► «أظلم الأوقات هى التى يؤمن فيها الإنسان بأن الشر هو الطريق للخير» «تراب الماس» رواية صدرت عام 2008 للكاتب أحمد مراد، وحققت نجاحا كبيرا آنذاك حتى إن القراء كانوا فى انتظار تحويلها إلى فيلم سينمائى ليشاهدوها على الشاشة، وبعد مرور عشر سنوات على إصدار الرواية تغيرت أحداث وأنظمة مما جعل أحمد مراد يقوم بتعديلات عليها بما يتناسب مع العصر إذ أن الرواية تتشابك مع أحداث سياسية وتاريخية وهى مهداة إلى رجل الفرصة الاخيرة... الرئيس الأسبق محمد نجيب. تبدأ الرواية كما يبدأ الفيلم المأخوذ عنها بجملة تقول «أظلم الأوقات فى تاريخ الأمم هى الأوقات التى يؤمن فيها الإنسان بأن الشر هو الطريق الوحيد للخير». احداث الفيلم تبدأ بلقطات تاريخية عن ثورة 1952 يظهر فيها محمد نجيب وجمال عبد الناصر ممزوجة بلقطات لحارة اليهود التى كان يقطن فيها الجد الكبير حنفى الزهار وابنه حسين والخواجة اليهودى ليبيتو صديق الجد ووالد الحب الوحيد لحسين الزهار «تونا». تدور الأحداث حول طه حسين الزهار الطبيب الصيدلى الذى يعمل فى صيدلية ويعيش مع ابيه المقعد مدرس التاريخ سابقاً والذى اصبحت هواياته الجلوس فى غرفته ومراقبة الناس من خلال نظرته المعظمة حتى يرى أشياء لم يكن من المفترض رؤيتها لتبدأ الاحداث المختلفة بنسبة كبيرة عن الرواية سواءً فى تسلسلها أو اشخاصها فقد حذفت شخصيات مثل صديقة ياسر وأضيفت شخصية الإعلامى شريف مراد كما تغيرت النهاية. كتب السيناريو للرواية احمد مراد بما يتوافق مع مرور عشر سنوات على كتابته للرواية إذ أن وسائل الإعلام لم تكن بالقوة التى عليها اليوم مما أظهر شخصيات إعلامية شهيرة ليضع مراد شخصية الإعلامى شريف مراد كشخصية بطله فى الأحداث وأيضا تكثيف الأحداث حيث إن مدة العرض مختلفة عن حجم الرواية المطبوعة فيما يقرب من 400 صفحة فقد استطاع مراد نسج أحداث متسلسلة تتمتع بمفاجآت غير متوقعة حتى النهاية فكانت الاحداث سياسية بوليسية رومانسية.. التمثيل: آسر ياسين فى شخصية طه الزهار، وهو محرك الأحداث، استطاع فى كل عمل أن يقدم جديدا فى أدائه واكتسب خبرة من كل من عمل معهم فقد قام بأداء شخصية الدكتور الصيدلى المحمل بميراث والده الثقيل الذى قرر أن يكمل ما بدأه والده بأداء متزن فهو الشخص الضعيف ظاهريا والذى يتمتع بعقلية قوية. ماجد الكدوانى «العقيد وليد سلطان»: ممثل من طراز مختلف حينما يظهر بحضوره القوى فأنت لاتملك إلا أن تنتظر أن ترى ماذا سيفعل؟ ففى أول ظهوره نشعر بأننا أمام ممثل كوميدى ثم نكتشف شخصيته مع تطور الأحداث. قام ماجد الكدوانى بشخصية الضابط من قبل لكنه فى دور العقيد وليد ممثل يرتقى للممثلين الكبار. منة شلبى فى دور سارة جارة طه فى العمارة ومساعد الإعلامى شريف مراد دورها يمر بالعديد من المراحل بالنسبة للشخصية واستطاعت من خلال شخصيتها المركبة أن تمسك كل مرحلة بتفهم الشخصية وأدائها فجاء أداؤها سلسا. اياد نصار: مع كل عمل يقدمه يأتى بأداء مختلف فهو هنا الإعلامى الذى كان مناضلا لكنه اكتشف ان الزمن تغير فتغير مع الزمن وأصبح الاعلامى المشهور الذى يتمتع بالعديد من الوجوه منها الوجه المظلم. بيومى فؤاد «الخواجة ليبيتو»: برغم ظهوره المستمر فى أغلب الأعمال إلا أنه فى شخصية الخواجة أداء مختلف.. ممثل كبير استطاع أداء الشخصية بكل ما فيها من تناقضات الحب والخيانة. محمد ممدوح: السيرفيس البلطجى الذى يقوم بكل الأعمال القذرة.. ممثل يتمتع بوجه يستطيع أن