الفرق جوهرى بين كتاب الصحفى الاستقصائى الأمريكى الكبير بوب وودورد الجديد (الخوف.. ترامب فى البيت الأبيض)، والكتاب الذى أصدره بالمشاركة مع زميله كارل برنشتاين عام 1974 رجال الرئيس, صدر كتاب رجال الرئيس فى ذروة النجاح الذى حققه وودورد وبرنشتاين فى توسيع نطاق التحقيق فى قضية ووترجيت، ليشمل الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون. ينسب إليه وزميله، الفضل فى كشف تورط نيكسون فى قضية التجسس على الحزب الديمقراطي، عن طريق وضع أجهزة تسجيل مموهة، فى مقر مكتبه فى مبنى ووترجيت، خلال حملة الانتخابات الرئاسية (نوفمبر 1972) التى فاز فيها بولاية ثانية. لكن هذا الدور الذى قام به وودورد كان عن طريق التحقيقات الاستقصائية التى نشرها، مع برنشتاين، فى صحيفة واشنطن بوست. كما أن هذه التحقيقات ما كان لها أن تُحدث الأثر الكبير الذى ترتب عليها دون المعلومات التى تلقاها الصحفيان من مصدر ظل مجهولاً حتى أعلن عن نفسه عام 2005، وتبين أنه مارك فلت نائب مدير إف. بي. أى فى السبعينيات. وعندما صدر كتاب رجال الرئيس، كان نيكسون قد انتهى سياسياً، واضطر إلى الاستقالة عندما قرر مجلس النواب بدء إجراءات النظر فى تورطه فى تلك القضية. أما كتاب الخوف، الذى علقتُ على بعض ما تضمنه فى اجتهادات الأمس، فلا يدخل فى باب الصحافة الاستقصائية العميقة التى يُعد وودورد أحد أبرز روادها. الكتاب أقرب إلى صحافة الهجاء. ورغم أنه صدر فى الوقت الذى تزداد قضية التدخل الروسى فى الانتخابات الرئاسية التى فاز بها الرئيس ترامب سخونة، إلا أنه لا يضيف شيئاً إلى المتداول عنها. كما أنه لا يختلف فى محتواه عن كتب عدة صدرت فى هجاء ترامب خلال العامين الأخيرين، وكان أبرزها كتاب نار وغضب .. داخل بيت ترامب الأبيض الذى ألفه الصحفى مايكل وولف وصدر فى نهاية العام الماضي. والقاسم المشترك بين هذين الكتابين، وكتب أخرى عن ترامب، أنها تقوم على روايات غير موثقة، لم يُبذل جهد استقصائى فى تدقيقها، وعلى مصادر يتسم معظمها بالتحيز فى اتجاه واحد. ولذلك ظلم وودورد نفسه، وتاريخه، عندما وضع هذا الكتاب الذى ينقله من صحافة الاستقصاء إلى الهجاء. لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد