيفى مطر حرام على حجازى، والاثنان تقع عليهما - ضمن آخرين بالطبع - مسئولية اختيار المشاركين فى الملتقى، والفائز بالجائزة؟ على أية حال لازلت أحتفظ لصديقى عبد الوهاب داود بلحظات المتعة، التى عشتها مع روايتيه الكفيلتين بأن تضعا اسمه بجوار فتحى غانم، بل يفوقه لأنه شاعر فى الأساس، ولازلت أحتفظ له بإدخالى إلى بوابة السينما العالمية من خلال فيلمى «أماديوس» و«حالة بنجامين» لكننى لن أغفر له أنه أفسد على متعة أن أرى مختاراتى الشعرية «ذئب وحيد فى الخلاء» التى لم تصدر عن الهيئة حتى الآن، فبعد كتابة هذا المقال لن تصدر طبعا، أما عن الجنسية «المنوفية» التى وعدنى بها فأنا أشكره; لأن لدى الجنسية الأعرق: أنا «أهرامى» يا صديقى!.