أثار التسونامى الذى ضرب أندونيسيا مؤخرا، وراح ضحيته مئات القتلى وآلاف المشردين، وخلف وراءه دمارا هائلا بالمناطق المطلة على طول الشاطئ الممتد من جنوب سومطرة إلى غرب جاوة، المزيد من المخاوف من حدوث كارثة أخرى ، خاصة انه لم يمض وقت طويل على حدوث تسونامى فى منطقة سولاوسى الاندونيسية فى شهر سبتمبر الماضي، وأرجع المتخصصون تكرار هذه الكوارث إلى وقوع إندونيسيا ضمن منطقة حزام النار. وقد لا يعرف البعض ماهية هذه المنطقة التى يطلق عليها حزام المحيط الهادى أو طوق أو حلقة النار، وذلك يرجع لكونهاعلى شكل قوس أو حدوة حصان، وبرغم أن حزام النار يمثل حوالى 1% من سطح الأرض إلا أنه يحتوى على نحو 90% من زلازل العالم، كما يضم 450بركانا ، مما يمثل أكثر من 75 % من براكين العالم النشطة والخامدة، أى أن الحزام الذى يبلغ طوله 40 ألف كيلو متر حول حوض المحيط الهادي، يشهد 80% من أكبر زلازل الأرض، وأكثر من نصف البراكين الثائرة فى العالم . ولذلك تعد منطقة حزام النار مميزة بطبيعتها الفريدة، و تعتبر واحدة من المناطق الرئيسية التى تضم الصفائح التكتونية لنصف الكرة الأرضية. ويعتقد العلماء أن سبب تكوينها هو التحرك الدائم والنشط للطبقات الصخرية للأرض الصفائح وطبقا للنظريات العلمية ، فإن حجم ومكان هذه الصفائح يتغير بمرور الزمن ، وهناك اصطدام لألواح القشرة الأرضية بعضها ببعض فى تلك المنطقة، وقد حدث هذا الاصطدام نتيجة الانخفاض القشرى لبعض الصفائح التكتونية عن الصفائح الأخري، بسبب ثقل وكثافة وزن بعضها عن بعضها الآخر. خريطة تظهر نطاق مايعرف ب «حزام النار» فى المحيط الهادىء وفى هذه المنطقة تتكون البراكين من خلال تحرك صفيحة المحيط الهاديء الثقيلة التى تبدأ فى الانزلاق تحت الصفائح الأخرى الأخف منها، لتصطدم بها منتجة كمية هائلة من الطاقة التى تذيب الصخور، وتنصهر وترتفع بعدها للأعلي، مكونة الحمم والمقذوفات البركانية، آى أن الحركة التقاربية للصفائح تكون البراكين أو الصدوع أو الجبال، أما الحركة التباعدية فتكون البحار والمحيطات . أما الزلازل، فتحدث داخل حزام النار بسبب الانكسار المفاجئ للصخور الموجودة تحت الأرض، مما يحرر كمية هائلة من الطاقة تتسبب فى حدوث موجات زلزالية، تجعل الأرض تهتز بشدة، نتيجة لتباعد صفيحتين ملتصقتين عن بعضهما البعض،وتحرك كل منهما فى اتجاه مخالف لاتجاه الأخري، وعندها يحدث احتكاك وتدافع بين الصفيحتين، ثم تتكسر الصخور بسبب الضغط ويحدث الزلزال، ويطلق على المنطقة التى تكسرت فيها الصخور تحت الأرض «بؤرة الزلزال»، و المكان الذى يعلوها فوق سطح الأرض مباشرة، فيطلق عليه «مركز الزلزال». و حزام النار بظواهره الطبيعية الفريدة مكانا مميزا لايوجد مثيل له، والدول التى تقع فى نطاقه هى شيلى و الولاياتالمتحدة و كندا وروسيا و اليابان و الفلبين و اندونيسيا و نيوزلندا و القارة القطبية الجنوبية، ولقد شهدت هذه الدول أعنف الزلازل والبراكين، فقد عانت شيلى من عدد من الزلازل المدمرة كان أشدها زلزال 1960، أعظم زلزال في