اعترضت الولاياتالمتحدةالأمريكية على قرار تبنته الأممالمتحدة بأغلبية ساحقة يطالب إسرائيل بالانسحاب من الجولان السورى المحتل تنفيذا لقرارات الشرعية الدولية، ويدين القرار الممارسات الاسرائيلية فى الجولان، ويؤكد سيادة سوريا على الجولان ويدين الاحتلال ويعتبر كل إجراءاتها هناك باطلة.. والحقيقة أن الولاياتالمتحدة خلعت، فى رأيي، برقع الحياء او بالأحرى برقع الخداع.. فمنذ قيام منظمة الأممالمتحدة لم تتخذ دولة، باستثناء اسرائيل، موقفا يعادى الشرعية الدولية ويناقض القانون الدولى الذى يٌجرم احتلال دولة لأراضى دولة أخري.. وسبق ومنح الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، مدينة القدسالمحتلة لإسرائيل معترفا بها عاصمة للدولة اليهودية، بتجاهل تام، حتى لا نقول بازدراء تام، لحق الفلسطينيين، مسلمين ومسيحيين، فى القدس، حيث يوجد أحد أعلى الرموز الاسلامية، هو المسجد الأقصي، وأحد أعلى الرموز المسيحية، وهى كنيسة القيامة.. ويتصرف سيد البيت الابيض وكأنه إمبراطور الكرة الأرضية، وكأن العالم كله لا يملك إلا الرضوخ لرغباته ولنزواته، التى لا ترتكز على أى منطق أو دليل، ناهيك عن اى حق. ولا شك أن تصرفات ترامب تضع العالم على مشارف فوضى عارمة وتضع الوطن العربى على شفا حرب، لن يستطيع اى كان التنبؤ بنتائجها..فقط تمنيت ان يقرأ ترامب مقالا للسياسى الفرنسى المعروف جاك أتالي، والذى كان أقرب مستشارى الرئيس الفرنسى الراحل فرانسوا ميتران إليه. أتالي، وهو يهودى الديانة، كتب منذ بضع سنوات مقالا بعنوان «نهاية الحلم الصهيونى»، خلاصته أن الرواد الصهاينة نزحوا من دولهم الأصلية الى فلسطين بهدف تأسيس دولة اسرائيل التى سوف تسيطر على المنطقة..ولكن هذا الحلم الصهيونى مآله الى زوال فى جميع الاحتمالات.. ففى حالة السلم، والكلام لجاك أتالي، سوف تذوب اسرائيل فى المحيط العربى الكبير ولن تستطيع الحفاظ على طابعها الصهيوني، وانما ستكون الديانة اليهودية، واحدة من الديانات والعقائد الموجودة منذ فجر التاريخ فى الوطن العربي... والاحتمال الثاني، هو الحرب، وهذا احتمال مستحيل التنفيذ بسبب التداخل بين شعوب المنطقة، فلو شنت اسرائيل عدوانا ضد الفلسطينيين فلن تنجو هى من أضرارها، وبالطبع فان الحرب على لبنان او سوريا او مصر، وهى الدول المتاخمة لإسرائيل، لابد وأن تكون محدودة، وبالتالى غير حاسمة ومن ثم فلن تحقق الحرب الحلم الصهيونى فى الهيمنة.. الاحتمال الثالث، هو حالة اللاحرب واللاسلم، وفى هذه الحال فإن كبار الرأسماليين الذين سال لعابهم بعد اتفاقيات كامب ديفيد، وهرعوا إلى إسرائيل باعتبار ان العالم العربي، سيكون سوقا مربحة لهم من المحيط الى الخليج، خاب أملهم بسبب الموقف الشعبى من الدولة الصهيونية وان الشعب العربى لم يتبع خطى من تصالح مع تل أبيب، وقال جاك أتالى فى مقاله، على ما أذكر، إن رأس المال ليس له وطن، ومن ثم فسوف يعود هؤلاء الرأسماليون من حيث أتوا وسوف يستطلعون أسواقا جديدة، وبالتالى سوف ينعكس هذا الهروب سلبا على الحلم الصهيوني..واعتقد أن إسرائيل وحلم الإمبراطورية من الفرات إلى النيل الذى حاول رواده تحقيقه بجميع الوسائل والحروب والمؤامرات، غير قابل للتحقيق، وأنه يتعين على قادة تل ابيب أن يفيقوا من وهم الهيمنة بدعم أمريكي، وأن يوقنوا أن أغلب أبناء فلسطين كانوا يهودا، ثم اعتنق الكثير منهم المسيحية وبعدها دخل معظم أبناء فلسطين الإسلام، فهل يعاقب ترامب هؤلاء، لكونهم لم يظلوا يهودا؟ أوليس السعى الى إعادة الجولان المحتل الى سوريا والاعتراف بالحقوق الفلسطينية خطوات من شأنها إرساء سلام حقيقى فى المنطقة، وليس تأجيج النيران بخرافات وأوهام ما أنزل الله بها من سلطان؟. لمزيد من مقالات فريدة الشوباشى