جزين إحدى مدن الجنوب اللبناني، تقع على بعد 40 كم من صيدا، و80 كم إلى الجنوب من بيروت، وتحيط بها قمم الجبال وغابات الصنوبر، ويبلغ متوسط ارتفاعها 950 مترا فوق سطح البحر. وجزين مصيف سياحي، منذ القدم، وكانت مصيفا لفراعنة مصر منذ عهد كليوباترا، وتعد أقدم المصايف على الإطلاق، وأهم فنادقها القديمة أوتيل مصر، أوتيل الأهرام، وذلك لتمتعها بأكبر حقل من أشجار الصنوبر فى الشرق الأوسط، بالإضافة لبساتين العنب، والشلالات الهادرة من قمم جبالها، وعدد سكانها 25 ألف نسمة، وتستقبل أكثر من 100 ألف سائح خلال الصيف فقط. ويشتق اسم جزين من الجذر الفينيقى «غازو» وهو يعنى كما فى معظم اللغات السامية الكنز أو الخزنة ما يشير الى غنى هذه البلدة بالمعادن أو الى وجود معبد قديم كان يتضمن فى بنيانه قاعة مخصصة لحفظ النذور التى كانت تقدم للآلهة عرفانا بجميلهم عن شفاء قد تم، أو وعد قد تحقق، فتكدست مع مرور الزمن لتصبح كنزا كبيرا أسبغ اسمه على البلدة التى يرجع تاريخها إلى القرن الخامس عشر ق.م. وجزين فى اللغة السريانية وحسب الدكتور أنيس فريحة تعنى الخزائن والمخازن، وورد ذكر اسم جزين فى مراجع قديمة عدة منها : رحلات الإدريسى ولوكاس، وكانت امتدادا طبيعيا ومخزنا لمدينة صيدون القديمة - صيدا حاليا - ومخبأ لكنوزها ومصدرا لأخشاب الأثاث والقصور والمعابد والسفن. لعبت جزين قديما دورا تجاريا مهما لأنها شكلت الممر الطبيعى لقوافل التجار من صيدا باتجاه الشام مرورا بالبقاع ،وكانت همزة الوصل بين الشوف وسوق الخان فى وادى التيم، حيث اكتشف فيها بعض التماثيل والمخابيء، وما تركه فيها الفينيقيون من الأسلحة والأدوات البدائية، كما يعزز هذا الاعتقاد أن أسماء بعض الأماكن والمواقع فيها ذات أصول كنعانية وآرامية، وفى العهدين اليونانى والرومانى كانت جزين مأهولة بالسكان، وشكلت حالة حضارية متقدمة. تقع جزين فى أول محافظة لبنان الجنوبى لجهة محافظة جبل لبنان، وتربط الشوف وإقليم الخروب بمحافظات الجنوب والنبطية والبقاع الغربي، حيث تصل بين الجنوب الساحلى والبقاع الغربي، وهمزة وصل بين المحافظات الأربع. وتمتاز مدينة جزين بتربتها الخصبة الغنية بالمعادن والثروة الطبيعية مثل الحديد والفحم الحجري. وفى كتابه «تصريح الأبصار» يؤكد الأب هنرى لامنس أن أهم مستودعات الفحم الخشبى المتحجر يقع جنوبى غربى بلدة حيطورة بالقرب من جزين. وترتفع فى جزين القصور البديعة بقرميدها وطرازها المعمارى المحلي، وتشتهر جزين بصناعة السكاكين المطعمة بالعظام والصدف والمعادن، وتمتاز بالمشروبات الروحية على اختلاف أنواعها، والثمار المجففة. وتشتهر جزين بزراعة التفاح، والعنب بأنواع عدة والذى يستخدم فى صنع المشروبات الروحية، إضافة إلى الكمثرى والتين والسفرجل والكستناء. وتعرف جزين بعروس الشلال حيث تحتوى على خزان مائى كبير، وكثير من الشلالات ، مما يجعل منها منطقة خضراء، وبها آبار جوفية تجمع فى خزانات تروى القرى حتى صيدا، وبها نبع جزين الذى يؤمن مياه الشرب للأهالي، ثم تجرى مياهه فى نهر يخترق وسط البلدة فيروى 80% من الأراضى الواقعة تحته، وتقوم على ضفتيه المقاهى الشهيرة ثم يتساقط من ارتفاع 84 مترا مكونا الشلال المعروف محليا باسم الشالوف، وهو رمز مميز للمدينة ويعطيها شهرتها «كعروس للشلال». الشالوف يعتبر خامس أعلى شلال فى العالم والأعلى فى لبنان والمنطقة، ارتفاعه 904 أمتار عن سطح البحر. ومن آثار جزين، مغارة فخر الدين المعنى الثانى الكبير التى تقع فى وسط شاهق صخرى محاطة بالأشجار، وارتبط اسم المغارة بالأمير لأنه لجأ إليها هاربا من القوات العثمانية بتهمة انفتاحه على الغرب فتعقبه جواسيس العثمانيين، وأحرقوا تحت باب المغارة كميات كبيرة من الشجر فقضى خنقا فى فبراير1633. وتضم جزين الكثير من المزارات والكنائس الأثرية، ومنها دير مار أنطونيوس البادوانى الذى شيد سنة 1775، كنيسة مار مارون شيدت سنة 1732، كنيسة سيدة النبع للروم الكاثوليك شيدت سنة 1796، كنيسة مار يوسف التى انتهى تشييدها سنة 1865، دير راهبات القلبين الأقدسين سنة 1894، دير راهبات عبرين الذى اهتم بانشائه البطريرك الراحل بولس المعوشي.