التاريخ، وكان بقوة 9,5 درجة بمقياس «ريختر»، وآخرها زلزال 2010 الذى بلغت قوته 8,8 درجة، والذى اعتقد العلماء أنه أثر على حركة دوران الأرض بسبب تأثيره على معدل توزيع كميات الصخور فى الطبقات الدنيا، وقد أزاحت قوته الأرض عن محورها الوهمى بمسافة 8 سم مما جعل عدد ساعات اليوم تقل عن معدلها المعتاد ،وهناك زلزال ألاسكا وزلزال اليابان الكبير وزلزال كامشاتكا، كما حدثت ثورانات براكين بجبال سانت هلنزبالولاياتالمتحدة وجبال بيناتوبو فى الفلبين، وإندونيسيا شهدت عام 1883 الانفجار الأكبر ، وأحد أشهر الكوارث العالمية، وهو بركان كاراكاتوا الذى قتل فيه قرابة 40 ألف شخص، عندما ثار هذا البركان فى جزيرة «كاراكاتوا» ثم ظل خامدا لمدة 200سنة ،ولكنه نشط خلال السنوات الأخيرة وبدأت تحدث فيه سلسلة متفرقة من الانفجارات الضعيفة والمتوسطة ثم اشتدت وأحدثت هزات أرضية عنيفة، تسببت فى موجات التسونامى التى عصفت بجزيرتى «جاوة وسومطرة»، وتعد إندونيسيا من أكثر المناطق المعرضة لموجات تسونامي، بسبب موقعها القريب من الحزام الناري، حيث يكثر وقوع الزلازل وثورات البراكين التى تعد الأسباب الرئيسية فى حدوث أمواج مد عاتية والتى يطلق عليها تسونامي، وقد أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش،أن أمواج تسونامى تسببت على مدى العقدين الماضيين فيما يقارب عشرة فى المائة من الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الكوارث وأدت إلى تقويض ما تحقق من مكاسب تنموية، وخاصة فى البلدان الواقعة على المحيطين الهندى والهادى . والغريب أن عددا من سكان منطقة «حزام النار» تتعامل مع الزلازل والبراكين على أنها ظواهر شائعة ، و عليهم الاستفادة منها ، فالحمم البركانية تساعدهم على معرفة التركيب الداخلى للغلاف الأرضى وللقشرة الأرضية، و الرماد البركانى يساعد على خصوبة الأرض، إضافة إلي أن المعادن المنصهرة تترسب على السطح ، وقد عثر الجيولوجيون على النحاس، والمولبيدنوم، والفضة، والقصدير، والتنجستن وهى معادن مهمة ذات قيمة اقتصادية عالية. عندما حدث نشاط بركانى فى حزام النار. ويعتقد عدد من العلماء أن سببَ النشاط الزائد فى حركة الزلازل والبراكين فى منطقة حزام النار، هو الحركة الديناميكية الطبيعية للصفائح التكتونية بها، غير أن هناك بعض الباحثين يعتقدون أن سبب هذا النشاط هو التجارب النووية الضخمة التى تقوم بها بعض الدول ، حيث تسهم فى سرعة وتحفيز اصطدام هذه الصفائح ببعضها البعض، ويستند المؤيدون لهذه النظرية للتحذير الذى أطلقه عدد من العلماء والخبراء فى بداية التسعينيات من القرن الماضي، من أن التجارب النووية الضخمة التى تجرى فى قارة آسيا ستؤدى - عاجلاً أم آجلاً - لتصادم الصفائح الأرضية داخل حزام النار الذى يشهد نشاطا طبيعيا فى حركة صفائحه التكتونية من تلقاء نفسه، وهو الأمر الذى بدأ فى التحقق بالفعل فى الآونة الأخيرة، مع التزايد الملحوظ فى أنشطة الزلازل، إلا أن هذه الأفكار ما زالت تعجز عن تقديم نظرية متماسكة يتم قبولها عالميا.