يطوعه كما يريد: طيب شرير محب.. أى شخصية وهو هنا استطاع أداء الشخصية بكل ما فيها من عنف. عادل كرم «هانى برجاس» ممثل لبنانى كوميدى لكنه فى شخصية برجاس الابن استطاع اداء الدور بطريقة مختلفة. صابرين عمة طه: رغم أن عدد مشاهدها فى الأحداث قليلة الا أنها مؤثرة خصوصا مشهدها الأخير مع طه وهى تحكى عن الشيخ الذى قرر قتل الأسياد لراحة العباد ممثلة كبيرة. شيرين رضا «بشرة صيرة»: مع كل دور تقوم به شيرين تفاجئ به الجماهير ودور بشرة القوادة من الأدوار المفاجأة رغم قلة ظهورها على الشاشة إلاأنها كانت حاضرة بقوة. أحمد كمال «حسين الزهار»: ممثل من نوع نادر رغم أنه يعتبر من ممثلى المسرح الكبار وأدواره قليلة فى السينما إلا أنه دائما يترك بصمة فمن ينسى دوره فى الكيت كات الصايغ صاحب الدراجة البخارية «الفسبا» التى أخذها الشيخ حسنى والذى تركته زوجته؟ أو دوره فى «يوم مر ويوم حلو» ممثل معلم لفن التمثيل. عزت العلايلى «بريجاس الكبير»: رغم مشاهده القليلة إلا أنه كبير «تراب الماس» ممثل من زمن طويل فى الفن حيث عمل مع مخرج الروائع حسن الامام والعالمى يوسف شاهين..عزت العلايلى كما كانت شخصية بريجاس تاريخ الأحداث فالممثل عزت العلايلى تاريخ السينما. التصوير: أحمد المرسي: أحداث الفيلم تدور على مدار 65 سنة استطاع مرسى التعامل مع القديم كما أن الإضاءة تحوى الإثارة خصوصاً فى منزل طه إذ كانت فى خدمة دراما الاحداث.. ايضا فى استخدام اللقطات الطويلة التى لجأ إليها المخرج وكانت على مستوى الإضاءة رغم صعوبتها. المونتاج: أحمد حافظ: فيلم «تراب الماس» من الأعمال التى يكون فيها الإيقاع مهما فهى تعتمد على طول اللقطة أو قصرها رغم لجوء المخرج للقطات الطويلة فى بداية الأحداث مما كان لا يد للمونتير فيها فجاءت طويلة استطاع حافظ التعامل مع دراما الأحداث بحرفية مما خدم الدراما، فكان الجزء الثانى من الاحداث يسير بسلاسة وهو ما يميز حافظ الذى عمل كثيرا مع مروان والعديد من المخرجين. الموسيقي: هشام نزيه من أهم الموسيقيين فى مجال الموسيقى التصويرية فهو مبدع موسيقى «السبع وصايا» وهنا استخدم الموسيقى ودمجها فى مشاهد مع صوت دقات الساعة لأهمية الوقت بالنسبة للأحداث ومعها الآهات تعلو والموسيقى الجنائزية حينما كان طه يقرأ عن الشرير والانتقام منه واستخدامه للبيانو والآلآت الإيقاعية. أيضا الموسيقى التى تتصاعد تدريجيا لإحداث حالة من الإثارة كما حدث فى الموسيقى التى بدأت من حوار طه مع العقيد فى القسم، حينما رأى ملف قضية والده واخباره عن صاحب اليد اليسرى إذ اصبحت الموسيقى تتصاعدبعد الانتقال على كلام شريف مراد فى البرنامج حتى وصلت لأعلى «تون» فى كلام شريف عن محمد نجيب وأنه لم يعد لمنزله إلا بعد 29 عاما. الموسيقى كانت تغلف الصورة لتكملها. الإخراج: مروان حامد استطاع أن يبدأ من اختياره للكاست وحتى ظهور الفيلم للجمهور بإبداع فيلم كبير قد يصنف تجاريا لكنه مختلف لمروان عن أفلامه السابقة فى لجوئه للقطات الطويلة وهى لقطات مثل موت الجد «سامى مغاوري» رغم أنها كتبت فى الرواية أفضل من الفيلم ولكن قام مروان باستخدام اللقطات الطويلة فى مواقع اخرى بحرفية كبيرة كانت فى خدمة الدراما. مروان مخرج كبير فهو صاحب أفلام «ابراهيم الابيض» و«الأصليين» و«الفيل الأزرق» فهو يختار أبطال اعماله بعناية ويوجههم بطريقة مخلتفة. فيلم «تراب الماس» انتظره الجمهور لكنه جاء مختلفا عن الرواية ويستحق المشاهدة.