برغم أن فيلم «الضيف» يحمل رسالة مهمة ويلقى الضوء على وجه آخر من وجوه الإرهاب بعيدا عن العنف المعتاد إلا أنه لم يبتعد كثيرا فى مضمونه وطرحه الفكرى عن البرامج الحوارية «التوك شو» المرتبطة بإثارة نوعية تلك القضايا المتعلقة بالإرهاب والجدل الدائم بين الفكر المتطرف والفكر الوسطى وهو ما وقع فيه الكاتب إبراهيم عيسى مؤلف الفيلم نفسه. فى الفيلم نحن أمام أسرة ليبرالية تتكون من الأب الدكتور يحيى التيجانى الكاتب والمفكر «خالد الصاوى» والأم «شرين رضا» التى وقعت أسيرة أفكار زوجها برغم اختلاف الديانة فهو مسلم وهى مسيحية والابنة «جميلة عوض» التى أصبحت تعانى من فرط الحرية نتيجة تحملها مسئولية كبيرة غير قادرة عليها، وهو الأمر الذى جعلها تقع فى شباك ذلك الشاب الأستاذ الجامعى »أحمد مالك« الذى يأتى إلى منزلها للتعرف على العائلة منتهزا الفرصة للتخلص من الدكتور يحيى المطلوب من الجماعات الإرهابية بسبب أفكاره الجريئة ،ذلك الشاب المتزمت يكشف عن وجه آخر للإرهاب الذى أصبح فى مظهره يختلف عن الشكل التقليدى المتعارف عليه ، فعند رؤيته لا نتوقع أنه يمثل العناصر الإرهابية القبيحة إلى أن نكتشف أنه متزمت وله قدرة خاصة على الإقناع حتى فرض سيطرته على ابنة الدكتور يحيى وأقنعها بارتداء الحجاب ليبدأ الصراع الجدلى الممل حول الأفكار المتطرفة والأفكار الوسطية فى مناظرة بين الدكتور يحيى والإرهابى وكيف كان يحيى يستعين بالمنطق والحجة بينما يكتفى الإرهابى بترديد ما يحفظه بلغة مصطنعة وكأنه يعطيها شرعية دينية جعلت الفيلم أشبه ببرامج «التوك شو» أو حلقة نقاشية طويلة فى إحدى الندوات، فكل ما نراه ما هو إلا خطاب أيديولوجى عن شرعية الحجاب والنقاب ومناقشات مستمرة عن حدود الحرية فالحوار لا يحيلنا إلى أى مواقف درامية باستثناء الخط الرئيسى للقصة وبعض المحاولات المنفصلة عن سياق الفيلم مثل الحوار القصير الذى جاء به السيناريو فى محاولة لإضفاء جوانب أخرى لشخصية الأم كونها مسيحية الديانة أو إصابتها بمرض السرطان الأمر الذى لم يدفع الحدث إلى اتجاه محدد باستثناء تفاصيل شكلية انعكست بشكل واضح على الأداء التمثيلى. الفيلم كان يحتمل تناول القضية بشكل أكثر تشويقا بحيث يقضى على رتابة الأحداث التى خدعت إبراهيم عيسى وجعلته لا يرى غير قضيته دون النظر إلى أن السينما فى أساسها متعة وتشويق ، وهو الأمر الذى جعل الفيلم يصنع حالة من الجدل أثارت حفيظة بعض علماء الدين تجاه التطرق لقضية مثل الحجاب باعتباره فرضًا بنصوص القرآن والسنة وفقًا لمصادر دينية تابعة للأزهر الشريف فقد وجه الداعية خالد الجندى انتقادًا لاذعًا للفيلم من خلال برنامجه »لعلهم يفقهون« مؤكدًا أنه يوجد به تحريف صريح للقرآن الكريم واستنكر موقف الرقابة على المصنفات الفنية من عرض الفيلم وشدد على ضرورة سحب نسخ الفيلم من السوق المحلية والعربية لأنه لا يمكن عرضها فى أى سينما بعد التحريف فى الآيات القرآنية وفق قوله. إبراهيم عيسى كان له التأثير الأكبر على عناصر الفيلم كافة بشكل عام وعلى خالد الصاوى بشكل خاص الذى وقع هو الآخر أسيرا له على مستوى الشكل والأداء برغم أنه يمتلك أدواته الخاصة التى تميزه كممثل بالإضافة إلى أنه يمتلك القدرة على الخروج من هذا الفخ مثلما فعل أحمد مالك ببراعته فى تقديم دور الشاب الإرهابى وعلى الجانب الآخر قدمت شرين رضا دور الزوجة بشكل مرض ، وكان أداء جميلة عوض متوازنا فى التعبير عن الفتاة التى أرهقتها الحرية الزائدة ، وكذلك المخرج هادى الباجورى لم ينج من فخ إبراهيم عيسى وحواره الطويل حيث لم يستطع الخروج من فيلا الدكتور يحيى التى تدور بداخلها أحداث الفيلم حتى إنه لم يستخدم الموسيقى التصويرية التى تعطى الفيلم السينمائى إيقاعا متوازنا ومعبرا عن صراع الشخصيات .