علي الرغم من المكاسب السياسية والاجتماعية والمعنوية الهائلة التي تحققت من ثورات الربيع العربي في كل من مصر وليبيا واليمن وتونس وسوريا في القريب العاجل الا ان هذه الدول دفعت فاتورة باهظة الثمن حتي الآن. وصلت الي مائة مليار دولار فضلا عن عدد لا يستهان به من الضحايا سواء الذين استشهدوا أو أصيبوا. وما نحتاجه الآن رؤية واضحة لتنشيط الاقتصاد العربي بعد ربيع الثورات العربية الراهنة وخسائرها في مختلف القطاعات مع النظر الي أهم تطورات الاقتصاد العربي والاقتصاد الدولي والاستفادة من البيانات الواردة في أحدث التقارير الاقتصادية العربية والدولية الصادرة عن جامعة الدول العربية وصندوق النقد العربي ومنظمة الأممالمتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية وغيرها من المؤسسات الدولية. والتي أشارت الي تأثر الوضع المالي والسياسات المالية للدول العربية بدءا من عام2011 وحتي الان حيث تراجعت الإيرادات العامة, خاصة الإيرادات النفطية في الدول العربية المصدرة للنفط. كما تسببت الأزمة في تباطؤ اقتصادي علي الصعيد العالمي شمل معظم الدول العربية, كما ارتفعت أسعار الأغذية وتعرضت عوامل العرض والطلب الي مخاطر في مجال الأمن الغذائي للبلدان العربية. ويحذر الخبراء من تحديات اقتصادية مهمة في الوطن العربي تستدعي الوقوف عندها ومعالجتها بجدية وسرعة, ومنها ارتفاع معدل البطالة الذي تجاوز18% وهو ما يعني وجود ما يزيد علي17 مليون عاطل عن العمل, ما يحتم ضخ70 مليار دولار لاستثمارها في مشاريع توفر فرص عمل جديدة, في حين تستضيف الدول العربية أكثر من15 مليون عامل أجنبي, وفي الوقت نفسه هناك هجرة مستمرة للكفاءات العربية إلي الخارج بسبب نقص فرص العمل, فنحو20% من خريجي الجامعات العربية يهاجرون إلي الخارج سنويا. وحدد الخبراء عددا من المحاور الهامة يأتي في مقدمتها حصر وتحليل المشكلات التي تعاني منها دول الربيع العربي ومنها مشكلة نقص السيولة ونقص الايرادات العامة وانخفاض الايرادات السيادية وتزايد عجز الموازنة العامة للدولة وتراجع حجم الصادرات وانخفاض تدفق الاستثمار الاجنبي والتحويلات الرسمية من الدول والمؤسسات المالية وارتفاع معدل البطالة. والمحور الثاني يتعلق بالحلول العاجلة للتغلب علي المشكلات ويشمل حلولا للقضاء علي مشكلة نقص السيولة واجراءات لتغطية جزء من العجز في الموازنة العامة للدولة. مع توفير امكانيات مالية لتشغيل المشاريع والمصانع المعطلة. والمحور الثالث يشمل تقديم قروض متوسطة وطويلة الأجل من الصناديق العربية ومؤسسات التمويل العربية لتمويل الاستثمارات في دول الربيع العربي لتنفيذ مشروعات داخل دول الربيع العربي تمول بإستثمارات عربية لتشغيل القوي العاملة بهذه الدول وتنشيط التجارة البينية للدول العربية وإعطاء الأولوية للاستيراد من دول الربيع العربي. المحور الرابع يبحث الإجراءات المطلوب القيام بها من جانب دول الربيع العربي ويشمل العمل علي زيادة الايرادات العامة بها من المصادر المحلية وترشيد النفقات العامة مع قصر استيراد السلع من الخارج علي السلع الضرورية ومعالجة العيوب في الأيدي العاملة التي تذهب للعمل في الأقطار العربية المستوردة للعمالة ومجاراة العمالة غير العربية. وأوصي الخبراء بضرورة بناء الهياكل الإدارية والوظيفية المناسبة للمرحلة الحالية. والتأكيد علي أهمية معالجة أوضاع الموازنات العامة في دول الربيع العربي من خلال تعظيم الإيرادات العامة وترشيد النفقات العامة. وتفعيل دور صناديق التمويل العربية في تحقيق التنمية الاقتصادية سواء في دول ثورات الربيع العربي أو الدول العربية عموما. ومنح مزايا تفضيلية لدول ثورات الربيع العربي من جانب باقي الدول العربية من أجل زيادة حجم صادرات السلع والخدمات من جانب الأولي, وزيادة تدفع الإستثمارات إليها. والعمل علي زيادة حجم السياحة البينية العربية. وحدد الخبراء عددا من محاور العمل لتحقيق نهضة اقتصادية في دول الربيع العربي يأتي في مقدمتها توفير الخدمات الأساسية وتحقيق العدالة بين أفراد المجتمع الواحد. التنمية بين مناطق وأقاليم القطر وشمول القطاعات الصناعية والزراعية والخدمات ذات العلاقة. مع الاهتمام بإقامة صناعات صغيرة ومتوسطة مغذية للصناعات الكبيرة في الدول العربية. وتكثيف الجهود العربية والعمل الجماعي وفقا لخطط واستراتيجية يعتمد علي تضافر الجهود والأطراف الفعالة في القطاع الخاص العربي والبنوك والصناديق والمؤسسات المالية العربية. والعمل علي زيادة المنافذ البحرية والجوية بين الدول العربية واستكمال ربط الدول العربية ببعضها البعض عن طريق شبكة نقل متكاملة مع إعطاء دفعة قوية للمشروعات العربية المشتركة التي تقوم علي استغلال المزايا النسبية للدول العربية. واستكمال عملية تحرير التبادل التجاري البيني العربي. وإنشاء قاعدة بيانات متكاملة للوطن العربي, ومؤسسة عربية مختصة بالتحليل المالي. مع حث دول ثورات الربيع العربي علي إقامة تكامل اقتصادي فيما بينهما. واستخدام التحليل المالي كأساس في المشروعات الجديدة. وطالب الخبراء بتوجيه وسائل الإعلام العربي في إظهار الوجه الحقيقي للمنطقة العربية وعدم التركيز علي نشر قصص الفساد وحدها, والعمل علي تنمية الفكر الشعبي نحو التكامل الاقتصادي.