في ظل ردود الأفعال والفتاوي المتباينة حول مشروعية توجيه أموال الزكاة لإقامة مشروعات استثمارية وإنتاجية وخدمية وبناء المستشفيات والمدارس,وبروز فتاوي لا تبيح تغيير أوجه صرف أموال الزكاة التي حدد الله تعالي مصارفها حصرا في القرآن الكريم. أكد الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية, جواز إخراج الزكاة والهبات والصدقات والتطوع لإقامة مشاريع استثمارية وإنتاجية لتوفير فرص العمل للشباب ومعالجة الأزمات للمحتاجين والمضطرين, وتجهيز المستشفيات الخيرية بالمعدات والأدوية التي تسهم في علاج فقراء المرضي, ودعم الاقتصاد المصري الذي يمر حاليا بأزمة شديدة يتضرر منها جميع المواطنين بمختلف الطبقات. وشدد علي ضرورة الالتزام بالمصارف الشرعية للزكاة عبر آليات عصرية لتحقيق مقاصد الشريعة من فرضها كمورد هام لتمويل التنمية وتحقيق التكافل الاجتماعي. وأضاف مفتي الجمهورية قائلا: نوه الشرع إلي وجوه الإنفاق في الخير, وحض علي التكافل والتعاون علي البر, فشرع الزكاة كركن للدين, وحث علي التبرع, ورغب في الهدية, وندب إلي الصدقة, وجعل منها الصدقة الجارية المتمثلة في الوقف الذي يبقي أصله وتتجدد منفعته, وذلك لتستوعب النفقة وجوه البر وأنواع الخير في المجتمع, ولذلك روي عن المصطفي صلي الله عليه وآله وسلم أنه قال: إن في المال لحقا سوي الزكاة ثم قرأ قوله تعالي: ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتي المال علي حبه ذوي القربي واليتامي والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتي الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون, وأكد الدكتور علي جمعة ان مساهمة الجمهور في مثل هذه المصارف المختلفة من شأنه أن يس هم بفاعلية في تقوية الاقتصاد المصري, وقد رتب الإسلام لكل مصرف منها وجها من وجوه الخير والبر من أنواع الصدقات والتبرعات والأوقاف في منظومة تنهض بالمجتمع وتعزز أسباب التكافل والتعاون فيه, وقد خص الشرع الزكاة بمجموعة من المصارف المذكورة في قوله تعالي:إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم( سورة التوبة:60), ومجموع هذه المصارف الشرعية يرجع إلي بناء الإنسان وسد حاجته وفقره والعمل علي إخراجه من حالة الحاجة والمسكنة التي تعوق مساهمته في بناء المجتمع وتنميته إلي كونه عضوا فاعلا له أثره في الرقي والتعمير, وعلي ذلك فيجوز استثمار الزكاة في المشاريع الإنتاجية والاستثمارية التي تخدم مستحقي الزكاة من الفقراء والمحتاجين والغارمين وغيرهم. وذلك بثلاثة شروط:أولها:أن يتحقق من استثمار أموال الزكاة مصلحة حقيقية راجحة للمستحقين كتأمين مورد دائم يحقق الحياة الكريمة لهم. ثانيها:أن يخرج صاحب المال الزكاة التي وجبت عليه عن ملكية هذا المال, ويتم تمليك المشروع للفقراء كأن يعمل مثلا في صورة شركة مساهمة تملك أسهمها للفقراء, ولا تكون ملكيتها لصاحب المال الذي أخرج الزكاة, بل لابد أن تخرج أموال الزكاة من ملكيته لتبرأ ذمته ويتحقق إيتاء الزكاة وإخراجها, وإلا صارت وقفا لا زكاة. ثالثها:أن تتخذ جميع الإجراءات التي تضمن نجاح المشاريع بعد أن تملك للمستحقين ملكا تاما, ولا يصرف ريعها إلا لهم. ونص الفقهاء من الشافعية والحنابلة علي جواز استثمار أموال الزكاة من قبل المستحقين بعد قبضها, لأن الزكاة إذا وصلت أيديهم أصبحت مملوكة ملكا تاما لهم وبالتالي يجوز لهم التصرف فيها كتصرف الملاك في أملاكهم, فلهم إنشاء المشروعات الاستثمارية, وشراء أدوات الحرفة وغير ذلك.