«ولسه بيجرى ويعافر.. ولسه عيونه بتسافر.. برغم الألم واقف.. مستنى وعد الله». بتلك الكلمات التى شارك بها محبوه، وبتلك الروح المؤمنة، كان يعيش البطل ساطع النعمانى صابرا محتسبا فى أثناء فترة علاجه الطويلة التى كتبت سطور نهايتها أمس بتسليم روحه الطاهرة إلى بارئها فى أحد مستشفيات لندن، بعد إجرائه عملية جراحية خطيرة، لتنتهى رحلة بطل اختار الوقوف فى وجه رصاصات إرهاب الإخوان، ليحمى شباب وأهالى «بين السرايات»، ومات بطلا يجاهد الآلام لينتصر عليها مرات قبل أن يسلم النفس الأخير. الأم سر البطل ولمن لايعرف العقيد ساطع النعمانى، فهو واحد من أبطال الشرطة الذين لايهابون الموت، وبرهن على ذلك يوم موقعة «بين السرايات»، وهو الاسم الذى أطلقه أهالى المنطقة عليه، وكان وقتها العقيد النعمانى يشغل منصب نائب مأمور قسم بولاق الدكرور، وفيه قال النعمانى: «وقت تلقى إخطار مهاجمة عناصر من جماعة الإخوان الإرهابية لاهالى منطقة بين السرايات فى ثورة 30 يونيو، سارعت على الفور لنجدة الأهالى، ولم ادر ونحن نتلقى رصاصات عناصر الإرهاب، إلا بكلمات أمى التى نشأت عليها منذ صغرى، فهى التى زرعت بداخلى حب الوطن، والموت فى سبيل الدفاع عنه وعن أبنائه». وهنا كان يمكن للعقيد ساطع النعمانى أن يختار الإشراف على القوات فى أثناء التصدى لهجوم الإخوان على الأهالى، ولكنه اختار أن يقف كتفا بكتف مع أبنائه، شأنه شأن أبطال الشرطة الكثر، ليدفع بسلاحه إرهاب الإخوان فى اعتصام النهضة على أهالى «بين السرايات» ليسقط فى النهاية مصابا إصابات خطيرة، افقدته البصر وشوهت وجه البطل، وذهب فى رحلة علاج فى سويسرا استمرت 15 شهرا قبل عودته لأرض الوطن لفترة نقاهة بسيطة يعاود بعدها استكمال علاجه. تكريم الرئيس ومنذ عودة النعمانى من رحلة علاجه الأولى وهو يعامل بالمزيد من التقدير والامتنان، وكان أعلى مراتب الشكر والتقدير ما ناله من الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى الاحتفال بتخريج دفعة جديدة من خريجى كلية الشرطة فى يوليو 2015، حيث ألقى النعمانى كلمة مؤثرة فى حب مصر، فما كان من الرئيس إلا الذهاب إليه وتقبيله امتنانا لبطل ضحى بالغالى من أجل حماية أبناء الوطن. الرحلة الأخيرة واستمرت أيام البطل ساطع النعمانى تمر ما بين تلقيه المزيد من العلاج والعودة لأرض مصر، ولكن كانت أسعد لحظاته وهو يعيش مع كل انتصار جديد للعزيمة المصرية وهى تواجه خفافيش الظلام، وكانت فرحته مثل فرحة الأطفال وهو يتلقى الدعوات بالمشاركة فى افتتاح المشروعات الجديدة مثل افتتاح قناة السويس الجديدة وغيرها، كما كان فى أوج سعادته يوم إطلاق اسمه على مدرسة إعدادية بالمنطقة التى شهدت بطولاته. ولكن كان القدر له أحكامه التى لا يستطيع المرء سوى التسليم بها، حيث سافر النعمانى قبل أسبوعين فى رحلة جديدة لاستكمال علاجه بلندن بصحبة شقيقه، ليجرى عملية جراحية فى أحد المستشفيات، ورغم انتهاء العملية بنجاح، فإنه تعرض لانتكاسات فى أثناء وجوده بغرفة الإفاقة، ولم يستجب جسد البطل لمحاولات إنقاذه لتصعد روحه إلى بارئها.
«الوطنية للصحافة» تنعى الشهيد نعت الهيئة الوطنية للصحافة، شهيد الوطن العقيد ساطع النعمانى، ضحية الإرهاب فى أحداث ميدان النهضة، وقدمت تعازيها للشرطة المصرية وأسرة الشهيد.. وأكدت الهيئة أن سقوط الشهداء فى ميدان العزة والكرامة دفاعا عن ترابهم الوطنى، يتوجهم بأعلى درجات الشهادة، ويؤكد عزم المصريين على الاستمرار فى حربهم المقدسة ضد الإرهاب، حتى يتطهر كامل التراب الوطنى من دنسهم، ويزيد عزيمة رجالنا الأبطال فى الجيش والشرطة على خوض المعركة إلى نهايتها، وشددت على أن أرض مصر ستكون مقبرة لكل إرهابى يحمل السلاح، ولن يكتب لهم إلا الفناء. القنصلية تتولى إجراءات إعادة الجثمان أكد السفير خالد رزق مساعد وزير الخارجية للشئون القنصلية، فى تصريح خاص ل «الأهرام» ردا على سؤال حول دور القنصلية المصرية فى لندن فى إعادة جثمان العقيد ساطع النعمانى إلى أرض الوطن، أن القنصلية تتولى فى هذه الحالة وبشكل طبيعى، تسهيل الإجراءات اللازمة، حيث يتم التواصل مع أسرة المتوفى لمعرفة طلباتهم، وتذليل أية عقبات خاصة باستخراج الأوراق والمستندات الرسمية وشهادة الوفاة وأيضا التواصل مع السلطات البريطانية والجهات المعنية لإعادة الجثمان والمتابعة حتى العودة إلى أرض الوطن. إطلاق اسم الشهيد ساطع النعمانى على ميدان النهضة قرر الرئيس عبد الفتاح السيسى إطلاق اسم الشهيد العقيد ساطع النعمانى على ميدان النهضة.