لا يستطيع أحد إنكار أن شخصية الرئيس الراحل محمد أنور السادات هى شخصية ثرية دراميا، يقف أمامها الكثير من الفنانين، فهى تمثل تحدياٍ كبيراٍ لكل من يقترب منها ليس فقط لتميز ملامحه، ولغة جسده، ولكن أيضا لتركيبته النفسية وما مر به فى حياته من أحداث.. ورغم أن هناك الكثير من الفنانين فى مصر والعالم قد جسدوا شخصية السادات، فإن النجم أحمد زكى يظل واحدا من أفضل وأهم النجوم الذين نجحوا فى التحليق بشخصية السادات، وكان قريبا جدا من روح شخصيته، فى فيلمه «أيام السادات» وأيضا النجم خالد النبوى والذى قدمها على خشبة المسرح فى نيويورك، واللافت فى شخصية الرئيس الراحل هو قدرته أيضا على التمثيل وما بين من جسدوا شخصيته ومحاولاته هو للتمثيل تاريخ حافل. .................. السادات ممثلا لم ينكر الرئيس السادات أنه كان عاشقا للتمثيل، وكان واحدا من أحلام حياته أن يصبح ممثلا محترفا، ولم يتردد فى إرسال خطاب إلى المخرجة والمنتجة عزيزة أمير يسألها عن فرصة للعمل كوجه جديد - حسبما نشر فى مجلة فصول مطلع مايو 1935 - و كتب فيه «قوامى نحيل، وجسمى ممشوق وتقاطيعى متناسقة.. إننى لست أبيض اللون ولكنى أيضا لست أسود، إن وجهى أسمر، ولكنها سمرة مشربة بحمرة، وهى الرواية التى كثيرا ما كان يرويها الرئيس السادات فى جلساته كطرفة لم ينسها وحلم كان يرغب لو تحقق، وفى سيرته الذاتية يذكر أيضا أن أصدقاءه كانوا مغرمين بموهبته التمثيلية، لذلك كثيرا ما كان يطلب منه أصدقاؤه أن يقلد لهم صوت قادة الجيش، ومشاهير الممثلين فى جلساتهم، وروى السادات أيضا أنه فى يوم ما، قرأ إعلانًا تطلب فيه الفنانة أمينة محمد وجوهًا جديدة لفيلمها «تيتا وونج»، وعندما توجه إلى مقر الشركة فى عمارة بشارع إبراهيم باشا، جاءت الفنانة أمينة محمد وشاهدت ال20 شابًا المتقدمين، إلا أنها اختارت اثنين فقط، ورفضت الباقى. ولم يتوقف استغلال موهبته عند هذا الحد بل إنه يروى فى كتابه «30 شهرا فى السجن» أنه أصدر مع بعض رفاق السجن صحيفة «الهنكرة والمنكرة»، وعندما وجد السادات أنه لم يشبع موهبته وعلاقته بفن التمثيل، لذلك قام مع بعض المساجين بعمل إذاعة داخل السجن، وقدم بنفسه فقرتين، وكان يكتب فى لوحة إعلانات السجن برنامج اليوم، ومنه: الساعة 6.00 حديث للأطفال للمربى الفاضل بابا أنور، والساعة 11.00 أغنية حديثة «للمجعراتى المتسول» أنور السادات ومن أغانيه التى أوردها فى كتابه»»أنا جيت لكم والله يا ولاد *** أنا أحبكم قوى قوى يا أولاد أنا جيت لكم أنا جيت *** والاتهامات آخر لخابيط». ويبدو أن موهبة الرئيس الراحل أفادته كثيرا فى الفترة التى ظل مختفيا فيها بعد هروبه من السجن حيث عمل فى أثناء هربه فى عدة مهن مختلفة، منها حمَّال وسائق، وكان يتخذ لنفسه فى كل بلدة ينزلها صفة وشكلا مختلفًا. نجوم تنافسوا فى تجسيد شخصيته من عبد الله غيث لزكي جسد شخصية الرئيس السادات عدد كبير من الفنانين سواء فى السينما أو الدراما، واختلف أداء كل منهم للشخصية وتفاصيلها وهناك من قدمها دون وعى يذكر والبعض تعامل معها بخفة مكتفيا بتقليد طريقة الكلام ونبرة الصوت، لذلك لم يحققوا نجاحا يذكر أو لم يلتفت أحد لأدائهم، إلا أن الفنان الراحل أحمد زكى يظل هو الأكثر تميزا فى فيلمه «أيام السادات»، والذى قدمه عام 2001 و من تأليف أحمد بهجت، وإخراج محمد خان، ونستطيع أن نقول بلغة الممثلين إنه «قفل الشخصية»، وأصبح كل من يأتى بعده يحاول أن يقلده حيث صار هو المرجعية فى تقديم شخصية السادات على الشاشة، وتلك هى عادة أحمد زكى، الفيلم ليس سياسياً بالدرجة الأولى بقدر ما سلط الضوء على حياة شخصية عامة، متتبعا مشوار حياة السادات من البداية وحتى وصوله لسدة الرئاسة فى مصر، وذلك على مدى أربعين عاماً حافلة، ويعتبر الفيلم من قبل بعض نقاد السينما أحد العلامات فى تاريخ السينما المصرية الحديثة، وقامت كل من منى زكى وميرفت أمين بأداء شخصية جيهان السادات، والفيلم استمر تصويره