* 9٫5 ملايين مواطن يستفيدون من برامج الحماية الاجتماعية موزعين على 2٫2 مليون أسرة * ليس عدلا أن تستفيد الأسر الكبيرة بدعم مضاعف وتحرم أخرى منه * الحماية الاجتماعية حجر زاوية فى برنامج الإصلاح الحكومى ومساعدة الفقراء على الإنتاج * إضافة أسر جديدة فى أمس الحاجة للدعم والضرب بيد من حديد على ممارسات الفساد أيا كان مرتكبها
أكد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، أن خدمات الدعم النقدى ستقتصر على طفلين فقط، وليس ثلاثة أطفال لكل أسرة، بداية من شهر يناير المقبل، لتتمكن الحكومة من إضافة أسر جديدة، هى فى أمس الحاجة إلى الدعم ، مؤكدا أنه من غير العدالة أن تستفيد الأسر الكبيرة من دعم مضاعف وتحرم أسر أخرى من الدعم كلية. وأضاف رئيس مجلس الوزراء - فى كلمته أمس بمؤتمر «تكافل وكرامة» الثالث تحت عنوان «من الحماية إلى الإنتاج»، بحضور عدد من الوزراء، والسفراء - أن الدولة ستضرب بيد من حديد على أى ممارسات فساد فى ملف الدعم أيا كان المتسببون فيها، سواء مسئولين أو عاملين أو مواطنين، مشيرا إلى أن 2.2 مليون أسرة استفادت ببرامج الحماية الاجتماعية، تضم نحو 9.5 مليون مواطن، وأن الحماية الاجتماعية هى حجر زاوية فى برنامج الإصلاح الحكومى، ونستهدف مساعدة الفقراء على الخروج من أزمة الفقر إلى الإنتاج. وأعرب مدبولى عن سعادته واعتزازه بمشاركته فى الاحتفال بمضى ثلاثة أعوام على تدشين برنامج الدعم النقدى المشروط «تكافل وكرامة»، لما حققه من نجاحات حمائية فعالة لنحو 2.2 مليون أسرة فقيرة، وفئات أولى بالحماية، وأنه تم احتساب درجات الفقر لتلك الأسر طبقا لمعايير علمية وإحصائية بناء على خرائط الفقر الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وطبقا للمؤشرات التى وضعتها وزارة التضامن الاجتماعى فى جهد دءوب لتطوير منظومة الحماية الاجتماعية. وأضاف أنه منذ بداية القرن الحادى والعشرين، واجهت عديد من دول العالم، ومن بينها مصر، تحولات جذرية ارتبطت بظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية صعبة، سواء على المستوى العالمى أو المحلى؛ مما ترتبت عليه إعادة هيكلة الاقتصاد القومى وتعديل السياسات الاقتصادية والاجتماعية فى كثير من هذه الدول، فسعت كثير منها إلى تبنى سياسات اجتماعية متكاملة، تتضافر فيها أنشطة الدعم والحماية مع توفير فرص العمل وتقليل نسبة البطالة، وتحسين الخدمات الأساسية وميكنتها، وتطوير المؤسسات الاجتماعية، وإضفاء مبادئ الشفافية والمساءلة على مختلف الأصعدة. وأشار إلى أن برنامج الدعم النقدى المشروط جاء استجابة لتوجه الحكومة نحو سياسات العدالة الاجتماعية، ولتخفيف وطأة الضغوط الحياتية التى تتأثر بها الأسر تحت خط الفقر، نتيجة إجراءات الإصلاح الاقتصادى التى تتبناها الدولة فى السنوات الأخيرة، لإعادة هيكلة الاقتصاد بشكل أكثر توازنا، وسعيا لإرساء قواعد التنمية الشاملة والمستدامة ولإقرار السلم المجتمعى بوجه عام، و أضاف قوله:»أود أن أثمن أثر البرنامج على الاستثمار فى رأس المال البشرى، وفى بناء الإنسان، من خلال الحرص على الرعاية الصحية للأطفال تحت سن 6 سنوات، وعلى متابعة الصحة الإنجابية للأمهات، بالإضافة