بالرغم من تشديد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون على عدم تراجعه عن قراراته، أعلن رئيس الوزراء الفرنسى إدوار فيليب تعليق الزيادة الضريبية، التى كان من المقرر فرضها على الوقود اعتبارا من يناير المقبل، ولمدة ستة أشهر. وقال فيليب، فى مؤتمر صحفى، إنه سيتم تعليق زيادات الضرائب على أسعار الوقود لحين الخروج بنتائج محددة من الحوار المجتمعى الذى سيتم فتحه منتصف الشهر الحالى، و فى حالة الفشل فى ذلك سيتم استخلاص النتائج والعواقب، على حد تعبيره. وأضاف فيليب أن الحكومة الفرنسية قررت أيضا تعليق زيادة الرسوم التى كان من المقرر فرضها أيضا فى الفترة القادمة على خدمات الغاز والكهرباء بالبلاد، مؤكدا أن جميع تلك القرارات ستدخل حيز التنفيذ فورا لضمان الأمن فى البلاد. وأشار إلى أنه تحدث مع المسئولين المحليين والفاعلين لتحسين الواقع المعيشى للفرنسيين بعد تلقيه الكثير من الإفادات حول غلاء المعيشة. وتابع فيليب أنه سيتم دراسة نظام الضرائب على نطاق واسع فى الفترة القادمة، تمهيدا لإلغائها، مشيرا إلى أن «النظام الضريبى الفرنسى هو الأعلى فى أوروبا والأكثر تعقيدا، لذا فإنه من غير المنصف الإبقاء عليه». وأوضح فيليب أن ذلك الحوار سينطلق عبر كل مؤسسات الدولة ومنظماتها الواضحة كالبرلمان والنقابات والمنظمات غير الحكومية، وحتى عبر وسائل الإعلام اعتبارا من منتصف ديسمبر الحالى وحتى مارس المقبل؛ لضمان مشاركة جيمع الفرنسيين. وشدد رئيس الوزراء الفرنسى على أن حق التعبير عن الرأى والتظاهر مكفول للفرنسيين ، فهى الأسس التى قامت على أساسها الدولة الفرنسية ،لكنه أكد على أن الدولة لن تتهاون مع أعمال العنف والتخريب التى وقعت السبت الماضى، وطالت الكثير من المبان والمعالم الآثرية فى البلاد.وتابع أن الشرطة ستبحث عن كل من تورط فى ذلك تمهيدا لمحاسبته ،قائلا:«إن ما حدث لا يجب أن يتكرر ثانية». وكان فيليب قد التقى عدداً من ممثلى الأحزاب السياسية فى وقت سابق لبحث تداعيات الأزمة وسبل الخروج منها، فى حين ألغت الحكومة الفرنسية فى الساعات الأخيرة اجتماعا كان مقررا مع ممثلين عن حركة «السترات الصفراء» بسبب عدم تمكن الحركة من اختيار ممثلين عنها، فضلا عن عدم تحديد قائمة المطالب وانقسام الحركة بين مرحب بالحوار ورافض له. وصرح بعض المحتجين، ممن كانوا ينوون الحضور ، بأنهم تلقوا تهديدات بالقتل فى حالة التواجد فى هذا اللقاء، أو الدخول فى مفاوضات مع الحكومة. وحول الاحتجاجات، انتشرت لافتات ترفع شعارات باللغة العربية مثل «ارحل» و«الشعب يريد إسقاط النظام» ، على غرار شعارات وهتافات ثورات الربيع العربى، التى انطلقت من مواقع التواصل الاجتماعى أيضا كما فى «احتجاجات السترات الصفراء». وفى المقابل، تداولت مواقع التواصل الاجتماعى على نطاق واسع فيديو مصور لعدد من أفراد الشرطة وهم يخلعون خوذاتهم ، بينما لا يفصلهم عن محتجى السترات الصفراء سوى أمتار قليلة، كعلامة على بادرة سلام من جانب الشرطة والحكومة، وهو ما استقبلته الجماهير المحتشدة بترحاب شديد، وقاموا سويا بغناء النشيد الوطنى. وبدأت حركة «السترات الصفراء»، التى تضم مؤيدين من مختلف الأعمار والمهن والمناطق الجغرافية، على الإنترنت كاحتجاج عفوى على رفع أسعار الوقود، لكنها تحولت إلى تعبير أوسع عن الغضب بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة التى تعانى منها ميزانية الطبقة المتوسطة. ولا توجد زعامة واضحة تقود الحركة، الأمر الذى يجعل المحادثات أكثر تعقيدا بالنسبة للحكومة الفرنسية. ويتركز طلب الحركة الجوهرى على تجميد الزيادات الضريبية المزمعة على الوقود المقرر تطبيقها فى يناير المقبل، واتخاذ إجراءات تعزز القوة الشرائية، لكن مع الوقت ارتفع سقف مطالب الحركة على نحو وصل إلى مطالبة ماكرون بتقديم استقالته، فيما يتحدث كثيرون عن احتمالية اندلاع ثورة.