مبادرة كلنا واحد توجه قافلة إنسانية وطبية للبحيرة    التعليم العالي: إدراج 15 جامعة مصرية في تصنيف QS العالمي لعام 2025    «الأطباء» تكشف تفاصيل إدراج «الدراسات العليا للطفولة» ضمن التخصصات الطبية    سعر الريال السعودى اليوم الجمعة 7-6-2024 فى البنوك المصرية    استعدادا لعيد الأضحى، محافظ أسوان يوجه بطرح خراف وعجول بلدية بأسعار مناسبة    هشام آمنة: تنفيذ 5130 مشروعا ضمن برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر    محافظ أسوان: طرح كميات من الخراف والعجول البلدية بأسعار مناسبة بمقر الإرشاد الزراعي    عضو بالشيوخ الأمريكي: نتنياهو مجرم حرب ولن أحضر كلمته بالكونجرس    ذا جارديان: "حزب العمال البريطانى" قد يعلن قريبا الاعتراف بدولة فلسطينية    خلاف داخل الناتو بشأن تسمية مشروع دعم جديد لأوكرانيا    ماكرون يرحب بزيلينسكي في قصر الإليزيه    المتحدة للخدمات الإعلامية تعلن تضامنها الكامل مع الإعلامية قصواء الخلالي    واشنطن تطالب إسرائيل بالشفافية عقب غارة على مدرسة الأونروا    بعد الفوز على بوركينا| ترتيب مجموعة مصر في تصفيات كأس العالم    لوكاكو يكشف إمكانية إنتقاله للدوري السعودي في الموسم الجديد    إصابة 7 أشخاص بحادث انقلاب ميكروباص على الطريق الدائرى بشبرا الخيمة    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الدائري بالقليوبية    تعليم البحر الأحمر تنهي استعداداتها لامتحانات الثانوية العامة    ضبط 136 مخالفة فى المخابز والأسواق بتموين الدقهلية    الموقع الرسمي ل نتيجة الشهادة الإعدادية محافظة القليوبية 2024 الترم الثاني (تظهر خلال ساعات)    "يارايحين للنبي الغالي".. انطلاق رحلة 309 حجاج من أسيوط إلى مكة المكرمة    حريق يلتهم محل أدوات منزلية شهير في الشرقية    مسار العائلة المقدسة فى أرض مصر.. الطريق من سيناء إلى أسيوط.. صور    خالد جلال ناعيًا محمد لبيب: ترك أثرًا طيبًا    سلوى عثمان تكشف مواقف تعرضت لها مع عادل إمام    هيئة البث الإسرائيلية: عودة الرصيف الأمريكى العائم للعمل قبالة سواحل غزة اليوم    روسيا: موسكو ستدافع عن نفسها بكل السبل وسط تهديدات الغرب بالصراع الأوكرانى    تعرف على فضل صيام التسعة أيام الأوائل من ذي الحجة    صيام العشر الأول من ذي الحجة 2024.. حكمها وفضلها والأعمال المستحبة بها    قافلة طبية مجانية بقرى النهضة وعائشة في الوادي الجديد    رئيس «الرقابة والاعتماد»: معايير الجودة تؤسس لنظام صحي تقل فيه الأخطاء الطبية    إشادات صينية بتطور النقل البحري والسكك الحديدية في مصر    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 7 يونيو 2024.. ترقيه جديدة ل«الحمل» و«السرطان»يستقبل مولودًا جديدًا    مرسى جميل عزيز l ملك الحروف .. و موسيقار الكلمات    مداهمات واقتحامات ليلية من الاحتلال الإسرائيلي لمختلف مناطق الضفة الغربية    الإسكان: تم وجارٍ تنفيذ 11 مشروعًا لمياه الشرب وصرف صحى الحضر لخدمة أهالى محافظة مطروح    ارتفاع حجم التجارة الخارجية للصين بواقع 6.3% في أول 5 أشهر من 2024    خبراء عسكريون: الجمهورية الجديدة حاربت الإرهاب فكريًا وعسكريًا ونجحت فى مشروعات التنمية الشاملة    الأخضر بكامِ ؟.