إلى مراعاة وجوب الاهتمام بإلحاق الأطفال من سن 6 - 18 سنة بالمراحل التعليمية، ورصد الحضور المدرسى لتعزيز الاهتمام بالتعليم فى كل أنحاء القرى والمراكز». وأكد مدبولى أن الحكومة لا تنظر لبرامج الحماية الاجتماعية باعتبارها إحسانا، ولكنها تتبنى منظورا تنمويا، مؤكدة التزامات الأسر برعاية أفرادها وبصفة خاصة أطفالها فى مجالات الصحة والتعليم والتغذية، لحمايتهم من الوقوع فى براثن الجهل والمرض وللاستثمار فى تلك الأجيال، ليسهموا تباعا فى دفع عجلة التنمية، وأن الحماية الاجتماعية هى حق يجسد العقد الاجتماعى بين الدولة والمواطن، ويعزز الوئام الوطنى بين مؤسسات الدولة «الحكومية والأهلية والخاصة» عبر عدد من الإجراءات وآليات التضامن الاجتماعى، من منطلق العدالة والإنصاف، ومن ثم فهى تشكل جزءا مهما من جهود الدولة الرامية إلى تخفيف الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية والغذائية، ومنع حدوث صدمات أخرى، ويستدعينا الحديث هنا عن مشكلة ملحة تهدد النمو الاقتصادى وتعطل جهود التنمية، وهى مشكلة التضخم السكانى الذى تشهده مصر، وعدم تبنى سياسات فعالة لتنظيم الأسرة، مما تسبب فى عدم التوازن بين عدد السكان والموارد والخدمات، فزاد عدد السكان بمصر 20 مليون نسمة فى خمسة عشر عاما بدءا من 2003 وحتى 2018، وقد أشار الكتاب الإحصائى لعام 2018، الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء إلى أن الزيادة السنوية فى عدد السكان تتخطى 2.5 مليون نسمة، وهو ما يفوق تعداد دول بأكملها، ويستتبع هذا خللا فى تطور الكثافة السكانية، وفى التوزيع الديموجرافى، ويؤثر سلبا على خصائص السكان، فيسوء وضع الخدمات الصحية والتعليمية وتنتشر الأمية، وتتآكل مرافق المياه والكهرباء والصرف الصحى والمواصلات، مما يؤدى تباعا إلى انخفاض مستوى الدخل القومى وعلى التوالى دخل الفرد من نصيبه فى الدخل القومى، فعن أى تنمية نتحدث؟ فطبقا للأرقام والاحصاءات الدولية مصر تحقق أعلى معدل نمو فى منطقة الشرق الأوسط، ولكن كل هذا لا يكفى، لأن الزيادة السكانية تلتهم هذه المعدلات. وأوضح مدبولى أنه لا يمكن النظر إلى الحماية الاجتماعية باعتبارها مفهوما بديلا للرعاية الاجتماعية التقليدية، التى تكرس المنظور السلبى للمواطن، والمنظور الرعائى للدولة؛ مما ساعد على انتشار ثقافة «التواكلية» لسنوات طويلة، وأثقل كاهل الدولة، وعطل قوى السوق، وذلك يتطلب منا التفكير فى آليات حمائية جديدة، تشبع احتياجات البسطاء، وتحافظ على كرامتهم، وتستثمر فى المواطنين القادرين على العمل. وأكد ضرورة أن تتضافر جهود الدولة فى الحد من الزيادة السكانية سواء بالتوعية الأسرية، أو بإتاحة الخدمات الصحية ووسائل تنظيم الأسرة، وأنه يجب التركيز على الكيف وليس الكم، مشيرا إلى أنه من أجل بناء الإنسان المصرى والاستثمار فى مواطنين أصحاء متعلمين ومنتجين، يجب علينا ترشيد موارد الدعم لمصلحة الأسر الواعية التى تعظم مصالح الأسرة بشكل خاص، ومصالح الوطن بشكل عام، كما تتم دراسة سياسات الدعم العينى أيضا، لوصوله لمستحقيه، وسنعلنها العام المقبل، لافتا إلى ضرورة اتباع سياسات اجتماعية رشيدة، تحتكم إلى المنطق وتعتمد على