فى وقت تؤكد الدولة على لسان الرئيس نفسه صعوبة الظروف الاقتصادية للبلاد، وتطالب المواطنين بالتقشف والصبر على الغلاء، نفاجأ بها ترسل مئات المحظوظين ضمن بعثات الحج النوعية: الداخلية، الأوقاف، السياحة، التضامن، الصحة، وجميع هؤلاء المحظوظين يسافرون على نفقة الدولة، ويتقاضون بدل سفر أو مكافأة بالعملة الصعبة ويؤدون مناسك الحج، دون أى عمل ذى قيمة يمارسونه، إذ حججت 10 مرات، 9 داخليًا من المملكة والأخيرة من مصر، وأشهد الله أنى لم استفد من بعثات الحج هذه ولا مرة، ولا علمت بمكانها خلال الحجات التسع التى سبقتها، باستثناء المرة التى سافرت فيها من مصر، إذ سألت عن مقر بعثة وزارة الداخلية كى استرد جواز سفرى وأعود للبلاد. إن هذه البعثات لا فائدة منها، ولا تخدم الحجاج المصريين إلا نادرًا، والدليل أن أماكن إسكان حجاج مصر تأتى دائمًا بعيدة عن مناطق المشاعر سواء أكانت الحرمين أو منى، برغم أن اختيارها يتم من قبل لجان تسافر لهذا الغرض، ولست أدرى لماذا تسافر هذه اللجان ولدينا بجدة قسم قنصلى يتبع السفارة المصرية، يرأسه قنصل عام وبه عشرات الدبلوماسيين والإداريين ويمكنه بالتأكيد تولى هذه المهمة دون تحمل الدولة تكلفة سفر أعضاء اللجان وإقامتهم فى فنادق خمس نجوم مع بدلات بالعملة الصعبة، وأداء العمرة مجانا، بل أثق أن موظفى القنصلية المصرية سيختارون الأماكن الأفضل لحجاج مصر، لأنهم بحكم إقامتهم بالمملكة أدرى بالأماكن المتاحة، وأسعارها أيضًا. والأمر ذاته يقال عن البعثات النوعية المرافقة للحجاج، فما الحاجة إلى سفر بعثة نوعية طبية وأخرى للدعاة وثالثة لوزارة السياحة ورابعة لوزارة التضامن؟ أليس هذا سفها وتبذيرا لأموال دافعى الضرائب؟! وإذا قيل إن وجود هذه البعثات ضروى تخفيفًا للعبء الملقى على عاتق السلطات السعودية، وخدمة لحجاج مصر، أرد بامكانية تشكيل هذه البعثات من الحجاج المتطوعين، فمثلا هناك مئات من الأطباء من مختلف التخصصات يتقدمون لأداء فريضة الحج، وبياناتهم عادة موجودة لدى وزارة الداخلية، فلماذا لا يتم اختيار بعضهم ليقوموا متطوعين وبإشراف من وزارة الصحة بمهمة البعثة الطبية، مع اعطائهم حافزا كإعفائهم من رسوم السكن بمناطق الحج، اعتقد أن كثيرين منهم سيفرحون لأنهم سيؤدون الحج، وفى الوقت نفسه يتقربون إلى ربهم بمداواة ضيوفه فى أحب بقاع الأرض إليه، والشيء ذاته يقال عن باقى البعثات النوعية، عدا بعثة وزارة الداخلية لطبيعة عملها الأمني. إن العمل التطوعى يعتبر واجبًا فى البدان المتقدمة وسببًا من أسباب تقدمها، لكنه عندنا مفقود لأمر أجهله. لمزيد من مقالات أسامة الألفى