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري في تعاملات اليوم الجمعة 7 يونيو 2024    منتخب السودان يتصدر مجموعة تصفيات كأس العالم على حساب السنغال    تفشي سلالة من إنفلونزا الطيور في مزرعة دواجن خامسة بأستراليا    افتتاح المهرجان الختامي لفرق الأقاليم ال46 بمسرح السامر بالعجوزة غدًا    مفاجأة.. دولة عربية تعلن إجازة عيد الأضحى يومين فقط    سيد معوض: هناك لاعبين لعبوا المباراة بقوة وبعد نصف ساعة كانوا بعيدين تمامًا    الأوقاف تفتتح 25 مساجد.. اليوم الجمعة    رغم الفوز.. نبيل الحلفاوي ينتقد مبارة مصر وبوركينا فاسو .. ماذا قال؟    الصيادلة: الدواء المصري حتى بعد الزيادة الأرخص في العالم    ما قانونية المكالمات الهاتفية لشركات التسويق العقاري؟ خبير يجيب (فيديو)    أمين الفتوى: إعداد الزوجة للطعام فضل منها وليس واجبا    «صلاة الجمعة».. مواقيت الصلاة اليوم في محافظات مصر    مجلس الزمالك يلبي طلب الطفل الفلسطيني خليل سامح    عيد الأضحى 2024| أحكام الأضحية في 17 سؤال    ساتر لجميع جسدها.. الإفتاء توضح الزي الشرعي للمرأة أثناء الحج    غانا تعاقب مالي في الوقت القاتل بتصفيات كأس العالم 2026    حظ عاثر للأهلي.. إصابة ثنائي دولي في ساعات    إبراهيم حسن: الحكم تحامل على المنتخب واطمئنان اللاعبين سبب تراجع المستوى    في عيد تأسيسها الأول.. الأنبا مرقس يكرس إيبارشية القوصية لقلب يسوع الأقدس    بمكون سحري وفي دقيقة واحدة .. طريقة تنظيف الممبار استعدادًا ل عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرسي في طهران
تغيرات إقليمية جديدة

تحمل زيارة الرئيس محمد مرسي لطهران الكثير من الدلالات المهمة سواء من حيث مستوي التمثيل‏,‏ أو حدود التأثير علي طبيعة الدور الإقليمي لمصر بعد ثورة‏25‏ يناير‏,‏ فالزيارة تأتي لإنهاء قطيعة دامت لأكثر من ثلاثين عاما وبالتحديد منذ عام1980 إثر توقيع مصر اتفاقية السلام مع إسرائيل عام.1979 كما أنها وعلي الرغم من كونها بروتوكولية وخاطفة وتأتي في إطار حضور قمة دول عدم الانحياز لتسليم مصر رئاسة القمة لإيران فإنها حظيت بزخم سياسي كبير علي المستويين الداخلي والخارجي, مما يؤشر علي أن السياسة الخارجية المصرية يبدو أنها ستخطو خطوات مغايرة إلي حد كبير عن تلك التي كانت سائدة في عهد الرئيس السابق, خاصة تلك المتعلقة منها بالولايات المتحدة وتحالفاتها الدولية والإقليمية في منطقة الشرق الأوسط والتي تدخل إيران بالطبع في بؤرة اهتماماتها.
فقد عكست درجة التمثيل رفيعة المستوي للوفد المصري في القمة مضامين متعددة تشير إلي رغبة مصر في الإعلان عن استقلالية قرارها السياسي مبتعدة بذلك خطوة واضحة عن الولايات المتحدة التي تعمل جاهدة علي توسيع دائرة العزلة الدولية عن إيران, مع ملاحظة أنه وعلي الرغم من حضور الرئيس مرسي القمة فإن ذلك لا يعني بالضرورة استعادة العلاقات المصرية الإيرانية عافيتها ودخولها مرحلة التطبيع التي ترغبها طهران والتي رهنها الرئيس المصري بشروط محددة يمكن إجمالها في الموقف الإيراني من الثورة السورية وأمن دول الخليج العربية ووقف نشر المذهب الشيعي في الدول العربية وهي الشروط التي اعتبرها بوابة العبور إلي إقامة علاقات جيدة مع إيران, ما يعني إجمالا أنه من غير المطروح استئناف العلاقات الدبلوماسية المصرية الإيرانية في الوقت الراهن علي خلفية السياسة التي مازالت تتعامل بها إيران مع المنطقة العربية وملفاتها الشائكة.
