«إننا لا نحيا لنكون سعداء»؛ مقولة لعميد الأدب العربى د. طه حسين قالها عام 1934 لزوجته السيدة «سوزان بريسو» أو كما سميت «سوزان طه حسين» بعد زواجهما؛ تلك العبارة التى افتتحت بها كتابها عن ذكريات سنوات الحب والزواج التى عاشتها معه منذ أن تعرفت عليه عام 1915 ثم تزوجا حتى توفى رفيق دربها عميد الأدب العربى د. طه حسين عام 1973!!. ........................................... بدأت كتابة هذا الكتاب «معك» فى 9 يوليو عام 1975 أى بعد 58 عاماً على يوم توحدت فيه حياتهما على حد وصفها و بعد حوالى عامين من رحيله عنها وتلبية لإلحاح المقربين لها ان تكتب عن عميد الأدب العربى الزوج والحبيب الذى جمعتها به قصة حب اسطورية فهو الشاب المصرى الأصل والمسلم الديانة والكفيف الذى لايرى بعينيه ولكنه يرى بالبصيرة وهى الفتاة الجميلة الفرنسية الأصل و المسيحية الديانة واصبحت هى عيناه اللتين يقرأ بهما ويرى العالم من خلالها وهى المترجم لكتب ومقالات كتبت بالفرنسية والايطالية.. وكما ذكرت أرادت أن يكون هذا الكتاب تخليداً لذكراه مستعيدة على حد قولها « ذلك الحنان الهائل الذى لا يعوض « وخلال عامين قضتها فى كتابة تلك المذكرات بالفرنسية وقد قاربت الثمانين من عمرها وطلبت من إبنها « مؤنس « أن الكتاب يجب أن يظهر للنور باللغة العربية ليستطيع قراء عميد الأدب العربى أن يطلعوا عليه وهو ما قام به المترجم السورى «بدرالدين عرودكى» الذى لم يكتفِ بالترجمة التى نُشِرَتْ عام 1979م بل أضاف إليها ترجمة للهوامش والتذييلات الهامة التى قاما بها محرران للنسخة الفرنسية عام 2011م وكذلك مُقدَّمَة بقلم أمينة طه حسين ومراجعة لمحمود أمين العالم بالإضافة إلى ملحق للصور. وقد بدأت الكتاب محاورة فيها الحاضر الغائب وكأنه أمامها قائلة: «انت الذى قلت لى ذات يوم لسنا معتادين على أن يتألم الواحد منا بمعزل عن الآخر» ثم بدأت سرد كيف كانا يقضيان أوقاتهما فى قلب «الدولوميت» الفرنسية خلال ثمانية أعوام وانه قبل وفاته تريد العودة ولكنه لم يستطع المشى ولم ترد تركه وحده وكان سكرتيره يقرأ له القرآن والتوراة ذلك الكتابان كانا دوماً ضمن حقائب السفر بالاضافة لكتب اخرى قديمة وحديثة. ثم انتقلت الى سرد الأيام واللحظات الأخيرة من حياة د. طه حسين ومشاعرها الحزينة حينذاك لمرض زوجها وقلة حيلتها فى تخفيف آلامه وبعدها أخذتنا فى رحلة حياتهما سوياً بالأيام والتواريخ وكان أشهر تاريخ هو 12 مايو عام 1915 اول التقيت به فى مونبلييه فقد اصبح لهذا اليوم وضع خاص بعد زواجهما الذى وصفته بالنضال حتى تحقق بفضل عمها!!. استدعت سوزان طه حسين ذكريات حياتها مع من كان خلاصة «الشيخ والدكتو» وقد اتخذت شكل رحلة بحث عن آثار الحبيب الذى رحل الآن كى تتجنب غيابه.. فهذه الرحلة بدأتها من آخر أماكن سياحتهما فى إيطاليا حتى عودتهما إلى « رامتان» البيت الذى رسمت مخطاطاته وصممت عمارته الداخلية وزخرفت حديقته الواسعة كتعاقب فصول السنة؛ و «رامتان» الذى كان مأواهما خلال الخمس والعشرين الأخيرة ويعنى كما أشارت له بالمأويين أو الخيمتين أو الملجأيين!!. وخلال كتابها هذا الذى لم يكن مجرد حكاية حب بل كان توثيقاً لمشوار طه حسين التعليمى والثقافى والعملى والانسانى أيضاً وما مر به من ضعف وقوة وحزن وفرح.. وفى تذييل الكتاب كانت تأملات المترجم الذى أكد أن الكتاب يعد شهادة مثيرة حول الحياة الفكرية و الفنية والسياسية لمصر من العشرينيات إلى الستينيات فى قلب مجتمع عالمى كانت فيه اللغة الفرنسية لغة النخبة المفضلة وكذلك شهادة نادرة حول الصحبة الفكرية والعلاقة الغرامية بين إمرأة بصيرة ومثقف أعمى لا نعرف لها مثيلاً على حد قولهما!!.