استقبل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وفدا حوثيا يضم الناطق الرسمى لحركة «أنصار الله» فى اليمن، وبعض القيادات الحوثية،فهل أراد حزب الله أن يبلغ خصومه رسالة معينة وهو يستقبل وفد الحوثى فى الضاحية الجنوبية معقل الشيعة وحزب الله فى بيروت؟ وهل أثرت زيارة الوفد الحوثى للضاحية فى زيادة عراقيل تشكيل الحكومة اللبنانية المكلف بتشكيلها زعيم تيار المستقبل سعد الحريرى منذ مايو الماضى وحتى اليوم؟ وهل هذه الزيارة المعلنة تؤكد مايردده التحالف العربى لمحاربة الحوثيين ،من دعم حزب الله بالصواريخ لجماعة الحوثي، ودعم الحزب ماديا قناة «المسيرة» الموجودة بالضاحية الجنوبية وهى لسان حال الحوثيين فى لبنان؟ وهل سياسة النأى بالنفس التى إنتهجها لبنان مع بداية الحرب فى سوريا لاتنطبق على الحوثيين؟ فقد أثار إعلان حزب الله عن استقبال أمينه العام حسن نصرالله يوم 19أغسطس وفداً من جماعة أنصار الله اليمنية التى يتزعمها عبدالملك الحوثى برئاسة الناطق الرسميّ محمد عبدالسلام، جدلاً لبنانياً وإماراتيّاً ويمنياً واسعاً. معارضو حزب الله فى لبنان قالوا: إن نصرالله كان يستطيع لقاء الوفد الحوثيّ دون أن يُعلن عن هذه الزيارة، مؤكدين أن كشف النقاب عن الزيارة فى هذا التوقيت مفاده تصعيد مع خصومه فى الخليج الذين يواجهون الحوثيين فى اليمن، ويتلقون صواريخ الحوثى على بعض المدن والمطارات،بما يعنى أن نصرالله يستقبل الحوثيين ،ولا يلتزم بسياسة النأى بالنفس، وهى رسالة خطيرة، تؤكد الإصرار على إقحام لبنان فى مشكلات المنطقة. كتلة المستقبل بزعامة رئيس الوزراء المكلف سعد الحريرى أصدرت بيانا مساء يوم الزيارة ، أعربت فيه عن أسفها لإصرار بعض الأطراف السياسية على خرق قواعد النأى بالنفس التى تكرست من خلال القرار الذى أجمعت عليه الأطراف المشاركة فى الحكومة. الناطق باسم الحوثيين محمد عبد السلام، ترأس وفد الجماعة الذى ضم عضو المجلس السياسى للحوثيين، عبدالملك العجري، ومدير قناة المسيرة الحوثية إبراهيم الديلمى ، قال عقب لقاء نصر الله: «التقينا بالأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، حاملين إليه سلام القيادة السياسية وتحيات الشعب اليمني، واعتزازهم بمواقفه الشجاعة والمبدئية تجاه اليمن فى مواجهة العدوان الغاشم». مصادر إعلامية فى لبنان تؤكد أن ذهاب الوفد الحوثى إلى لبنان يأتى للحصول على موافقة حزب الله على مشاركتهم المرتقبة فى المفاوضات التى ستنطلق خلال الشهر الحالى لحل الأزمة اليمنية. ومما لاشك فيه أن زيارة الوفد الحوثى إلى الضاحية الجنوبية أثر سلبا على سرعة تشكيل الحكومة، خاصة أن الزيارة تعد خرقا لسياسة النأى بالنفس التى ينتهجها لبنان بعيدا عن المشكلات الإقليمية . وكان لبنان قد تلقى رسالة من الحكومة الشرعية اليمنية موجهة إلى مجلس الأمن الدولى ، تتهم حزب الله بالعمل على ضرب محادثات جنيف ، من خلال إصدار تعليمات للحوثيين بإحباط هذه المحادثات استنادا إلى