يصر النواب السنة المستقلون عن تيار المستقبل على تمثيلهم فى تشكيل الحكومة اللبنانية المكلف بها زعيم تيار المستقبل سعد الحريرى منذ أكثر من خمسة أشهر،وهم من يعرفون بسنة 8آذار الفريق الخصم والمناهض لفريق 14آذار، معتمدين على دعم حزب الله لهم، ولكن الحريرى يرفض توزير أحدهم أو من يمثلهم، كما أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يرفض توزير أحد منهم أو من يمثلهم لأنهم لايمثلون كتلة نيابية واحدة، وبعد حل العقدة الدرزية بزعامة وليد جنبلاط لتسهيل تشكيل الحكومة، وكذلك حل عقدة القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع،ظهرت العقدة السنية المستقلة لتعطل التشكيل بدعم من حزب الله. كانت نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية الأخيرة فى مايو الماضى قد أظهرت واقعاً جديداً فى لبنان، وهو فوز 10 نواب سنة من خارج تيار المستقبل الذى يتزعمه الحريري، وهم:نجيب ميقاتي، فيصل كرامي، أسامة سعد، فؤاد مخزومي، عبدالحليم مراد، بلال عبد الله، وجهاد الصمد وعدنان طرابلسي،والنائب الوليد سكرية الذى كان ولا يزال عضواً فى كتلة نواب حزب الله، وكذلك النائب قاسم هاشم المنتمى إلى كتلة التحرير والتنمية التى يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري. وحاولوا تشكيل معارضة سنية، تريد تمثيلها فى الحكومة الجديدة، ولكن بعض النواب المستقلين رفضوا معارضة الحريرى وتيار المستقبل، منهم رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، ونائب بيروت فؤاد مخزومي، والنائب بلال عبدالله الموجود ضمن كتلة اللقاء الديمقراطى برئاسة تيمور وليد جنبلاط، كما فشل من تبقى منهم فى إنشاء تكتل سياسى موحد له حيثية سياسية. ويتعلل النواب السنة المستقلون بأنهم يمثلون 40%من أصوات السنة فى لبنان ومن حقهم أن يمثلوا فى الحكومة، حتى لا يستأثر تيار المستقبل وحده بتمثيل السنة فى لبنان. ويرفض الحريرى وجود معارضة سنية أصلاً، متعللا بأن انتخابات 2005 و2009، فاز فيها نواب من خارج الثنائى الشيعى (أمل وحزب الله)، إلا أن الثنائى رفض توزير أى شخصية شيعية أخرى من خارج تحالفه. ورد الحريرى على النواب السنة المستقلين قائلا: جوابى كان واضحا منذ اللحظة الأولى، ورفضى كان نهائيا من أول الطريق، وقلت منذ البداية إذا أصررتم على توزيرهم، فأنا لا أريد مشكلات مع أحد، فتشوا عن غيري، والأمر لا يحتاج تهديدا أو تذكيرا بالماضي، السيد نصر الله ليس بحاجة إلى أن ينتظر لتقوم القيامة، وحزب الله شارك بالاستشارات، وإذا كان مصرا على توزيرهم فلماذا لم يسم أحدا من حصته؟، ولا أقبل أن يتهم أحد سعد الحريرى بالتحريض الطائفى والمذهبي، فتيار المستقبل هو تيار عابر للطوائف بالممارسة، وليس بالتنظير على الآخرين، وأنا «أبو» السنة فى لبنان وأعرف أين مصلحتهم،متهما حزب الله بالتعطيل نظرا لإصراره على توزير من يمثل سنة 8آذار. وتؤكد مصادر لبنانية أن الحريرى سيعتذر عن تشكيل الحكومة، إذا استمر الإصرار على توزير السنة المستقلين، ولن يقبل تكليفه مجددا، حتى ولو أتت الاستشارات الملزمة لمصلحته، حيث