ظاهرة الاتجار بالبشر التي تصاعدت حدتها في السنوات العشر الأخيرة, تعد شكلا جديدا من أشكال العبودية في العصر الحديث, وانتهاكا لمبادئ كرامة الانسان, وتصنفها الأممالمتحدة كثالث أكبر تجارة غير مشروعة في العالم بعد تهريب السلاح, والاتجار في المخدرات لما تحققه من أرباح طائلة تقدر بأكثر من43.5 مليار دولار, وذلك علي حساب اكثر فئات المجتمع عرضة للاستغلال وهي الاطفال والنساء. كما أن هذه التجارة تعد أحد أشكال الجريمة المنظمة عابرة الحدود التي اتسع نطاقها بشكل ملحوظ خلال الحقبة الاخيرة, حيث يتم من خلالها نقل ملايين من البشر عبر الحدود الدولية سنويا ليتم الاتجار بهم. وبالرغم من ان مصر لاتقع ضمن منطقة الاتجار بالبشر, فهي ليست دولة مصدرة ولا مستوردة الا انها نتيجة ظروفها الجغرافية وموقعها المتوسط أصبحت معبرا يتم استخدامه في هذه الجريمة. ونظرا لخطورة هذه التجارة وتأثيرها السلبي علي المجتمع المصري تبذل الحكومة المصرية جهودا كبيرة لتنفيذ التزاماتها الدولية في مجال مكافحة الاتجار بالبشر, وتشكل الجهود الوطنية في هذا المجال نقطة مضيئة تضاف لسجل انجازاتها في مجال الحماية والارتقاء بحقوق الانسان. من هنا تأتي أهمية الاجتماع الوطني الأول رفيع المستوي الذي رأسته السيدة الفاضلة سوزان مبارك أمس لبحث الجهود الوطنية لمكافحة الاتجار بالأفراد, ونظمته حركة سوزان مبارك الدولية من أجل السلام ووزارة الدولة للأسرة والسكان واللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الاتجار في البشر والمنظمة الدولية للهجرة, وذلك بهدف التعاون والتواصل, ودعم الجهود التي تبذل من قبل العديد من الجهات حول هذه القضية المهمة. والحق أن السيدة سوزان مبارك أول من نبه الي خطورة وتداعيات جريمة الاتجار بالبشر من خلال توجهها لمجتمع الأعمال والرأي العام دوليا ومحليا واقليميا باسم الحركة في المائدة المستديرة بأثينا عام2006 بنداء أوقفوا الاتجار بالبشر الان وهي تؤكد دائما ان حقوق الانسان كل لا يتجزأ. كما دعت السيدة سوزان مبارك خلال منتدي فيينا عام2008 العالم الي تحطيم جدران الصمت, وتعزيز الوعي بخطورة هذه الجرائم والممارسات والتصدي لأسبابها وجذورها ودوافعها وضحاياها والمستفيدين من معاناتهم. وجهود السيدة سوزان مبارك في محاربة الاتجار بالبشر لم تكن وليدة هذه المناسبات فقط, وإنما سبقت ذلك بسنوات طويلة, حيث صدر قرار من اللجنة الفنية الاستشارية للمجلس القومي للطفولة والأمومة في فبراير عام2000 بتبني قضايا الفئات المهمشة من الأطفال وبدأت علي الصعيد الوطني, ونجحنا في تحقيق تقدم كبير بفضل قيادتها ورؤيتها المستنيرة. وتمثل هذا النجاح في تأهيل وإعادة دمج أطفال الشوارع في المجتمع, ووضع الاطار القانوني لحماية هذه الفئة من ممارسات كانت مقبولة في المجتمع, وإطلاق خدمة نجدة الطفل باعتبارها آلية لتلقي شكاوي الضحايا, وتقديم الدعم المادي لعدد كبير من الجمعيات الأهلية, وإنشاء وحدة منع الاتجار في الاطفال, ورفع الحد الأدني لزواج الفتاة الي ثمانية عشر عاما, واخيرا انشاء اللجنة التنسيقية لمكافحة الاتجار بالبشر.