أبناؤنا خط أحمر، نساؤنا خط أحمر، كرامتنا خط أحمر، وطننا خط أحمر، ديننا خط أحمر.. خطوط حمراء طولية وعرضية ومتشابكة، هكذا أصبحت صفحة الحياة، بدلا من أن تزينها الخطوط وتحددها اختفت ملامحها من كثره الخطوط. وسبب كل تلك الخطوط الحمراء الكراهية التي أصبحت تجتاح العالم، وما الكراهية إلا مرادف للعنصرية. والعنصرية هي أبشع ما أنتجه الإنسان، وأفظع ما آمن به، ورغم أنه لا أساس لها عقائديا ولا فكرياً ولا إنسانيا لتستند عليه، لكنها نجحت في مد جذورها داخل قلوب البشر وسيطرت على عقولهم . والغريب في الأمر أن تلك الظاهرة لا ترتبط بالغنى أو الفقر، والدليل على ذلك أن الدول الأكثر تقدماً والتي وضعت القوانين لمناهضة العنصرية هي أكثر الدول معاناة من مظاهر العنصرية داخلياً، بل إنها أكثر الدول دعماً للنظم العنصرية على مستوى العالم. لكن الأصعب والأشد إيلاما هو ما أصبحنا نعانيه داخل أوطاننا العربية. كيف لأرض تكرمت بكونها مهبط الأديان السماوية، التي تدعو للمساواة بين البشر تشهد هذا الكم من المشاعر البغيضة. قديماً كان أقصى مظاهر العنصرية بيننا هو التبارى بإطلاق أوصاف ومسميات على دولنا تدل على سيادتها للعالم، لكننا الآن وللأسف تخطينا تلك المرحلة ووصلنا لمستوى آخر لم نعهده من قبل، فقد أصبح أبناء ونساء وكرامة اخواننا مستباحة داخل أوطاننا العربية. ورغم تلك المآسى التى صرنا نشاهدها كل يوم على مستوى العالم أجمع لم ترق القلوب لحالنا، وأصبحت مشاعرنا متحجره وصارت القسوة سمة فينا، لكننى رغم ذلك مازلت أؤمن بأن العنصرية هي خلق ذميم يخص أفرادا لا شعوبا، فنحن من تغير وليس أوطاننا، ولنشفى من هذا البلاء علينا أن نواجه أنفسنا بحقيقة الوضع الذى أصبحنا عليه، علنا نتدارك الأخطاء التى نقع فيها. لكننى لا أملك من الأمر سوى أن أذكركم وأذكر نفسي بحقيقة الدنيا التي نعيشها، والتي لخصها أبا العتاهية في ستة أبيات، قال فيها: نأتى إلى الدنيا ونحن سواسية.. طفل الملوك هنا كطفل الحاشية!! ونغادر الدنيا ونحن كما ترى.. متشابهون على قبور حافية!! أعمالنا تُعلى وتخفض شأننا.. وحسابنا بالحق يوم الغاشية!! حور وأنهار وقصور عالية.. وجهنم تُصلى ونارٌ حامية!! فاختر لنفسك ما تحب وتبتغى.. مادام يومك والليالى باقية!! وغداً مصيرك لا تراجع بعده.. إما جنان الخلد وإما الهاوية!! لمزيد من مقالات نيفين عماره