كشفت أحداث تظاهرات فرنسا عن مرور أوروبا بمرحلة دقيقة فى تاريخها، مرحلة اضطرابات وتقسيم برعاية أمريكية صهيونية، تستهدف كسر الوحدة الأوروبية وسيطرة الرعاة على الأمور فى القارة العجوز، مع تلاشى قدرة أوروبا على اتخاذ قرارها الحر. بداية ذلك كانت بقرار بريطانيا الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، وصيرورتها أكثر دول أوروبا تبعية للقرار الأمريكي، بعد أن وعت الدرس باستفتاء استقلال إيرلندا، وأدركت أن هناك قوة خفية تدير الأمور، و لم تقدر على مواجهتها فرفعت الراية البيضاء واستسلمت، خاصة وقد شاهدت تنامى الحركات الانفصالية فى إسبانيا وإيطاليا، وما عانته ألمانيا من مصاعب وصعوبات فى تشكيل حكومتها الحالية. فحكومة العالم الخفية تدير الأمور من وراء الستار، وتعصف بالدول التى تحاول ممارسة استقلالية قرارها السياسي، وقد كانت فرنسا أكثر الدول الأوروبية رفضًا لتبعية قرارها للسيد الأمريكى الصهيوني، وأحسب أن دعوة الرئيس ماكرون إلى إنشاء جيش أوروبى يكون بديلاً لحلف الناتو، استفزت هذه القوي، فركزت جهودها لإسقاطه باستغلال قرار رفع أسعار البنزين وإثارة مظاهرات شعبية، شارك فيها مواطنون بعفوية وتلقائية، واستغلتها الحكومة الخفية بدس مخربين يدمرون الاقتصاد، ويسقطون هيبة الرئيس، وهو ذاته ما حدث قبلاً فى مصر والمنطقة العربية، فلا يغيب عن الأذهان ما وقع من تخريب وحرق للمجمع العلمى وأقسام الشرطة وقتل للأبرياء، إبان ثورة 25 يناير بفعل مخربين مدسوسين على الثورة. وذكرتنى هذه الأحداث فى تسلسلها بكتاب قرأته فى ثمانينيات القرن الماضي، عنوانه «حكومة العالم الخفية» مؤلفه النبيل الروسى شيريب سبيريدوفيتش (توفى فى ظروف غامضة عام 1926م عقب وضعه الكتاب)، حيث كشف سبيريدوفيتش فى كتابه عن وجود حكومة خفية تضم 300 يهودى تقودهم عائلة روتشيلد الألمانية الأصل تسيطر على العالم وفق خطة مرسومة، موضحًا أصول الروتشيلديين (روتشيلد تعنى الدرع الأحمر)، وكاشفًا كيف خطط تاجر العملات القديمة ماجيراشيل أمشيل روتشيلد عام 1821 م، للسيطرة على العالم عبر تنظيم العائلة ونشرها فى 5 دول أوروبية. وكشف سبيريدوفيتش دور هذه العائلة فى اشعال الحروب والسيطرة على العالم بإغراق الدول فى الديون، إذ أقرضت العائلة 100 مليون جنيه لحروب نابليون، وموّل الفرع الإنجليزى الحكومة البريطانية بمبلغ 16 مليون جنيه إسترلينى لحرب القرم، وأوصل ديزرائيلي، ولويد جورج إلى رئاسة الحكومة البريطانية، وقدّم تمويلاً للأول لشراء أسهم قناة السويس من الحكومة المصرية عام 1875م، وكان لليونيل روتشيلد (1868-1937 م) دور كبير فى صدور وعد بلفور، بتقديمه قرضا كبيرا للحكومة البريطانية، كما دعم هجرة اليهود إلى فلسطين. وما سبق يوضح أن ما يحدث اليوم فى أوروبا ليس وليد ساعته، بل يخطط له منذ زمن، وعلينا أن نتنبه لهذه المخططات فلن تكون فى صالحنا. لمزيد من مقالات أسامة الألفى