ما سبق يعني أن زيارة الرئيس مرسي الخاطفة لطهران وما تحمل من دلالات تدفع إلي التساؤل حول العائد السياسي للزيارة علي المستوي الخارجي خاصة فيما يتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل من ناحية ودول الخليج من ناحية ثانية. وتجدر الإشارة هنا إلي وجود ملاحظات عدة يمكن رصدها; الأولي: تشير إلي أن مصر ترغب في إعادة إحياء دورها الإقليمي في المنطقة مما سيترتب عليه بالضرورة إعادة تحديد أولويات الأمن القومي المصري وخروج أجندته من حلقة الارتباط بالسياسة الأمريكية في المنطقة, وإن كان ذلك سيتم في ظل ضوابط محددة لكون واشنطن حتي الآن هي مصدر التسليح الأول لمصر ناهيك عن الضغوط التي بإمكانها ممارستها علي الاقتصاد المصري المنهك, مما قد يمثل كابحا في آحيان كثيرة لتوجهات أكثر حدة علي المستوي الخارجي بعيدا عن الولايات المتحدة علي الأقل في الوقت الراهن. والثانية: تتعلق بما رصدته تقارير أمريكية عدة تناقلتها الصحف ووكالات الأنباء تشير إلي أن دعوة الرئيس مرسي لتشكيل لجنة اتصال بشأن سوريا تضم مصر والسعودية وإيران وتركيا قد تسهم في فك العزلة التي تحاول الولايات المتحدة وإسرائيل إحكامها علي إيران علي خلفية أزمة البرنامج النووي الإيراني, مما يعني أن مصر في ظل رئاسة مرسي قد تناور بتحالفات خارجية جديدة يمكن تشكيلها مستقبلا مع دول منافسة للولايات المتحدة في سابقة لم تحدث منذ أكثر من أربعين عاما. والثالثة: تشير إلي توافر الإرادة لدي الدبلوماسية المصرية الجديدة لتنويع تحالفاتها الخارجية مستقبلا بما يعيد رسم خريطة التوازنات الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط والتي خرجت منها مصر طوال السنوات الماضية لمصلحة قوي إقليمية أخري, لكن تظل إمكانية حدوث ذلك مرهونة بمدي استقرار المشهد السياسي المصري الداخلي وتحسن أداء الاقتصاد وتعافيه من كبوته الشديدة بما يمكنها من التحرر من قيود المساعدات الاقتصادية التي تستخدمها الدول المانحة في آحيان كثيرة كورقة ضغط قوية التأثير. والرابعة: توضح أن واشنطن سعت وبصورة سريعة إلي احتواء التغيرات في السياسة الخارجية المصرية عبر موقفين: الأول عدم ممارسة ضغوط علي صندوق النقد الدولي فيما يتعلق بالقرض المصري وقيمته2.3 مليار دولار والتفاوض علي رفع قيمته إلي8.4 مليار, والثاني تمثل في إرسال واشنطن وفد اقتصاديا لدراسة سبل تقديم المساعدات الاقتصادية للقاهرة.