استقبال نصرالله للناطق بلسان الحوثيين فى الضاحية الجنوبية. وكان تحالف دعم الشرعية اليمنية قد أكد فى شهر مارس الماضى أن تهريب الصواريخ إلى الحوثيين لم يبدأ من طهران، بل من الضاحية الجنوبية ببيروت، إذ تنقل الصواريخ عبر سوريا إلى إيران، ومن ثم ترسل بحراً بواسطة السفن إلى اليمن، عبرميناء الحديدة الذى أصبح النقطة الرئيسية لتهريب الصواريخ وغيرها من الأسلحة إلى اليمن. قناة «المسيرة» فى بيروت الناطقة بلسان حال الحوثيين قالت إن اللقاء بين نصر الله والوفد الحوثى تناول الوضع السياسى فى اليمن، فى إطار الجهود المستمرة لعرض ما يواجهه الشعب اليمنى من أوضاع ، كما تم تناول عموم المستجدات الإقليمية والتحولات الدولية. بينما استنكرت الحكومة اليمنية الشرعية، تدخلات حزب الله فى اليمن،وقالت سفارة اليمن فى الولاياتالمتحدة: إن زيارة الحوثيين الأخيرة لزعيم حزب الله هى دليل آخر على دور حزب الله المزعزع للاستقرار فى البلاد، ودعمه الحوثيين، وهذه الزيارة تأتى قبل أسبوعين فقط من الجولة المقبلة من محادثات السلام التى ترعاها الأممالمتحدة فى جنيف. السفير اليمنى فى لبنان عبد الله الدّعيس قال تعليقا على زيارة الحوثيين للضاحية الجنوبية فى تصريح إعلامى إن حزب الله لا يمارس سياسته كحزب لبنانى مستقل بل ينفذ سياسة إيران. من جانب آخر لا يعد لقاء نصر الله بوفد حوثى ،الأوّل من نوعه، ولكن هذا اللقاء هوالأول من حيث الإعلان عنه من قبل حزب الله على عكس اللقاءات السابقة، وتوثيق بعض مجرياته. بعض المراقبين فى لبنان يرون استقبال الحوثيين فى بيروت تأكيدا لهوية حزب الله الإيرانية وانتسابه إلى مخطط إيران وما يسمى بالهلال الشيعى فى المنطقة، خاصة أن لبنان الرسمى لم يعلق على الزيارة سلبا أو إيجابا. وتأتى الزيارة العلنية للوفد الحوثى إلى الضاحية الجنوبية ولقاء الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، ونشر صورة اللقاء علانية فى وسائل الإعلام، فى وقت تحاصر فيه أمريكاإيران بعقوبات اقتصادية تطاول بعض قادة وشركات حزب الله وإيران فى لبنان، وحصار حزب الله المتهم أمريكيا وخليجيا بدعم وممارسة الإرهاب، وسط مخاوف لحزب الله من الوضع فى العراقوسوريا،خشية زيادة الضغوط على الحزب للانسحاب من المشاركة فى الأحداث الدامية فى سوريا،فهل فعل حزب الله ذلك وهومدرك لمخاطر اللقاء على تشكيل الحكومة اللبنانية،والوضع الإقتصادى المتأزم فى لبنان ،ورغبة لبنان الملحة فى إعادة حوالى مليونى نازح سورى إلى ديارهم بمبادرة روسية رحب بها لبنان وبدأت بالفعل،وهل فعل ذلك حسن نصر اللله للتخفيف عن الضغوط التى تتعرض لها إيران داخليا وخارجيا، وهل ستؤثر الزيارة الحوثية للضاحية الجنوبية على موقف دول الخليج الداعمة للبنان سياسيا وإقتصاديا؟ من الواضح أن الزيارة أثرت سلبا على سرعة تشكيل الحكومة وزادت الفرقة بين الفرقاء اللبنانيين المؤيدين لإيران، والمؤيدين لدول الخليج المعارضة لسياسة حزب الله وإيران فى المنطقة.