تحاول إسرائيل الإستفادة إلى أقصى درجة من المسرحية الهزلية التى تسميها أنفاق حزب الله جنوبلبنان شمال فلسطينالمحتلة، حيث لاتتوانى عن التحريض المستمر للدول الفاعلة فى الأممالمتحدة وأوروبا،لإدانة لبنان وحزب الله بسبب ما سمته أنفاقا لحزب الله باتجاهها، وهو الأمر الذى لم يرد عليه حزب الله حتى الآن، واعتبره لبنان إعلانا للحرب السياسية والإعلامية ضده ،مثل إدعاءات إسرائيل السابقة بوجود مواقع لتطوير الصواريخ تابعة لحزب الله بالقرب من مطار رفيق الحريرى الدولى ببيروت، وهو الأمر الذى نفاه لبنان عندما اصطحب وزير الخارجية اللبنانى جبران باسيل السفراء المعتمدين فى لبنان إلى الموقع الذى وصفته إسرائيل بأنه لتطوير الصواريخ، ولم يجد الحضور شيئا. وإذا كانت إسرائيل تحاول الآن المتاجرة بموضوع أنفاق حزب الله جنوبلبنان ،وشمال فلسطينالمحتلة، فإن الأمر لايعدو كونه نفخا فى التراب القديم، لأن الأنفاق موجودة منذ حرب لبنان الثانية فى يوليو 2006 بين إسرائيل وحزب الله، وماحدث للقوات الإسرائيلية ودباباتها فى بنت جبيل ليس ببعيد، حيث هاجمت قوات حزب الله القوات الإسرائيلية من تحت الأرض عبر الأنفاق. وإذا كان حزب الله يستخدم الأنفاق لافتقاده الدفاع الجوى، فإن الأمر ليس غريبا على قيام حزب الله ،بمد أنفاقه إلى العمق الإسرائيلى، وهو ماأعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مرارا وتكرارا خلال خطاباته المتلفزة الكثيرة ،كلما جاء الحديث عن إسرائيل وانتهاكاتها الأجواء اللبنانية بصفة شبه يومية، وكذلك لضرباتها الموجعة أحيانا لقوات حزب الله وإيران على ساحة الحرب فى سوريا منذ 2011 وحتى اليوم. وإذا كانت أنفاق حزب الله واقعا تدركه إسرائيل منذ حرب 2006 وحتى اليوم ،فلماذا سكتت كل هذه المدة لتعلنها للعالم اليوم، بل وتحرض على لبنان وحزب الله، الذى لم يعر إتهاماتها إهتماما، ربما حتى لايورط نفسه بالرد، متخطيا دور الدولة اللبنانية، ونافيا عن نفسه تهمة أنه دولة داخل الدولة، ويعمل ضد مصلحة لبنان. وبالرغم من مضى 12عاما على إنتهاء حرب يوليو 2006 بين حزب الله وإسرائيل، فإن إسرائيل لم تفكر بصوت عال فى موضوع الأنفاق إلا هذه الأيام،ربما للتخفيف عن الضغوط الداخلية التى يواجهها نيتانياهو، وبسبب الإنتصارات المتتالية التى يحققها حزب الله مع قوات الجيش السورى على أرض المعركة فى سوريا، وكذلك كنوع من الضغط على حزب الله فى ظل العقوبات الأمريكية المفروضة عليه بوصفه منظمة إرهابية كما تقول واشنطن، وكذلك العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران. صحيفة الإندبندنت البريطانية قالت إنه فى عام 2015، أدرك الجيش الإسرائيلى أنَّه سيتعين عليه التعامل مع مشروع أنفاق حزب الله، وقرَّر فريق يتألف من مهندسين بالجيش وضباط بالاستخبارات وخبراء تكنولوجيا أنَّه يجب وضع خطط لتدمير الأنفاق فى وقت لاحق، وبحسب ما ذكرته صحيفة «هآارتس» الإسرائيلية، أدرك ضباط كبار فى سلاح المهندسين أنَّ التضاريس فى الشمال مختلفة عن تلك التى كان الجيش يتعامل معها على طول الحدود مع قطاع غزة، وأنَّ الخبرة التى اكتُسِبَت فى جنوب إسرائيل قد لا تكون ملائمة عندما يحين وقت التعامل مع الأنفاق فى الشمال. وحسب «الإندبندنت»، كانت قِلّةٌ فقط فى الجيش الإسرائيلى تعرف بأمر مشروع أنفاق حزب الله، بعدما لاحظت خلال حرب يوليو 2006 وجود أنفاق لحزب الله كانت تستخدم كمراكز قيادة، لذا كانت الاستعدادت تجرى تحت غطاء من السرية، وتقرَّر إرسال 11 فرداً من سلاح المهندسين إلى أوروبا للحصول على تدريبٍ خاص لتعلُّم الحفر والتنقيب فى الصخور الصلبة، وفى التضاريس التى لم يعتد الجيش الإسرائيلى العمل فيها، شبيهة بتلك التضاريس الموجودة شمال إسرائيل. وتسربت شائعات فى إسرائيل تؤكد أن أحد قادة حزب الله سرّب خريطة أنفاق حزب الله فى كل لبنان وسلّمها للجانب الإسرائيلي، وأكد رئيس أركان الجيش الإسرائيلى غادى أيزنكوت حصول جيشه على مخطط أنفاق حزب الله. وزير المخابرات الإسرائيلى إسرائيل كاتس قال إن إسرائيل قد تتوسع فى عملية استهداف أنفاق تابعة لحزب الله وتمد عمليتها إلى لبنان إذا اقتضى الأمر، وذلك بعدما كشف الجيش الإسرائيلى عددا من الممرات المحفورة عبر الحدود الإسرائيلية اللبنانية، وأرسل حفارات وقوات ومعدات مضادة للأنفاق إلى الحدود لإغلاقها. قوات الأممالمتحدة المؤقتة لحفظ السلام فى لبنان المعروفة باسم «يونيفيل» أكدت من جانبها وجود نفق بالقرب من الخط الأزرق الحدودى بين لبنان وإسرائيل، واصفة الأمر بأنه حدث خطير. وقال الجيش الإسرائيلى فى بيان له إنه يحمل المسئولية الحكومة اللبنانية والقوات المسلحة اللبنانية وقوات الأممالمتحدة المؤقتة فى لبنان المسئولية عن كل الأحداث التى قد تقع والتى قد تنطلق من لبنان. وأضاف أن أحد قادته أطلع قائد اليونيفيل الميجور جنرال ستيفانو ديل كول على أحد الأنفاق وحث اليونيفيل والجيش اللبنانى على تطهير المنطقة من الأنفاق. وزير الخارجية اللبنانى جبران باسيل طلب من مبعوث بلاده لدى الأممالمتحدة تقديم شكوى بأن إسرائيل تشن حملة دبلوماسية وسياسية ضد لبنان استعداداً للهجوم عليه. وحتى كتابة هذه السطور لم يعلق حزب الله بكلمة واحدة على ماتدعيه إسرائيل،ويبدو أنه ترك الأمر برمته لوزارة الخارجية بقيادة حليفه جبران باسيل وزير الخارجية صهر رئيس الجمهورية، فهل تتمادى إسرائيل فى ضغوطها على المجتمع الدولى لإدانة لبنان وحزب الله، ومن ثم تعديل مهمة اليونيفيل جنوبلبنان، أم أن جهودها ستذهب أدراج الرياح؟.