على الرغم من أن الموضوع جديد فى طرحه تليفزيونيا، إلا أن طريقة معالجته كانت مستفزة جداً من خلال مناقشة اتسمت بالحدة والعصبية بين طبيب نفسى مشهور واثنين من ثلاث مذيعات لبرنامج اجتماعى وأسرى يعرض يوميا على إحدى القنوات الفضائية؛ فقد دعت المذيعتان سيدة من المتصلات تليفونيا أن "تنتقم" من زوجها الذى تزوج عليها بدون علمها!. هذا البرنامج الاجتماعى المعروف يبث يوميا مباشرة على الهواء ويستضيف أسبوعيا طبيبا نفسيا مشهورا يناقش المشكلات الأسرية مع السيدات المتصلات بالبرنامج ويحضر معه ضيوف سيدات كحالات عانين من نفس المشكلة "موضوع الحلقة". تابعت الحلقة هذا الأسبوع واستفزنى الهجوم الحاد من المذيعتين المشهورتين على زوج إحدى المتصلات، التى تحدثت ببكاء شديد، وطلبا منها أن تغضب ولا تستلم لحالها وتنتقم منه وبدأوا في عرض اقتراح أسلوب للانتقام، وانضمت إليهما بالطبع الضيفتان، وحاول الطبيب النفسى فرملتهم جميعا، قائلا: "إحنا على الهوا وانتم كده بتدعوا لعنف أسرى"!. "إن كيدهن عظيم".. وصف قرآني لما يكمن داخل المرأة بشكل عام، فالحقيقة أن نسبة الزوجات المغلوبات على أمرهن من أزواجهم ليست قليلة وخاصة عندما يكن مستواهن التعليمى والمادى ضئيلا، وطبقاً لدراسة ميدانية أجراها المجلس القومي للمرأة، فإن نحو 1.5 مليون امرأة مصرية تتعرضن للعنف الأسرى سنويًا، وأن 70% من حالات الاعتداء على الزوجات تكون من أزواجهن، وأيضاً قد تتعرض المرأة للإيذاء النفسى من قبل الرجل سواء كان زوجها أو خطيبها أو أخاها، ولكن لا يجب أن يستهان بالمرأة، فقد تكظم غيظها مرات عديدة ثم تندفع مرة واحدة بما يسميه البعض غضب أو انتقام من الطرف الآخر، وإذا قورن بين انتقام الرجل وانتقام المرأة، نجد أن الرجل يظهر غضبه وجهاً لوجه، وبالتالي انتقامه أسرع وآنى فى اللحظة نفسها. ولكن المرأة، لأنها مسالمة بطبعها وقوة تحملها أكبر، فإنها تخطط لانتقامها بعد طول انتظار، وبالتالي يكون مدمراً!. وتساءلت هل الإعلاميين بشكل عام، سواءً كانوا على الراديو أو التليفزيون، لا يعلمون أنه ليس بالقليل من يتابعهم ويتلقى منهم الأفكار والآراء مثل "الاسفنجة"؟!.. وأن البعض من المشاهدين ينفذ ما يوصون به كأنها روشتة طبيب؟!، ولماذا ينفعل المذيع أو المذيعة وكأنها مشكلته الشخصية؟، وأن دعوتهم للانتقام هذه معناها نشر فكرة العنف الأُسَرى، الذى تزيد معدلاته يوما بعد يوم، كما أن هؤلاء المذيعات المحبات للانتقام كيف يكون رأي أبنائهن وأزواجهن عندما يشاهدونهن!. ارحموا مجتمعنا الذى يتفكك يوم يتلو الآخر وروجوا -أيها الإعلاميون- للحب والتسامح وأساليب لزيادة الترابط الأُسري، واعلموا أن من يشاهد برامجكم قد يكون شابا أو فتاة مقبلين على الزواج، أو أطفالا يعانون من عنف آبائهم ضد أمهاتهم، أو سيدة في انتظار شرارة البدء لانتقامها!. [email protected] لمزيد من مقالات د.دعاء قرنى