كانت رحلة الهبوط من فوق جبل سرابيط الخادم تجسد وتشرح لى بتجربة عملية معنى «السحل»، الذى قام محمود المليجى فى فيلم الأرض بختام الفيلم به. نعم.. كنت أهبط من فوق ارتفاع 2800 قدم! فى سنى هذه! مثل محمود المليجى فى المشهد الأخير وهو يتم سحله فوق أرضه! ويا أرضنا العطشانة.... إلخ.. إلخ. أخذ بيدى بدوى صغير فى العاشرة من عمره، اسمه عبد الحفيظ، ومعه أخوه الأكبر «مؤمن»، ليسند اليد الأخرى، ولولا الملامة لكنت طلبت من الأخوين عبدالمؤمن وعبدالموجود حمل قدمىَّ، وبالفعل بدأت أرى النجوم فى النهار، ونحن نسابق الزمن قبل أن تغرب الشمس وتتسلى علينا الذئاب، والشباب البدوى يضحك وينظر لى ولصديقاتى بدهشة لأننا فقدنا القدرة على الحركة. وبدأ ابن الشيخ بركات ومجموعة من أقاربه يقومون بحكى أساطير وحكايات وروايات الجبل لعلنا ننسى آلام الهبوط بعد الصعود. وبالفعل كدت أنسى وأذهب فى غيبوبة الرواية التى بدأت من عام 1905، عندما عثر العالم الإنجليزى «بترى» فى أثناء عمله فى معبد سرابيط الخادم ومناجم مغارات الفيروز على 12 نقشا، تضمنت علامات لم تكن معروفة، هى علامات الهيروغليفية، وتم نسبها، حسب الرواية التى قرأتها «سرابيط الخادم» لصاحبتها ثناء رستم، إلى تحتمس الثالث وحتشبسوت أطلق عليها الباحثون - الأبجدية السيناوية التى هى أصل الأبجدية الفينيقية واليونانية واللاتينية. هنا أفقت على تلك المعلومة، التى تقول إن جماعة الباحثين الغربيين ينقبون عن «فيروزنا» من بدايات القرن الماضي!!! ويصلون ما انقطع منا، ومعلومات أجدادنا الذين أقاموا معبد حتحور لتحمى ربة المعبد الأرض! والمنقبين عن الثروات فى باطنها! التى حرص رمسيس الثالث بإحضار ما سماه «الأعاجيب» من الحجر الفيروزى، هذا بالإضافة إلى كنوز مناجم النحاس، ويا عالم هل ما زالت المناجم التى وضعت لها إشارات حديثة على الطريق تحوى مزيدا ومزيدا من الكنوز أم «خلاص» أى «بح»، باللغة الهيروغليفية! «بح» خلاص.. أنا انتهيت.. ولأول مرة فى حياتى أبكى من شدة التعب والعجب والغضب! أنا غضبانة جدا أننى مصرية ولم أفطن إلا وأنا فى نهايات العمر، أن هناك جبل سرابيط الخادم يسكن قمته معبد سيدة الفيروز لتحمى جبالا تحوى مناجم منذ الأزل تحوى كنوزا، لدرجة أنهم سموا سيناء أرض الفيروز.. معلومة المفروض أنها قديمة، لكننا صم بكم لم نفكر يوما لم سموها هكذا، بل نردد حافظين ومش فاهمين. والسؤال المعلق فى ذهنى من أول الرحلة حتى نهاية هبوطى إلى الأجهزة المسئولة: لماذا؟؟! لمزيد من مقالات دينا ريان