مواردنا المتاحة وليس على احتياجاتنا التى تتزايد بالتضخم السكاني. وأشار مدبولى إلى أن وزارة التضامن الاجتماعى تبذل جهودا كبيرة فى عمليات التنقية المستمرة للمستفيدين من الدعم، وفى استبعاد أسر وفئات قادرة على العمل أو أخرى غير مستحقة، كما أشاد بجهود هيئة الرقابة الإدارية، ودعمها المستمر فى استكمال قواعد البيانات وتحديثها، سواء مع وزارة التضامن الاجتماعى أو مع وزارات أخرى معنية بالدعم العيني. وأكد ضرورة تكريس الجهود فى المرحلة المقبلة لتحقيق التقارب ما بين التنمية والحماية الاجتماعية، بما يضمن النهوض بحياة محدودى الدخل، وتحويلهم من مستهلكين لخدمات الدولة إلى منتجين لها، مشيرا إلى أن ذلك لن يتحقق سوى بالتنسيق بين القطاع الخاص والمجتمع المدنى والمؤسسات المالية وجمعيات المستثمرين ومركز تحديث الصناعة والغرف التجارية والبنوك، وغيرها من الكيانات الشريكة التى يقع عليها جميعا عبء النمو الاقتصادي. وأضاف أنه لا يمكننا الحديث عن الحماية الاجتماعية بعيدا عن دستور 2014م الذى أقر حق الحماية الاجتماعية كحق دستورى، كما يلزمنا التطرق إلى رؤية مصر 2030، والتى شكلت بمكوناتها الخمسة: الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والسياسية حائط صد لكل مدخلات الفقر، وكانت نقطة انطلاق نحو مصر المستقبل. وأشار إلى أنه مع بدء وزارة التضامن الاجتماعى فى برنامج «فرصة» للتدريب والتشغيل، من الأهمية أن تتكامل الإصلاحات الاقتصادية الراهنة، فيما يتعلق بسياسات التشغيل والتوظيف، والتسعير والدعم والأجور والحماية الاجتماعية للعاملين وخيارات الإنتاج المتاحة، ونوعية الاستثمار، والنظام الضريبي..إلخ، وذلك تجنبا لأى تفاوتات سلبية ربما تؤلم «محدودى الدخل»، من أجل إرساء شبكات أمان اجتماعى تحقق أثرا تنمويا قويا. وأكد أن الدولة اتخذت عدة إجراءات، هذا العام تتسق فى مجملها مع منظومة الحماية الاجتماعية، وأخص منها، وضع حد أدنى للمعاشات والعمل على تطبيق قانون التأمين الصحى، والانتهاء من قوائم الانتظار بالمستشفيات، والتوسع فى خدمات الصحة الإنجابية، والتوسع فى علاج فيروس سى، وتنقية قوائم المستفيدين من بطاقات التموين، والحرص على توفير لبن الأطفال، ومراقبة أسعار المنتجات الغذائية، وإتاحة برامج إقراض متعددة وذات قواعد ميسرة، والعمل على الانتهاء من تطوير المناطق العشوائية غير الآمنة، والتوسع فى خدمات الصرف الصحى بالقرى، والتوسع فى إنشاء وحدات الاسكان الاجتماعى للشباب ومحدودى الدخل. وأضاف أن الحماية الاجتماعية هى حجر زاوية فى برنامج الإصلاح الحكومى، الذى يركز على توجيه جانب من وفورات الموازنة المتحققة من الإجراءات الإصلاحية نحو الإنفاق على التحويلات النقدية الاجتماعية، وبالتحديد فى مجالات دعم الغذاء والتحويلات الاجتماعية الموجهة إلى المستحقين والحفاظ على مخصصات التأمين والغذاء لمحدودى الدخل، والتأمين الصحى، والاستثمار فى البنية التحتية، مع التركيز على المدخل التنموى فى الحماية الاجتماعية الذى يستهدف مساعدة الفقراء على الخروج من أزمة الفقر إلى الإنتاج من خلال تكريس ثقافة العمل وتجريم ثقافة الاستهلاك المفرط وغير المسئول أمام مهام التنمية الجسام.