لمدة 11 أسبوعا، وتخطت تكلفته ال 6 ملايين جنيه. واختار المخرج منير راضى الفنان الكوميدى الراحل نجاح الموجى لتجسيد شخصية السادات فى فيلمه «موعد مع الرئيس»، وهو الفيلم الذى كان يتناول الزيارة الشهيرة للرئيس الأمريكى نيكسون إلى مصر. وكانت شخصية الرئيس السادات حاضرة فى أفلام النجمة نادية الجندى حيث ظهر فى فيلمين الأول «حكمت فهمى»، وقام بتجسيد دور الرئيس الراحل الفنان أحمد عبد العزيز، والظهور الثانى كان فى فيلم»امرأة هزت عرش مصر»، وجسد دور السادات الفنان جمال عبد الناصر. وجسد طلعت زين شخصية الرئيس السادات عام 1999 فى فيلم «جمال عبدالناصر» للمخرج السورى أنور القوادرى، وقام بدوره أيضا محمود البزاوى فى فيلم «ناصر 56». وعلى مستوى الدراما، فقد تم تقديم شخصية الرئيس محمد أنور السادات فى أكثر من مسلسل، حيث يعد السادات، أول رئيس جمهورية تجسد شخصيته على الشاشة، وكان ذلك من خلال مسلسل «الثعلب»، وجسد الشخصية الفنان الراحل عبد الله غيث، وهو يرتدى الجلباب، ويجلس فى منزله بقرية ميت أبو الكوم فى محافظة المنوفية. وقام الفنان محمود عبد المغنى، بتجسيد شخصية الرئيس الراحل محمد أنور السادات فى مسلسل «أوراق مصرية»، وجسد الشخصية فى مرحلة ما قبل رئاسة الجمهورية. كما جسده الفنان مفيد عاشور، عام 2003 فى مسلسل «إمام الدعاة» بطولة حسن يوسف، والذى كان يتناول قصة حياة الشيخ محمد متولى الشعراوى. وفى مسلسل «العندليب» عام 2006، الذى تناول قصة حياة عبد الحليم حافظ، قام بدور السادات محمد نصر. ومسلسل «ناصر» الذى كان يتناول حياة الزعيم جمال عبد الناصر، عام 2008، قدم شخصية الرئيس السادات الممثل عاصم نجاتى. وكان آخر الأعمال التى تناولت السادات مسلسل «كاريوكا» عام 2012 عن قصة حياة تحية كاريوكا بطولة وفاء عامر، وجسد محمد رمضان دور الرئيس الراحل أنور السادات منذ أن كان فى الكلية الحربية حتى أصبح رئيسا للجمهورية وقام الفنان خالد النبوى، بتجسيد شخصية الرئيس الراحل، فى المسرحية الأمريكية «كامب ديفيد» تأليف لورانس رايت، ويتناول مفاوضات ال13 يوماً التى دارت فى منتجع «كامب ديفيد» بين الرئيس السادات والرئيس الأمريكى جيمى كارتر، ورئيس وزراء إسرائيل مناحم بيجن، والتى انتهت بإقرار معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1978. واستطاع النبوى أن يجسد شخصية «السادات» ببراعة متناهية على المسرح بدءا من نبرة الصوت والحركات وحتى ضحكته حسبما جاء فى الكتابات النقدية التى تناولت العمل، والمسرحية لا تقدم حياة السادات كما قدمها فيلم «أيام السادات» لكنها تحكى عن تفاصيل الساعات الأخيرة التى سبقت توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وشارك النبوى فى بطولة المسرحية الممثل ريتشارد توماس، الذى جسد شخصية الرئيس الأمريكى جيمى كارتر، والممثل رون ريفكين الذى قام بدور رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق مناحم بيجن، والمسرحية عرضت على مسرح «أرينا بواشنطن». ولم يكن الرئيس الراحل أنور السادات شخصية جاذبة وثرية بالنسبة للنجوم المصريين فقط ولكن أيضا فى السينما العالمية حيث أنتج الفيلم الأمريكى «سادات»، والذى كان يستعرض أيضا حياة الرئيس الراحل وقام بدور البطولة الممثل لويس جوست جونيور و تم إنتاجه عام 1983وتبدأ قصة الفيلم عن قيام صديق أنور السادات بقتل أحد وزراء الملك الفاروق، وبعد تولى الضباط الأحرار حكم مصر، ألقى السادات كلمته بإنهاء الاستعمار الإنجليزى وانتهاء الحكم الملكى، و اقتبس الفيلم بعض اللقطات عن القوات الجوية، ومن ثم اتجه السادات إلى إسرائيل ليقابل صديقه مناحم بيجن وذلك لغرض إنهاء الصراع العربى الإسرائيلى واستعادة سيناء للجيش المصرى، وينتهى الفيلم لحادثة المنصة فى 6 أكتوبر سنة 1981، ولكن السلطات المصرية طلبت من وزارة الإعلام منع عرض الفيلم فى مصر ومصادرة أشرطة الفيديو نظرا للأخطاء التاريخية الجسيمة فى الفيلم.