استقبل الرئيس الفلسطينى محمود عباس بمقر إقامته فى القاهرة عددا من المفكرين والكتاب والصحفيين المهتمين بالشئون الإسرائيلية والفلسطينية لشرح الموقف الفلسطيني، وذلك قبل توجهه لنيويورك لرئاسة مجموعة (77 + الصين) خلفاً لمصر، حيث ركز أبومازن على أن القضية الفلسطينية تمر الآن بمرحلة تاريخية بالغة الصعوبة، وأن الإدارة الأمريكية بقراراتها المنحازة لإسرائيل المتمثلة بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها، وإلغاء حقوق اللاجئين بقطع المساعدات عن وكالة الأونروا، وإغلاق مكاتب منظمة التحرير بدعوى تصنيفها من الكونجرس الأمريكى كمنظمة إرهابية، قد أخرجت نفسها كوسيط وحيد للعملية السياسية بين الجانبين الاسرائيلى والفلسطيني، كما أن الإجراءات والسياسات الاستيطانية الإسرائيلية، والاعتداءات سواء على المسجد الأقصى المبارك، أومنطقة الخان الأحمر، التى أشادت بصمود الفلسطينيين فى مواجهة مخططات الاحتلال، مؤكدا حرص القيادة الفلسطينية على تحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام على أساس تنفيذ اتفاق القاهرة فى 17/10/2017، والذى ينص على تمكين حكومة الوفاق الوطنى من أداء مهامها بشكل كامل فى قطاع غزة، حيث استجاب الرئيس لطلب المحكمة الدستورية بحل المجلس التشريعى الفلسطيني، واتخاذه قراراً بانسحاب السلطة الوطنية الفلسطينية والشئون المدنية من معبر رفح يوم 6/1/2019، إضافة إلى وقف العمل بإتفاق باريس الاقتصادي، وتهديده بوقف التنسيق الأمنى مع إسرائيل، مع التلويح بالتخلى عن اتفاق أوسلو نهائيا. وقد ارتبطت مخاوف الرئيس الفلسطيني، بإدراكه لإنسداد الأفق السياسى لعملية السلام، وضعف الموقف العربى الداعم له، وانشغال القوى الدولية بقضايا داخلية وإقليمية أسهمت فى إبعاد القضية الفلسطينية عن دائرة الضوء، الأمر الذى دفعنى لسؤاله عن مدى اتساق قرارات التصعيد التى يعتزم اتخاذها مع معطيات الأوضاع السائدة داخليا وإقليميا ودوليا، ومدى تحقيقها للمصالح القومية الفلسطينية، حيث اتسمت إجابات سيادته بالطابع الدبلوماسي، ولذا سأناقش إجراءات الرئيس الفلسطينى من منظور الأمن القومى الفلسطينى والمصرى والعربي، و أورد الحقائق التالية: - إسقاط اتفاق أوسلو سيعنى سقوط شرعية السلطة الفلسطينية، كما سيرتب تداعيات سلبية على علاقاتها مع الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبى وحتى الأممالمتحدة، فى حين يمثل فرصة لحكومة الليكود والأحزاب اليمينية التى كثيرا ما رفضته ونددت به، خاصة أنه سيعفى إسرائيل من حرج التنصل من الاتفاق، ومن ناحية أخرى سيصب داخليا فى مصلحة حركة حماس والمنظمات الفلسطينية الرافضة لنهج التسوية السلمية للصراع مع إسرائيل. - قرار وقف التنسيق الأمنى مع إسرائيل، حال تنفيذه لن يصمد كثيرا، لقيامه على المناورات أكثر من اعتماده على رؤية استراتيجية، فى ظل قيام حركة حماس بتنفيذ عمليات محدودة من داخل الضفة، وربما يدفع الوضع الأمنى فى الضفة نحو مزيد من التصعيد. - استمرار الضغوط الاقتصادية على قطاع غزة وحرمانه من الاستفادة من نحو 96 مليون دولار شهرياً للضغط على حماس لإجبارها على إنهاء الانقسام لن يسهم فى تحقيق الأهداف المرجوة، فى ظل تدخل قطر وإيران وتركيا السلبى فى القطاع، من خلال التمويل المادى لرواتب موظفى «حماس»، والذى يفتح المجال أمام استمرار محاولات بعض القوى الدولية لتمرير «فكرة غزة أولًا». - استبعاد إجراء انتخابات للمجلس التشريعى خلال العام الحالى فى ظل ترجيح رفض إسرائيل تنفيذها بالقدسالشرقية، وامتناع حركتى حماس والجهاد عن المشاركة بها أو تسهيل إجرائها بالقطاع، لاسيما مع استعداد القوى والأحزاب الاسرائيلية لخوض انتخابات إسرائيلية مبكرة فى أبريل، وتوقع أن تكون الغلبة فيها لليمين الإسرائيلي. - حرص مصر على مواصلة جهودها فى محاولة لإنجاز المصالحة الفلسطينى على أساس وثيقة المصالحة الموقعة فى القاهرة عام 2011، ثم اتفاق أكتوبر عام 2017، مع العمل لتثبيت التهدئة بالقطاع للحيلولة دون انفجار الأوضاع فى غزة، أوالترويج لفكرة دويلة غزة، بما يؤثر سلبا على الأمن القومى المصري، مع ربط فتح معبر رفح بشكل دائم بعودة السلطة الفلسطينية. ولاشك أن استغلال الرئيس الفلسطينى لفترة الرئاسة الدورية لمجموعة ال 77 خلال عام 2019 سواء لإحياء القضية الفلسطينية على أساس استعادة الشعب الفلسطينى لكل حقوقه المشروعة والتاريخية وغير القابلة للتصرف، وعلى رأسها الحق فى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية، أو للمساعدة فى التغلب على العقبات التى تواجهها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، أملا فى الوصول إلى معادلة جديدة تسمح باستئناف المفاوضات السياسية، ونقل قضيته العادلة للمجتمع الدولى، والضغط على جميع الأطراف باستخدام سلاح المقاومة السلمية بالتوازى مع التحرك السياسى على الساحة الإسرائيلية لتعزيز قدرة القوى المؤيدة للسلام، لصالح تحريك الرأى العام لممارسة ضغوطه على اليمين الإسرائيلي. لمزيد من مقالات ◀ لواء. محمد عبدالمقصود