على الرغم من العطاء الأدبى الممتد الذى خلفه ميخائيل نعيمة منذ قرن مضى، واعتبر على إثره أحد أهم المجددين فى الفكر والثقافة العربية، إلا أن مدرسة النقد التى أسس لها، تستحق تسليط الضوء عليها فى ذكراه التى تحل هذه الأيام. «مهنة الناقد هى غربلة الآثار الأدبية، لا غربلة أصحابها».. هكذا افتتح نعيمة كتابه «الغربال» عن النقد الأدبى والذى صدرت الطبعة الأولى منه عام 1923. وكان الكتاب من الأهمية التى دعت العقاد لكتابة مقدمة له. وإلى جانب «الغربال»، كان من بين إسهامات نعيمة فى النقد الأدبى أيضا : «كان ما كان» و«المراحل» و «زاد المعاد» و«البيادر» و«كرم على درب» و«فى الغربال الجديد». واستمر هذا العطاء حتى قبل سنوات قليلة من رحيل نعيمة فى فبراير 1988. ويقول الباحث د. جوزف لبُّس إن نعيمة ولد فى بيت فقير : غرفة مربّعة لا يتجاوز طولها وعرضها السبعة أمتار. لكن الحياة الروحانية التى عاشها والجمال الذى رسخته فيه الطبيعة أسسا عنده ركن النقد الأدبى الموزون. ويضيف: كان منهج نعيمة فى النقد هو المنهج التأثرى الذاتيّ الذى يعوّل على الذوق الأدبيّ والانطباع الشخصيّ، ويسعى إلى إيجاد أدبٍ جديد. واستشهد بقول نعيمة: النقد ليس علماً، بل تفتّقٌ فنيّ وشعوريّ، خلقٌ وابتكار. وإذا كان النقد عند ميخائيل نعيمة هو محض تجربة شخصية، فلنا أن نتخيل كيف كان إبداعه هو الشخصى متحررا من المخاوف التقليدية التى قد يعانيها الكتاب والمبدعون أثناء الكتابة وحتى من قبل النشر. إضافة إلى ارتباطه القوى بالطبيعة.