حين كانت مصر محتلة حاول المستعمر مرارًا القضاء على الهوية الإسلامية للمجتمع المصري، لأنها تعوق استمرار احتلاله، تارة بزعم عدم مواكبة الشريعة للعصر، وأخرى بدعوى أن هناك مواطنين غير مسلمين يعيشون بالبلاد، وقد أدرك المصريون مسلمين وأقباطًا هدفه فجاء الرد مفحمًا على لسان الزعيم الوطنى القبطى الكبير مكرم عبيد: نحن مسلمون وطنًا ونصارى دينًا، اللهم اجعلنا نحن المسلمين لك، وللوطن أنصارًا، اللهم اجعلنا نحن نصارى لك، وللوطن مسلمين. ورحل المستعمر وبقى بيننا مِنْ أفراخ المستشرقين وكتاكيتهم السوداء مَنْ يروجون لأفكاره المسمومة، فبعد أن شككوا فى كتب الأحاديث الشريفة ومصداقيتها، وصل الأمر إلى الطعن فى كتاب الله، عبر المطالبة بإلغاء آيات الجهاد، بزعم تحريضها على العنصرية والتطرف، وتعديل بعض الأحكام الشرعية مثل المواريث، بحجة أنها لا تنصف المرأة! وكأنهم يريدون أن نتبرا من الشريعة ونعلن الإلحاد. وبدلاً من المطالبة بإعطاء المرأة حقوقها فى الميراث، التى قررها الله لها ويحجبها عنها بعض الظالمين لأنفسهم، هلل هؤلاء لقرار رئيس دولة مسلمة شقيقة بالمساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث، داعين الحكومة المصرية إلى الاقتداء به، والتلاعب فى نص قرآنى صريح لا يقبل التأويل، بدعوى أن النص يظلم المرأة ولم يعد مناسبًا لواقع العصر، ولم يدركوا أنهم بذلك يكشفون جهلهم بشرع الله، إذ إن للمرأة فى الميراث أربع حالات، الأولي: أن تأخذ نصف ميراث الرجل، والثانية: أن تأخذ مثل الرجل، والثالثة : أن تأخذ أكثر من الرجل، والرابعة: أن ترث المرأة ولا يرث الرجل، ومن يريد تفصيلاً يمكنه الرجوع إلى كتب فقه المواريث. إن الزعم بتاريخية نص القرآن الكريم، الذى سبق أن نادى به حسن حنفى فى كتابه التراث والتجديد، فنده ورد عليه فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر د. أحمد الطيب فى كتابه التراث والتجديد مناقشات وردود». والقول بأن آيات القرآن الكريم تناسب زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وتنسخ بتوالى الأزمنة، مردود بأن شريعة الإسلام تتميز بعموميتها زمانًا ومكانًا، مصداقًا لقوله تعالى «تَبَارَكَ الَّذِى نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا» وقوله: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا». فما كان المولى جلت قدرته ليقر شريعة الإسلام خاتمة لرسالاته ومكملة لتشريعاته، لو لم تكن مناسبة لكل زمان ومكان، يوضح ذلك توجيهه لرسوله صلى الله عليه وسلم بعدم المس بشيء مما أنزل «وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ»، و«ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ». المفجع أن هؤلاء يدلسون على البسطاء ويستخدمون أسلوب لا تقربوا الصلاة للتدليل على رؤيتهم باستشهادهم بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «كَانَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكُمْ» فَشَأْنُكُمْ، ولا يكملون باقى الحديث ونصه: كَانَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكُمْ فَشَأْنُكُمْ، وَكَانَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ دِينِكُمْ فَإِلَيَّ». لمزيد من مقالات أسامة الألفى