إن الحريرى يرفض توزير أى نائب سنى من خارج تيار المستقبل، أو من داخل التيار، التزاما بقرار بيت الوسط - مقر تيار المستقبل- فصل النيابة عن الوزارة، الصادر قبل إجراء الانتخابات النيابية. أما الرئيس ميشال عون فيرفض تمثيل النواب السنة المستقلين من فريق 8 آذارفى الحكومة الجديدة، اقتناعا بموقف رئيس الحكومة المكلف سعد الحريرى وتضامنا معه، بينما حزب الله يصرّ على تمثيلهم، ولو أفضى الأمر إلى الاستمرار بلا حكومة فاعلة، حتى نهاية الولاية الرئاسية بعد أربع سنوات، وهو الأمر الذى جعل عون ممتعضا من مطلب النواب المستقلين، حيث رفض مطلبهم لأنهم لا يمثلون كتلة نيابية يمكن تمثيلها فى الحكومة. وبالرغم من الرفض القاطع والواضح من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء المكلف بتوزير سنة 8آذار أو السنة المستقلين أو سنة حزب الله كما يسميهم البعض، فحزب الله مستمر بدعم حلفائه، معطلا تشكيل الحكومة ما لم يوزر أحد السنة المستقلين أو من يختارونه لتمثيلهم، حيث أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله التمسك بطلب نواب سنة 8 آذار بتمثيلهم فى الحكومة، مؤكدا «أننا لا نتخلّى عن حلفائنا عندما يكون هناك حقّ ومعيار واحد يطبّق على الجميع». ورد نصرالله خلال حفل إحياء يوم الشهيد منذ أيام على اتهام الحزب بأنه يعرقل تشكيل الحكومة اللبنانية، قائلا: بعد تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريرى تشكيل الحكومة، حصلت نقاشات وكنّا جزءًا منها، وتمّ الحديث عن عدد وزراء الحكومة، وكانت هناك أصوات تدعو لتكون مؤلفة من 32 وزيراً، لإتاحة الفرصة أمام العلويين والأقليات المسيحية كى يتمثّلوا فى الحكومة، وكى نزيل غبنا تاريخيا بحقّهم. مؤكدا أنه ومنذ اليوم الأول، أبلغنا المعنيين ومعهم الحريرى بحقّ النواب السنة المستقلين بأن يكون لهم وزير فى الحكومة، وكنّا دائمًا نؤكّد هذا المطلب، وبعد 5 أشهر تمّ حلّ العقدتين الدرزية والمسيحية، واتصل بنا الحريرى لطلب أسماء الوزراء، وأبلغنا الحريرى أنّنا لن نعطى الأسماء قبل تمثيل النواب السنة المستقلين. وإذا كان الحريرى يهدد بالاعتذار عن تشكيل الحكومة فى حال استمر إصرار حزب الله على توزير السنة المستقلين، وإذا كان عون ممتعضا من التعطيل لهذا السبب، وإذا كان حزب الله مصرا على موقفه، فكيف يكون الحل؟ هل يتنازل رئيس الجمهورية عن وزير من حصته ليعطيها للنواب المستقلين؟ أم يتنازل حزب الله عن وزير من حصته التى يراها منقوصة فى الأساس؟ أم يتنازل الموارنة - التيار الحر والقوات اللبنانية - من حصتيهما من أجل النواب السنة المستقلين؟ وعموما إذا لم تحدث انفراجة فى توزير سنة 8آذار، نظرا لإصرار كل طرف على موقفه، فقد يعتذر الحريرى عن تكليفه بتشكيل الحكومة المعطل منذ خمسة أشهر،ويدخل لبنان مرحلة الفراغ الحكومى التى قد تستمر لسنوات نظرا لأن رئيس الوزراء حسب الدستور لابد أن يكون مسلما سنيا وصاحب أغلبية سنية فى البرلمان وهو ما ينطبق على الحريرى دون سواه، بما يعنى أن تشكيل الحكومة اللبنانية سيدور فى حلقة مفرغة إلى ما شاء الله.