الجانب الآخر من معادلة العلاقات المصرية الأمريكية ويشكله العامل الإسرائيلي الذي يدخل بقوة علي خط التحذير من مغبة التقارب المصري الإيراني المحتمل ويراه في المحصلة النهائية خصما من رصيد العلاقات المصرية الإسرائيلية التي تشهد حاليا نوعا من الفتور, مما يؤشر علي أنه كلما ابتعدت مصر في تحركاتها عن واشنطن تقلصت بالضرورة العلاقات المصرية الإسرائيلية الأمر الذي يزيد من تخوفات الجانب الإسرائيلي ويري في هذا التحول المصري بشأن إيران علي الرغم من محدوديته إضرارا بمصالحها في المنطقة لاسيما في حالة التطبيع الكامل للعلاقات الذي قد يوجد بدوره محور قوة إقليمي جديد مصري إيراني, ناهيك عن كونه سيمثل قوة إضافية لطهران في مواجهة حالة العزلة والترصد الدولي بسياستها الإقليمية والنووية في المنطقة, بل تذهب إسرائيل أبعد من ذلك لترسم صورة ضبابية لمستقبلها في المنطقة حالة التقارب المصري الإيراني تتلخص في إمكانية التطبيع النووي مستقبلا مما يعني إيجاد مظلة نووية إقليمية في المنطقة تقضي علي التفوق النوعي الإسرائيلي لأن التطلع لامتلاك قدرات نووية حينئذ لن يقتصر علي إسرائيل وإيران فقط ولكن قد يشمل السعودية ومصر وتركيا أيضا.
أما فيما يتعلق بالعلاقات المصرية مع دول الخليج العربية ومدي تأثرها سلبا بهذه الزيارة فتجدر الإشارة أولا إلي ضرورة أن تقتنع دول الخليج بأن ثمة تغيرا واضحا في التوجهات الخارجية المصرية حيال إيران لا يعني بالضرورة التأثير علي علاقات مصر الخليجية, لاسيما أن الدول الخليجية نفسها تحافظ علي مستوي معين من العلاقات مع طهران وأن العلاقات الاقتصادية الإيرانية بتلك الدول وبالتحديد مع إمارة دبي ومع دولة الكويت وسلطنة عمان علاقات جيدة علي الرغم من التوتر السياسي الذي تحدثه طهران في المنطقة من آن لآخر. في الوقت نفسه هناك العديد من الإشكاليات الإقليمية التي تتعلق بأمن الخليج وأمن دوله لا تزال تلعب دورا حاكما لمسار تطوير العلاقات المصرية الإيرانية يضاف إليها أمران: الأول الموقف الخليجي الموحد من الأزمة السورية والداعي إلي تنحي الرئيس السوري بشار الأسد وهو الموقف المصري نفسه, حيث ألمحت القيادة المصرية, أنها تحاول بتلك الزيارة الضغط علي إيران لحلحلة موقفها بشأن سوريا إلا أن محاولات الضغط المصرية حاليا تبدو فاقدة قدرتها علي إحداث التغيير المأمول في الموقف الإيراني من الأزمة السورية لأن سياسة المصالح لم تأخذ طريقها بعد في لغة العلاقات المصرية الإيرانية التي لم تدخل طور التفعيل حتي الآن, أما الثاني فيتعلق بالاحتياج المصري للاستثمارات الخليجية خلال المرحلة الراهنة والذي تضعه القيادة المصرية نصب أعينها وأكدت ضرورة الحفاظ عليه عبر رهن تطبيع علاقاتها الكاملة بإيران بشرطين مهمين; أمن الخليج الذي اعتبرته خطا أحمر بالنسبة لمصر ووقف التمدد الشيعي ليس في الخليج فقط عبر تقليص نطاق سياسات الولاءات المذهبية التي تنتهجها طهران بينها وبين التيارات الشيعية في دول الخليج, ولكن أيضا عبر وقف نشر المذهب الشيعي في مصر الذي شهد نشاطا متزايدا خلال الفترة الماضية والذي يقابل برفض تام من جانب التيارات السلفية والجماعة الإسلامية.
وبالتالي فإن مصر ستسعي إلي علاقات متوازنة ومشروطة مع طهران بصورة تختلف عن حالة القطيعة السابقة, ولكنها في الوقت نفسه لن تصل بالضرورة إلي مرحلة التحالف الاستراتيجي مقابل الحفاظ علي علاقتها الأهم مع دول الخليج لأن الانتقال إلي مرحلة أبعد من ذلك يتطلب العديد من الضمانات التي يجب أن تقدمها طهران لمصر علي مسرح السياسة الإقليمية مستقبلا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.