انتشر على مواقع التواصل الاجتماعى هذا الأسبوع فيديو مصور لطبيب أمريكي شاب يشرف على علاج مرضى داخل أحد المستشفيات بعضهم كبار السن وآخرين شباب وأطفال وجميعهم يعانون من صعوبة في الحركة لخضوعهم لعمليات جراحية خطيرة، فقرر هذا الطبيب أن يعطيهم جرعات دوائهم على أنغام موسيقية راقصة ويطالبهم بتحريك ما يمكنهم من أطرافهم أو هز رءوسهم والعجيب أنهم جميعاً تجابوا ورقصوا!. واندهشت من مدى استجابة مرضى يرقدون فى العناية المركزة حاولوا تحريك إحدى أيديهم على أنغام الموسيقى.. وتساءلت هل حقا تستطيع الموسيقي أن تجعل قلب ومخ مريض أن يصدر أوامر لباقى أعضاء الجسم وتعمل على إعادة الحركة لهم بسرعة تفوق بكثير ما يفعله الدواء؟!، ولكن بعد البحث عرفت أن الرقص استخدمه الفراعنة قديماً كواحد من الطقوس العلاجية التى كانت تقام لعلاج الخصوبة وآلام الولادة وسكرات الموت أيضاً!. وبين عامى 1840 و1930 ظهرت فى الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا فلسفة جديدة تؤكد أن الحركة يمكن أن يكون لها تأثير على المتحرك؛ وعلى الرغم من أن الرقص في الماضى كان وسيلة للتعبير عن المشاعر والأحاسيس بأسلوب فنى، إلا أنه لم يستخدم كوسيلة علاجية إلا منذ منتصف القرن الماضى!. ففى عام 1942 قادت سيدة تدعى "ماريان جاس" حركة "العلاج بالرقص" كنوع من أنواع العلاج فى أمريكا؛ فقد كانت تعمل راقصة ومؤدية عروض وبعد فترة أنشأت مدرسة خاصة بها لتعليم الرقص وخلال تدريبها للمشتركين انتبهت لتأثير الحركة والرقص على الحالة النفسية وتحسن حالتهم المعنوية، ومن هنا ناشدت "جاس" المجتمع الطبى الأمريكى اعتماد الرقص كعلاج، وبدأ الأطباء بالفعل إرسال بعض الحالات المرضية نفسياً لحضور تدريباتها، ولاحظوا تقدماً كبيراً فى شفاء تلك الحالات وتوصلوا إلى وجود ارتباط وثيق بين الحركة وبين التفاعلات النفسية للإنسان، مثل الوعى الذاتي والتعبير عن المشاعر؛ وفى عام 1966 أصبحت "جاس" أول رئيسة للجمعية الأمريكية للعلاج بالرقص والحركة!. وتوالت الدراسات والأبحاث فى السبعينيات والثمانينيات التى أثبتت أن الرقص له تأثير فعال في علاج العديد من الأمراض النفسية والجسدية؛ بدءاً من الآلام المزمنة وصولاً إلى أشد أشكال المرض النفسي كالفصام؛ هذا بالإضافة إلى نصيحة كثير من المحللين النفسيين ومستشارى العلاقات الاجتماعية للأشخاص العاديين بالرقص بأى شكل وعلى أى نوع من الموسيقى عند مواجهة مشاكل الحياة اليومية!. ومنذ التسعينيات وحتى الآن انتشرت رقصة "الزومبا" التى ابتكرها راقص كولومبى اسمه "بيتو بيريز" وهى عبارة عن دمج مجموعة من الرقصات اللاتينية في رقصة واحدة مع بعض التمرينات الرياضية؛ حيث أكدت أحدث الإحصائيات أن حوالى 14.5 مليون شخص يُمارسون هذه الرياضة الراقصة، لأنها تخلصهم من الضغوط والطاقة السلبية التي تملأ نفوسهم، إلى جانب أنها تساعد فى حرق الدهون الزائدة في الجسم!. [email protected] لمزيد من مقالات د.دعاء قرنى