إدراكا منه لأهمية تثبيت أركان الدولة والحفاظ على مؤسساتها والعبور بها إلى مستقبل مشرق، وضع الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ توليه قيادة البلاد فى الثامن من يونيو 2014، تحقيق هذا الهدف الاستراتيجى فى مقدمة الأولويات التى ينبغى أن تتمحور حولها مختلف الأهداف الاخرى، وذلك انطلاقا من أن الدولة الوطنية القوية المتماسكة هى الضمان القوى للنأى بنفسها عن الأنواء التى تعصف بمثيلاتها فى منطقة الشرق الأوسط، وعرضت العديد منها لتهديدات سياسية وأمنية واقتصادية واحتقان مذهبى وعرقي. وتناول كتاب أصدرته الهيئة العامة للاستعلامات حديثا حمل عنوان «تثبيت أركان الدولة.. تحليل رؤية الرئيس السيسي» رصدا كميا للمقومات الرئيسية لتثبيت أركان الدولة، وذلك من خلال التصريحات والخطب والكلمات والحوارات التى صدرت من الرئيس السيسى خلال الفترة من 2014 الى 2018. وحظيت قضية الحفاظ على الدولة الوطنية وتثبيت أركانها باهتمام كبير فى فكر ورؤية الرئيس السيسى وخطابه السياسى فى تلك الفترة، وذلك انطلاقا مما شهدته مصر منذ 2011 من مظاهر عدم استقرار على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، كادت تهدد كيان الدولة المصرية ووجودها. ولذلك فقد تمثل الهدف الأساسى للرئيس خلال السنوات الأربع الماضية فى العمل على الحفاظ على الدولة الوطنية وتثبيت أركانها ومؤسساتها المختلفة بجميع مقوماتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وهى المقومات التى عكستها مفردات الخطاب السياسى للرئيس السيسى من خلال تصريحات وخطب وكلمات وحوارات، حيث تم رصد وتوثيق (2051) فكرة ترتبط بهذه المقومات خلال الفترة من 8 يونيو 2014 إلى 7 يونيو 2018، كما تكرر مفهوم الدولة أو (دولة) نحو (1074) مرة فى خطابه السياسى خلال الفترة نفسه. وبصفة عامة، يمكن القول إنه على الرغم مما أبداه الرئيس السيسى من أهمية قصوى لمرتكزات ومقومات أداء الدولة المصرية لوظائفها المختلفة فى خطابه السياسى خلال هذه الفترة، فإنه من الملاحظ أن المقومات الاقتصادية للحفاظ على الدولة المصرية، والتى تنصرف إلى مختلف الوظائف الاقتصادية للدولة، حظيت بالدرجة الأكبر من اهتمام الرئيس، حيث استحوذت على نسبة تكاد تقترب من ثلث (32.47%) حجم العينة الإجمالى للدراسة، فى حين جاءت المقومات السياسية للحفاظ على الدولة المصرية، والتى تنصرف إلى الوظائف السياسية للدولة، فى المرتبة الثانية بنسبة 28.33% من حجم العينة محل التحليل فى الدراسة، تلتها المقومات الأمنية، والتى تنصرف إلى أداء الدولة لوظائفها الأمنية، فى المرتبة الثالثة بنسبة 21.60%، فيما جاءت المقومات الاجتماعية فى المرتبة الرابعة بنسبة 17.60% من حجم العينة الإجمالى للدراسة. ومن خلال التحليل الكيفى والموضوعى لمضامين تصريحات وخطب وكلمات وحوارات الرئيس السيسى خلال الفترة الرئاسية الأولي، وما تضمنته من مقومات ترتبط بالأدوار والوظائف المختلفة للدولة الوطنية، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً، يمكن توضيح اهم الحقائق الرئيسية التالية: وجود إرادة سياسية حقيقية لمواجهة الفساد فى مصر، وارتباط هدف الحفاظ على الدولة المصرية من الناحية الاقتصادية، وحرص الرئيس على توظيف زياراته الخارجية ولقاءاته مع الفعاليات الاقتصادية، ناهيك عن مشاركاته فى جميع الفعاليات الاقتصادية الدولية لخدمة «دبلوماسية التنمية» فى مصر، وقامت الدولة المصرية بإطلاق العديد من المشروعات القومية الكبري، وفى مقدمتها مشروع قناة السويس الجديدة التى تم افتتاحها فى 6 أغسطس 2015، وكذلك مشروعات تنمية منطقة المثلث الذهبى الزاخر بالاحتياطيات المعدنية، وتنمية الساحل الشمالى الغربى وظهيره الصحراوي، ومشروع شرق العوينات، ومشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان، وتحقيق نهضة ضخمة فى مجال تطوير شبكة الطرق القومية، حيث بلغ ما تم إنشاؤه وتطويره من طرق نحو 7000 كيلومتر بتكلفة إجمالية تخطت ال85 مليار جنيه، علاوة على إضافة قدرات كهربائية بلغت 25 ألف ميجاوات من الطاقة التقليدية والمتجددة حتى يونيو 2018، تكافئ نحو 12 ضعف قدرة السد العالي.