الاستجواب كما هو معروف فى العلوم السياسية يعد أخطر أدوات الرقابة البرلمانية على الحكومة، لأنه يمثل اتهاما صريحا لها أو أحد أعضائها بالتقصير، مما قد يترتب عليه الإطاحة بها، حيث لا يجيز الدستور طلب سحب الثقة من الحكومة أو أى من الوزراء إلا بناء على استجواب. وشهد مجلس النواب الحالى ظاهرة جديدة تمثلت فى عدم مناقشة أى استجواب على مدى ثلاث دورات برلمانية متتالية، مما ينبئ عن أن هذه الوسيلة لمساءلة الحكومة فى طريقها إلى الزوال. ولعل تراجع تأثير الاستجوابات قد بدأ منذ قرابة عقدين من الزمان، حيث شهدت الحياة البرلمانية فى السنوات الأخيرة استجوابات لا تمثل ضغطا واضحا على الحكومات، وكان الكم وليس الكيف هو ما يميز الاستجوابات، حيث كان مجلس الشعب يناقش فى الدورة الواحدة زهاء 20 استجوابا، فى أربعة أو خمسة موضوعات مجمعة. فبدلا من التحضير الجيد للاستجوابات بالأدلة والأسانيد، مثلما كان يحدث إبان السبعينيات، حيث كان يستغرق بعضها 3 أيام من المناقشة والشد والجذب، يصول خلالها المستجوب ويجول بمستندات تحرز أهدافا فى مرمى الحكومة، فقد شهد البرلمان فى السنوات الأخيرة استجوابات مجمعة فى موضوع واحد، يصل عدد المستجوبين فيه إلى 7 نواب، لا يسعفهم الوقت أو المعلومات التى تحت أيديهم بالتسلل إلى مرمى الحكومة. وكان المشهد الأبرز عند مناقشة الاستجوابات هو استعراض عضلات المعارضة بأسانيد لا ترقى إلى خطورة القضية، فى حين كانت الحكومة تنعم بالراحة، لأنها تعلم جيدا أن الأغلبية ستسقط أى استجواب بالضربة القاضية. فالحكاية إذن هى إما أن تكون الوسيلة الرقابية فعالة وتؤدى الغرض منها، أو يتم تنحيتها جانبا مثلما حدث أخيرا، لاسيما إذا كان طلب الاستجواب لم يستوف شروطه الشكلية والموضوعية مثلما أعلن خلال الدورات الثلاث الأخيرة، ناهيك عن طبيعة المرحلة الراهنة التى يلتف فيها البرلمان حول الدولة لإعادة بناء مؤسساتها بعد ثورتى يناير ويونيو، ولا توجد رفاهة فى الوقت لتعطيل مسيرة الإصلاح، ولكن فى الوقت نفسه ينبغى للحكومة أن تدرك أن البرلمان لا يعطيها «شيكا على بياض» بأن تنحرف عن المسار، وهو ما رأيناه عندما أجبر مجلس النواب أحد وزراء الحكومة على الاستقالة لكن بوسيلة رقابية أخرى غير الاستجواب. لمزيد من مقالات ◀ أحمد سامى متولى